تعا تفرج
الأسد قاهرني.. أي والله
خطيب بدلة
دخلت سيدة من نبيحات بشار الأسد إلى صفحة “فيسبوك” الخاصة بصحيفة “عنب بلدي”، وقرأت زاويتي المعنونة “أبشروا بشار الأسد سيرحل”، فانخضّتْ، وتوترتْ، وصارت عظام مؤخرتها ترتجف، وما عادت تدري ما تكتب، حتى أسعفتها قريحتها، في خاتمة المطاف، فكتبت: “قديش بقرأ عَالفيس، لكنْ أبيخ، وأزنخ، وأقرف من مواضيعك يا ابن بدلة ما شفت”.
هذا التعليق ليس مزعجًا بحد ذاته، بالعكس فقد أسعدني، وأرضاني، لأن هذه النبيحة المحترمة اعترفت، دون ضغط أو إكراه، بأنها مواظبة على قراءة ما أكتب على الرغم من بياخته، وزناخته، وقرفه، وأما الأمر المزعج الحقيقي فهو ما فعله أحد مُقَبّلي البوط إذ كتب لي: “بشار الأسد قاهرك يا ابن بدلة”! وأنا أؤكد لحضراتكم، بكل صدق وأريحية، أن هذا الكلام مزعج جدًا، ولكنه صحيح.
نعم، يا أيها النبيح المنحبكجي مقبل الأبواط المحترم، إن بشار الأسد “قاهرني”، بل وكما يقولون في الكلام الدارج “شاققني”، فمحروق النَفَس والدُه، حافظ الأسد، يوم استولى على مقدرات سوريا بانقلاب عسكري، بدأ رحلة طويلة، وتراكمية، تهدف إلى قهر الشعب السوري بكل فئاته ومكوناته، وهذه مناسبة لأقول لك، أيها المنركعجي، إنه لو كان قاهري وحدي، فوالله لأسامحه، وأغفر له، وأدعو الله أن يرحمه من قدميه وأنت ذاهب شرقًا، ولكنه، غمق الله له تحت الأرض، قهر الشعب السوري برمته، وجعلنا نشتهي على أيام التوقيف الأمني على زمان الأسمر عبد الناصر، حينما كانوا يوقفون الرجل، ويضربونه بضع عصي على قفاه ويقولون له: “لا تعيدها، يا الله انقلع”، ولم نكن نسمع، خلال الانفصال، ولا في أيام أبي عبدو الجحش، والشباطيين، عن حملات اعتقال كبرى، ومنظمة، تشمل المدن السورية كلها، وحتى في أيام محروق النَفَس الأولى لم يكن المعتقل يمكث زمنًا طويلًا، ولكنه، أعني المجرم حافظ الأسد، استمرأ اللعبة، وصار المواطن السوري، بدءًا من سنة 1979، يُنقع في مكان مجهول تحت الأرض سنين طويلة، تنقهر عليه خلالها أسرتُه، وبلدتُه وشعبه، وإذا مات أو قُتل تحت التعذيب تُلقى جثته في مقبرة جماعية، ولا يَعرف أهله وأهلُ بلدته وشعبه أين صارت أراضيه، وتمر الأيام والسنون، وتذهب قضيته بالتقادم. ثم جاء الوريث الذي يهز كتفه عندما يتكلم، ويضحك دون مناسبة، ليتعرف الشعب السوري المقهور إلى مراحل متطورة من “القهر”، فلأول مرة في التاريخ يعرف هذا الشعب المقهور كيف يكون قصف المدن بالمدافع، والصواريخ، والطائرات، والبراميل، والكيماوي، وصار الناس يهربون من المدن ذات القصف الكثيف، ويلجؤون إلى مدن وبلدات ذات قصف أقل، ولم يترك هؤلاء السوريون المقهورون حدود دولة قريبة إلا ونصبوا قربها الخيام، ثم حاولوا التسرب إلى داخلها، ليعيشوا قهر لجوء لم تعشه شعوب الأرض في الحربين العالميتين، وفي كل الأحوال، يا ماجِقَ الأبواط العزيز، أنا، بوصفي مواطنًا سوريًا، قد أتحمل هذا القهر كله، ولكنني أطلب من ربي أن يبقيني على قيد الحياة حتى يصبح لدي رئيس جمهورية يتمكن، ولو مرة واحدة، من لفظ حرف السين مثلما يلفظه رؤساء الدول المحترمة!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :