فجوة واسعة خلقها تناقض الأفكار التي حملتها كلمات أغنية “الحب والسلام” الجديدة للمطربة السورية أصالة نصري، مع الرموز التي حملها فيديو كليب الأغنية المنشورة عبر “يوتيوب” أمس الجمعة، 3 من تموز، وفق ردات فعل جمهورها المصبوغة بالتهكم من طريقة عرض الأغنية.
واقترنت كلمات الحب والسلام والإنسانية في محتوى أغنية أصالة نصري مع ظهور رسومات لشخصيات سياسية عربية من بينها الرئيس المصري الأسبق، أنور السادات، والرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، ورئيس الإمارات الأسبق زايد بن آل نهيان، وملك السعودية الأسبق عبد العزيز آل سعود، بالإضافة إلى شخصيات فنية وعلمية عربية وأجنبية.
وبرز ربط الشخصيات السياسة مع السلام في مقطع ظهور لوحة السادات مع غناء أصالة نصري في الأغنية “أنا الحب والسلام”.
وفسر ظهور السادات بأنه توقيع معاهدة السلام المصرية- الإسرائيلية عام 1979، المعروفة باتفاقية “كامب ديفيد”، في الوقت الذي تخطو حكومات عربية نحو التطبيع مع إسرائيل من خلال التعاون التجاري.
وقبل أن تظهر لوحة السيسي ظهرت لوحة للقائد الليبي عمر الهلالي المعروف بـ”عمر المختار”.
وأثار ذلك الفيديو موجة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر ناشطون، من بينهم مدير موقع “تأكد” السوري”، الصحفي أحمد بريمو، أنها ليست مضطرة ولا مجبرة على ذلك.
وأضاف بريمو، “لا نطلب منك مهاجمة السيسي ولا بن زايد ولا غيرهم من الحكام المستبدين، الذين يشكلون جزءًا من محور الخوف والقمع والترهيب والإرهاب الذي يمارسونه بحق شعوبهم وشعوب المنطقة، لماذا قبحت صوتك وشوهت صورتك مجددًا”.
وتشهد ساحة حرية التعبير وحقوق الإنسان تراجعًا في ظل رئاسة السيسي لمصر، وفق تقارير لمنظمات حقوقية دولية، إذ وصفت منظمة “هيومن رايتش ووتش” الوضع المصري بأنه “أسوأ أزمة حقوقية منذ عقود”، بسبب سجن السلطات عشرات الآلاف من المنتقدين السلميين، ومن ضمنهم أربعة آلاف شخص اعتقلوا في أعقاب الاحتجاجات السلمية في أيلول 2019.
تغير المواقف “الإنسانية”
ردود الفعل الساخرة والغاضبة من ظهور رسومات لزعماء عرب في محتوى أغنية تتحدث عن الحب والسلام كانت بسبب تغير موقف أصالة نصري المقيمة في مصر من سياسة الأنظمة العربية، والتي أعلنت رأيها المناهض لسياسة الاستبداد في سوريا مع انطلاق الثورة هناك عام 2011، بغنائها موال “آه لو الكرسي بيحكي” الذي انتقد استمرارية حكم النظام في دمشق، والمطالبة برحيله.
وفي عام 2012، شاركت أصالة نصري في مهرجان “وطن يتفتح للحرية” في قطر تعبيرًا عن رفضها لسياسة النظام السوري ودعمها للحرية في سوريا، من خلال غنائها للأغاني التي ترمز للنضال والثورة.
أما اليوم ومن خلال أغنيتها الجديدة، فإن انحيازها للفريق السياسي المناقض لسياسة الدوحة كان واضحًا بظهور رؤساء وملوك الإمارات والسعودية، الدولتين المتهمتين بدعم الثورات المضادة للاحتجاجات في دول “الربيع العربي”، خاصة في مصر بعد دعمهم لاستلام السيسي الحكم من خلال انقلاب الجيش على الرئيس السابق، محمد مرسي، في 2013.
وبعد تولي السيسي الحكم، غنت أصالة نصري في احتفالات ذكرى 6 من تشرين الأول عام 2013، أغنية حملت اسم “تحيا مصر”، والذي يعتبر شعار السيسي في كل المؤتمرات السياسية والاقتصادية الذي يشارك.
وهُددت أصالة نصري في ذات العام جراء اتخاذها موقف المناصرة للثورة السورية “بكل شيء”، بحسب ما قالته في لقاء مع المذيع اللبناني نيشان في برنامج “أنا والعسل”.
وقالت خلال اللقاء، “العالم العربي كله يفتخر بكرامته (…) وموقفي ثوري إنساني ليس له أي علاقة بالسياسة”، وأضافت أن “سوريا دولة مخابراتية” ولذلك “أنا مع الثورة، أنا مع الطفل ما يموت”.
وفي عام 2016، أطلقت أصالة نصري خلال عيد الأضحى عبر قناتها على “اليوتيوب” أغنية ذات طابع إنساني مرتبط بالوضع المتأزم في سوريا، بعنوان “سكر، عيش، وطن” بمثابة رسالة في العيد للشعب السوري.
وكتبت أصالة، عبر حسابها في “إنستغرام “، تعليقًا على الأغنية، التي أهدتها لبلدها، “بكيت فيها وأنا أغنيها أكثر من ألف مرة، وقفت كثيرًا عند تسجيلها وعدت لداخل الاستوديو لمرات عديدة، وفي كل مرة أسمعها يقع قلبي ويعلو صوت ضرباته وأشعر أني واحدة أخرى غير التي غنت، واحده خُلقت فقط لتستمع لهذه الأغنية”.
وأضافت، “هذا هو حالي هذه الأيام، أفخر بهذا العمل وأنا واحدة من صناعه وأرجو من الله أن يهبها سحرًا لتصبح يدًا تنتشل طفلًا تُعين أما تواسي رجالًا لم يعد لهم قدرة على الصبر، صوتي سلاحي، وضميري موقفي، ووطني يسكنني فإن لم يقو على أماني أنا أحميه، عيش سكّر وطن هديتي لي في هذا العيد”.
بعد هذه الأغنية بعام، غنت أصالة شارة لفيلم مصري حمل اسم “الخلية”، الذي يحكي قصة تصدي ضابط في العمليات الخاصة للجيش المصري اسمه “سيف” لإرهابي اسمه “مروان”، وفي أثناء العملية يُصاب الضابط المصري ويُقتل زميله، ليصور الفيلم بعد ذلك أحداث ثأر الضابط “سيف” لزميله في عمليات مكافحة الإرهاب.
قبل معارضة الأسد
وقبل انطلاقة الثورة في سوريا عام 2011، غنت أصالة نصري أغنيتها “حماك الله يا أسد” لحافظ الأسد خلال فترة حكمه لسوريا، بعد دوره في علاج مرضها شلل الأطفال، بالإضافة إلى غنائها “زادك الله” لتشكر من خلالها الأسد “الإنسان الذي رعانا صاحب الشخصية القوية”، وفق تعبير أصالة نصري في 1999، والجيش السوري بحسب كلمات الأغنية.