ريف إدلب – شادية التعتاع
“لا مطبخ ولا حمام خاص. خصوصيتنا غائبة”، تلخص فاطمة الخطيب، النازحة في مخيم “مزن” ببلدة كللي شمالي إدلب، أبرز مشاكل النساء النازحات، وسط غياب خصوصيتهن، مع اكتظاظ المخيمات بالنازحين.
تضطر النازحات في مخيم “مزن” إلى استخدام الحمامات المشتركة، وهو ما يسبب إحراجًا كبيرًا لهن، بينما يستخدمن المطابخ مع غيرهن، الأمر الذي يجعلهن دائمًا في حالة من عدم الراحة لدى تحضير الطعام للعائلات.
نزحت فاطمة من مدينة كفرنبل جنوبي إدلب، حيث كانت تعيش في منزلها بـ”أريحية”، أما في المخيم فلا توجد إضاءة ليلية، ما يزيد من معاناة الوصول إلى الحمامات المشتركة، التي تكون بعيدة عن الخيام أحيانًا.
وتعاني النساء في المخيمات من تأمين مستلزمات النظافة الكاملة، بسبب قلة المياه أو مواد التنظيف والعناية الشخصية، ويضطررن لحمل المياه من مسافات بعيدة للحفاظ على النظافة، بحسب فاطمة.
احتياجات غير متوفرة
تفتقد المرأة في المخيمات لاحتياجاتها الأساسية التي تشعرها بالأمان والراحة، بحسب ما أكدته الاختصاصية النفسية نرمين خليفة، لعنب بلدي.
فمن خلال عملها في الدعم النفسي، صادفت نرمين كثيرًا من النساء ممن لديهن الخوف من العيش في المخيم، على الرغم من عدم القدرة على دفع إيجارات المنازل في المدن والقرى، وفق ما قالته لعنب بلدي، “وقد يتسبب ذلك باكتئاب، يرتبط بحجم الضغوطات التي تتعرض لها المرأة ودرجة تحملها”.
وبذلك تكون النساء النازحات غير قادرات على تلبية أبسط احتياجاتهن، وفق تقسيمات علم النفس التي تجعل الاحتياجات الفيزيولوجية الأساسية على رأس ما يسعى الإنسان لسده، تليها العلاقات الاجتماعية والأمان والحب والتقدير والقيمة.
لا شعور بالأمان
صعوبات عدة تواجه النساء في المخيمات، وتقف عائقًا دون حصولهن على احتياجاتهن الخاصة، بحسب الناشطة في المجال الإنساني سحر الزعتور، ابتداء من عملية تسخين المياه للاستحمام.
وأضافت الناشطة لعنب بلدي، “في الغالب لا توجد مواقد في الخيام، ما يجبر النساء على تسخين المياه بين الخيام، وقد يبقين أيامًا عدة، قد تمتد لأسبوعين أو أكثر، دون استحمام انتظارًا لتوفر المياه، كما تحتاج النازحات لإخراج جميع من في الخيمة للاستحمام، وذلك يسبب لهن أعباء نفسية”.
إذ ينعدم الشعور بالأمان عند القيام بالحاجات الخاصة في الخيمة المزدحمة، مع عدم توفر مكان يؤمّن الاستقلالية، كما يضطررن للنوم في خيمة واحدة مشتركة بين الذكور والإناث، صغارًا وكبارًا، بحسب الناشطة سحر.
الازدحام زاد الضغوط
أدت العمليات العسكرية من قبل قوات النظام السوري المدعومة بالقوات الروسية على مناطق شمال غربي سوريا، إلى نزوح نحو مليون مدني من ريفي إدلب وحلب، 81% منهم من النساء والأطفال، بين نيسان 2019 وآذار الماضي.
ومن هؤلاء النازحين من هُجر أكثر من ثلاث مرات في منطقة تستضيف ما يقارب أربعة ملايين شخص، 21% منهم يقيمون مع عائلات مضيفة، بحسب إحصائيات “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” (أوتشا)، في 15 من شباط الماضي.
ورغم سعي المنظمات لتأمين ما يلزم الأسر من احتياجات، فإن خصوصية النساء لا تزال مشكلة قائمة حتى اللحظة رغم وعود المنظمات بتحسين الوضع على حد قول مدير مخيم “الزيتون”، أحمد غيلان.
وأضاف غيلان لعنب بلدي، “نتمنى إيجاد حلول تخفف من معاناتهن التي تتسبب بضغوطات نفسية لا يعلمها إلا من عاشها، من خلال تخصيص غرفة صغيرة مسبقة الصنع لكل خيمة بدلًا من الحمام”، واصفًا تنفيذ الأمر بـ”غير المستحيل”.