انتقل عامل الإغاثة توقير شريف، الباكستاني صاحب الجنسية البريطانية، مع زوجته راكيل هايدن بيست، في عام 2013 إلى سوريا، للعمل في الشؤون الإنسانية، بعد تنقله في دول عدة للغرض نفسه، لكنها كانت الرحلة الأطول، وما زالت نهايتها غير معروفة.
سبقت رحلته إلى سوريا مشاركته بالأعمال الإغاثية في باكستان، كما كان عام 2010 أحد المتطوعين على سفينة “مرمرة”، التي كانت متجهة إلى قطاع غزة في فلسطين لتقديم المساعدات وكسر الحصار.
لكن بعد قدومه إلى سوريا، جُرد توقير من الجنسية البريطانية في أيار 2017، لأنه “انحاز إلى جماعة متحالفة مع تنظيم القاعدة” إضافة إلى أنه مزدوج الجنسية (بريطاني/ باكستاني)، وعودته تشكل خطرًا على الأمن القومي البريطاني، حسب وزير الداخلية البريطاني، أمبر رود، آنذاك.
توقير اعتبر قرار تجريده من الجنسية متعارضة مع القيم البريطانية، حسب تصريحه لموقع “ميدل إيست آي” في آذار 2019، مضيفًا أن والديه جاءا من باكستان إلى بريطانيا وهما طفلان، وهو لم يزر باكستان إلا مرة واحدة للعمل في الحقل الإغاثي.
الزيارة الأولى لشريف إلى سوريا كانت في عام 2012، لينتقل بشكل فعلي في بداية 2013 ويستقر في مخيم “أطمة” على الحدود السورية- التركية.
أنجب توقير من زوجاته الثلاث تسعة أطفال، أربعة من زوجته البريطانية بعد قدومهما إلى سوريا، واثنين من الثانية، وثلاثة من الثالثة.
وفي 2015 مُنع توقير من استخراج جواز لابنه الأول، كما لا يملك أي من أطفاله وثائق سفر تسمح لهم بمغادرة الأراضي السورية بشكل قانوني، لكن زوجته الأولى ما زالت تحمل الجنسية البريطانية ولم تجرد منها.
ظهوره الإعلامي جعله أبرز عاملي الإغاثة الأجانب
مع مرور السنين أصبح توقير أحد أبرز الأجانب الذين يعيشون في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، بسبب نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي، وتغطية نشاطاته الإغاثية من قبل وسائل إعلام عالمية كـ”BBC” و”CNN” و”MEE”، الذي كتب له كمساهم في عام 2016.
ونفى توقير لصحيفة “الغارديان” البريطانية، في 4 من آذار الماضي، أي صلة لمنظمة “Live Updates from Syria” (تطورات حية من سوريا)، التي أنشأها عام 2012، بالتنظيمات المسلحة، مضيفًا “تاريخنا موثق بشكل جيد، لدينا 41 مشروعًا جاريًا، مع طاقم من 170 شخصًا، إننا منظمة مؤسسة بشكل جيد على الأرض، الشعب السوري يرى قيمة عملنا ويحبنا”.
ومن المشاريع التي يمولها توقير، مدارس “أبناء الشام”، ونادي “قاح” الرياضي، إضافة إلى مخيمين أحدهما مخصص للأرامل والأيتام، ويتركز نشاطه في المناطق الحدودية بشكل عام، وبلدة أطمة بشكل خاص.
وتعتمد منظمة “Live Updates for Syria” على التبرعات والعمل مع الجمعيات الخيرية الدولية والمنظمات الإنسانية، وأسهمت في بناء مساجد ومدارس ومحطات مياه تعمل على الطاقة الشمسية في أطمة.
أسهم شريف في تقديم المساعدة إلى مناطق شرقي حلب خلال حصار المدينة عام 2016، وعمل مع فريق “الدفاع المدني السوري” في إنقاذ الناس واستعادة الجثث عقب الضربات الجوية.
وبرر حمله للسلاح في سوريا ثم تعيينه حارس أمن بحماية عمليات تسليم المساعدات، “وسط مخاوف متزايدة بشأن سلامة المتطوعين الأجانب”، حسب “MEE”.
“التحريض على الانشقاق والتفرقة”
اعتقلت “هيئة تحرير الشام”، في 23 من حزيران الماضي، توقير دون أن تبين مكان اعتقاله.
وبرّر تقي الدين عمر، مسؤول المكتب الإعلامي في “هيئة تحرير الشام” لعنب بلدي، اعتقال “أبو حسام” بـ”ادعاءات خطيرة بحقه، لا يمكن التغاضي عنها، فأوقف على ذمة التحقيق”.
وأوضح عمر أن هذه الادعاءات تتعلق بـ”سوء إدارة أموال الإغاثة، ونقل جزء منها لدعم بعض المشاريع التي تحرض على الانقسام والانشقاق والتفرقة”.
وسيطلق سراح “أبو حسام” إذا “رُدت الادعاءات وتأكد عدم صحتها، ليعود ويمارس عمله كما كان”، بحسب ما أكده عمر.
وسبق اعتقال “أبو حسام” اعتقال القياديين السابقين في “هيئة تحرير الشام”، “أبو مالك التلي” و”أبو صلاح الأوزبكي” بعد انضمامهما إلى غرفة عمليات “فاثبتوا” التي تضم “جهاديين”.
وطالب الإعلامي الأمريكي في إدلب بلال عبد الكريم “هيئة تحرير الشام” بإطلاق سراح “أبو حسام البريطاني” على الفور، وتوضيح التهم الموجهة إليه.
كما أجرى مقابلة مع زوجة توقير شريف، راكيل هايدن بيست، في 27 من حزيران الماضي، التي أكدت تعرض زوجها للضرب عند الاعتقال، وأن “تحرير الشام” قالت إنهم يجرون تحقيقات معه.
وفي حديث لعنب بلدي قالت زوجة توقير، إنها زارت زوجها مرة واحدة بعد اعتقاله في مكان مختلف عن معتقله، وكان جبينه مجروحًا ويحتاج إلى خياطة، وهو ما لم تفعله إدارة السجن.
–