عنب بلدي – درعا
قاومت دموعها وهي تنظر إلى كاميرا الهاتف المحمول وتتوجه برسالتها إلى كل من يسمع: “خرجت من المدرسة ولم تصل. نعرف أنها وصلت إلى نصف الطريق ولا نعرف شيئًا آخر”، ثلاثة أشهر ونصف مرت على رسالة الأم الخائفة، وما زالت ابنتها سلام دون أثر.
اختفت الفتاة ذات العشر سنوات في أثناء عودتها من مدرستها في بلدة الطيبة بريف درعا الشّرقي قبل أربعة أشهر، ورغم مناشدات ذويها وعرضهم دفع مبلغ 20 مليون ليرة سورية لمن يدلي بمعلومة عن مصيرها، فإنهم لم يسمعوا إلا الصمت.
سلام الخلف لم تكن الطفلة الوحيدة التي هز اختفاؤها أهالي درعا خلال الأشهر الماضية، إذ سبق اختفاءها، في تشرين الثاني 2019، اختفاء الطفل ميار علاء الحمادي، البالغ من العمر ست سنوات، بظروف مشابهة.
يرى “أبو علاء النعسان”، أحد سكان المنطقة الشرقية وذو صلة مع أهل الفتاة المختفية، أن ظاهرة الخطف انتشرت منذ عامين، بعد سيطرة جيش النظام على المنطقة الجنوبية، و”خاصة خطف الأطفال”، حسبما قال لعنب بلدي.
وسببت تلك “الظاهرة” تخوف مواطنين في درعا، ورصدت عنب بلدي خشية أمهات من توجه الأطفال إلى المدرسة وحدهم، وتحوّل الآباء إلى دور “الشرطي” لحراسة أبنائهم على الطرقات.
وحمّل بعض الأهالي، الذين استطلعت عنب بلدي آراءهم، أجهزة النظام مسؤولية “الفلتان الأمني وانتشار ظاهرة الخطف واختفاء الأطفال”، وقال بعضهم إن تجارة الأعضاء وسعرها المغري يدفع ضعاف النفوس إلى خطف الأطفال، لسهولة خطفهم وقلة مقاومتهم، بحثًا عن المردود المالي.
لكن لا يوجد دليل فعلي يؤكد وجود تجارة أعضاء في المنطقة.
بين الاختفاء والخطف
ميّز عضو مكتب “توثيق الشهداء والمعتقلين في درعا” عمر الحريري بين الخطف والاختفاء، وقال لعنب بلدي إن مصطلح الخطف “يطلق على المختفي الذي يُعرف مصيره، والجهة الخاطفة له، وأهدافها من وراء خطفه”.
أما الحالات المجهولة التي لا يطلب فيها فدية، فيمكن أن يطلق عليها مصطلح “اختفاء”، كحال الطفلة سلام والطفل ميار لمجهولية مصيرهم.
ونفى الحريري تزايد ظاهرة الخطف في العامين الماضيين، مشيرًا إلى أنها كانت موجودة قبل سيطرة النظام على المنطقة، في تموز من عام 2018، ولكن “التسليط الإعلامي أصبح أكبر عليها بعد سيطرة النظام”.
ووثق مكتب “توثيق الشهداء والمعتقلين في درعا” اختفاء تسعة أشخاص، بينهم طفلان، وخطف 37 شخصًا، من بينهم طفل، منذ بداية العام الحالي.