ضغط روسي لإبقاء الشمال السوري برئة واحدة
عنب بلدي – خاص
عادت روسيا مجددًا للضغط في قضية المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وذلك بالتزامن مع التحذيرات الأممية من ازدياد الاحتياجات الإنسانية اللازمة لسكان مناطق شمال غربي سوريا، خاصة في ظل انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
أبلغت روسيا أعضاء مجلس الأمن عن طلبها تخصيص نقطة حدودية واحدة فقط لعبور المساعدات الإنسانية إلى سوريا، بدلًا من نقطتين حاليًا، حسبما نقلت وكالة “فرانس برس” عن دبلوماسي (لم تذكر اسمه)، في 2 من تموز الحالي.
وذكر المصدر الدبلوماسي أن روسيا تريد نقطة واحدة لدخول المساعدات ولمدة ستة أشهر على الحدود التركية، في حين أكد دبلوماسي آخر أن روسيا تحدثت عن إيقاف آلية المساعدات عبر الحدود، مشيرًا إلى أن “المفاوضات معقدة”.
وتزامن ذلك مع تحذيرات الأمم المتحدة التي فصّلت الاحتياجات الإنسانية في مناطق شمال غربي سوريا، بتقرير لها في 26 من حزيران الماضي، قائلة إنها وصلت إلى مستويات غير مسبوقة.
ويسكن في هذه المناطق نحو أربعة ملايين و100 ألف شخص، منهم مليونان و800 ألف بحاجة للمساعدات الإنسانية، كما يبلغ عدد المهجرين قسرًا والنازحين في المخيمات العشوائية والرسمية مليونين و700 ألف شخص.
وأشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن 76% من مجموع سكان تلك المناطق هم من الأطفال والنساء.
وبحسب تقرير فريق “منسقو استجابة سوريا“، في 27 من نيسان الماضي، يوجد في شمال غربي سوريا ألف و277 مخيمًا، وتحتوي التركيبة السكانية على ما مجموعه 412 ألفًا و679 من أصحاب الحالات الخاصة (أطفال أيتام، ذوو إعاقة، أرامل بلا معيل).
وهذا ما دفع نائب منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، مارك كوتس، للتغريد عبر حسابه في “تويتر”، في 3 من تموز الحالي، قائلًا إن “عملية الإغاثة عبر الحدود تعتبر شريانًا حيويًا لهؤلاء الناس، ولذلك من المهم للغاية تمديد قرار مجلس الأمن”.
هذا هو مخيم أطمة في إدلب و هو أكبر مخيم للنزوح في #سوريا. هناك ما مجموعه 2.7 مليون نازح في شمال غرب سوريا. تعتبر عملية الإغاثة عبر الحدود شرياناً حيوياً لهؤلاء الناس و لذلك من المهم للغاية تمديد قرار مجلس الأمن. pic.twitter.com/aSl2arw5Pk
— Mark Cutts (@MarkCutts) July 3, 2020
وذكر “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” (أوتشا) أن خطة الاستجابة الإنسانية في سوريا تحتاج إلى ثلاثة مليارات و800 مليون دولار، بما فيها 380 مليون دولار للاستجابة من أجل فيروس “كورونا”، الذي سجلت سوريا حتى إعداد التقرير 338 إصابة به، شُفي منها 123 حالة وتوفي عشرة أشخاص.
ومُوّلت هذه الاحتياجات بنسبة بلغت فقط 30.3%، ويحتاج النازحون في المخيمات العشوائية والمنظمة إلى 25 مليون دولار، جُمع منها مليونان و200 ألف دولار فقط، ما نسبته 9% من المجموع الإجمالي.
ورافق ذلك ارتفاع بأسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة كبيرة بلغت 209% وسطيًا، مقارنة بحزيران 2019، ووصل معدل الفقر في سوريا إلى 90%، وبلغت قيمة المساعدات اللازمة لتغطية تلك الاحتياجات مليارًا و100 مليون دولار، جُمع منها 314 مليونًا و800 ألف دولار، ما نسبته 28% من الإجمالي المطلوب.
وكان مجلس الأمن أقر القرار رقم 2165 في 2014، الذي نص على إدخال المساعدات دون تفويض من جانب دمشق لمدة عام واحد، قبل أن يبدأ تجديده في كل عام.
وكانت المساعدات تدخل من أربعة معابر هي: “باب السلامة” و”باب الهوى” عن طريق تركيا، ومعبر “اليعربية” عن طريق العراق، ومعبر “الرمثا” عن طريق الأردن.
لكن في 10 من كانون الثاني الماضي، قلّص مجلس الأمن الدولي عدد المعابر إلى اثنين هما “باب السلامة” و”باب الهوى”، ولمدة ستة أشهر فقط، وهو ما يتوافق مع الطلب الروسي، بانتظار الاتفاق على قرار جديد، في 10 من تموز الحالي.
وتقول روسيا، التي تستخدم حق النقض (الفيتو) لمنع تجديد قرار المساعدات دون موافقتها، إن مرور المساعدات عبر الحدود يخرق “السيادة السورية”.
وطالبت منظمات إنسانية وإغاثية، خلال الأيام الماضية، بتجديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سوريا.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير سابق، إن “على مجلس الأمن التحرك بسرعة للسماح مجددًا بإدخال مواد الإغاثة الإنسانية عبر معبر اليعربية إلى شمال شرقي سوريا، إلى جانب معبرين حدوديين مع تركيا يؤديان إلى شمال غربي سوريا”.
ونبّهت إلى أن “عدم القيام بذلك، سيفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا في ظل النقص الحاد بالمواد الطبية وغيرها”، ما قد يزيد من انتشار فيروس “كورونا”.
ولا يعني توقف المساعدات الأممية عبر الحدود توقف عمل المنظمات الإغاثية، ولا انتهاء المساعدات الواصلة إلى المحتاجين، إذ يرتبط القرار بمؤسسات الأمم المتحدة فقط.
وفي حال توقف القرار، فإن عمل المنظمات الإنسانية في الشمال السوري سيكون مرتبطًا بعاملين، الأول موافقة الحكومة التركية على السماح للمؤسسات الدولية والمحلية بالعمل من خلال أراضيها وعبر حدودها، لتنفيذ المشاريع كما كان يحصل قبل عام 2014، والثاني التزام الدول الداعمة بتقديم التمويل بالرغم من إيقاف القرار.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :