عروة قنواتي
ما هكذا كانت أمنيات العشاق بعد العودة إلى لعب الجولات المتبقية من عمر “لا ليغا” في إسبانيا، وما هكذا كانت تطلعات الجماهير في البيت الكتالوني لمستقبل اللقب، الذي كان قريبًا وإذ به يبتعد ويبتعد برفقة الغريم والمصارع الأكبر، نادي ريال مدريد.
وعلى الرغم من إيمان أغلب المتابعين للفريق الكتالوني بأن الموسم الحالي والسابق لا يعوّل من خلالهما على فريق جديد يحمي ألوان البارسا في المواسم المقبلة، فإن جعبة النتائج والتوقف الاضطراري كان لهما أثر تفاؤلي بلقب جديد لربما يكون بوابة للإصلاح.
فماذا يحدث مع أبناء البارسا؟ وكيف انتهت الأمور إلى هنا؟
ثلاثة تعادلات أسقط بها البارسا أوراق فرصته بحمل لقب الدوري لمصلحة الغريم ريال مدريد، إذ كسب ثلاث نقاط وأطاح بست نقاط غالية، بينما استمرت انتصارات الملكي بغض النظر عن أي ظروف وأيًا كان شكل اللقاء، وبعيدًا عن عبث الكلمات والأسطر التي تهاجم صافرة هنا وتقنية هناك، ابتعد الملكي بأربع نقاط عن برشلونة مع تبقي خمس جولات فقط على نهاية الدوري.
معنويًا ومنطقيًا، وأمام حجم المسؤوليات في الناديين، فقد خسر البارسا الموسم الحالي وعاد الملكي إلى اللقب المحلي مجددًا، إلا أن كرة القدم عودتنا دائمًا على المفاجآت وعلى “اللا مستحيل” داخل المستطيل الأخضر، وعليه فإننا نسجل الوقائع ولا نجزم بالنتائج، فربما يقلب البارسا الطاولة على خصمه في الجولات الأخيرة مع صعوبة تقديم الهدايا في هذه اللحظات.
تشكيلة الريال تركز تمامًا على كل لقاء، وفي داخل كل الدقائق يكتب زيدان محاولات الفوز، بينما دبت الفوضى في غرفة ملابس برشلونة وانتقلت إلى مضمار الملعب، وصولًا إلى أروقة مجلس الإدارة، وآخرها أحاديث عن مستقبل ميسي في الفريق بعد عام 2021!
لا أحد من عشاق البارسا يرغب بتصديق وفتح هذه الصورة: “لا يريد ميسي البقاء في برشلونة”، “ميسي مستاء جدًا من تسريبات تنتقل كالنار في الهشيم”، “ميسي لا يرد على سارابيا، مساعد كيكي سيتين، أمام العدسات، ويعود في المباراة التالية لسماعه وكأن شيئًا لم يكن!”، هل الصراع احتدم فعلًا بين رأس الهرم وقائد الفريق إلى هذا الحد؟ وهل لسقوط برشلونة حاليًا في صراع الصدارة سبب فني خالص أم أنه سبب معنوي وإداري؟
كيف لفريق ينافس درة الأندية في العالم، يعلو فوقها تارة ويتصارع معها أخرى، يسقط ويخرج ويستعيد ألقه كما كل هذه الدرر، أن يحتفظ بخزان المشاكل إلى هذا الحد؟ وكيف له أن يطيق حرارة الانفجار؟ ما نوع العبث الذي تفاقم في الأسرة الكتالونية حتى يضطر ميسي للرحيل؟ وربما يرحل فعلًا!
صاحب الـ700 هدف وليالي التتويج والإنجازات، ورفيق درب البارسا منذ عام 2004 بحله وترحاله، وصاحب أكبر وأضخم عنوان للإشاعات الدائمة، بدءًا من اختياره للاعبين في التعاقدات وصولًا إلى وضعه التشكيلة الرسمية للمباراة في النادي وفي المنتخب، بدأ يتململ من الوضع الحالي، والوضع كان يشير إلى هذه الساعة منذ ما قبل فيروس “كورونا”، ومع أول فتيل عقب هزيمة السوبر والتصريحات المتبادلة بينه وبين المدير الرياضي إريك أبيدال، النار كانت تشتعل ولا يرغب أحد في تخفيفها على الأقل.
ميسي والفريق جزء من المشكلة وشركاء في المسؤولية نعم، المدرب ومساعده والمدرب الأسبق نعم، ولكن الأصابع والإشارات تذهب باتجاه صاحب المسؤولية الأكبر والسبب الأبرز في تدهور وضع النادي وهو مجلس الإدارة والسيد بارتوميو ومن معه.
قد يكون الموسم الحالي صفريًا في “لا ليغا” وفي دوري الأبطال بحلول آب المقبل، وقد يكون الموسم المقبل صفريًا أيضًا، لكن المؤكد أن الأمور لن تبقى “للعبث”، والتجارب السابقة ما زالت في الأذهان.
الفوضى لا تستمر في البيت الكتالوني حتى لو شرب بعضهم نخب الرحيل، رحيل ميسي.