الإفراج عن المعتقلين أولوية للمحتجين.. هل يستمر حراك السويداء
عنب بلدي – ريان الأطرش
تعيش محافظة السويداء جنوبي سوريا حالة من الترقب من قبل مئات الناشطين، الذين ينتظرون الإفراج عن آخرين شاركوهم، خلال حزيران الحالي، مظاهرات ردًا على تدهور الظروف المعيشية.
تراجعت وتيرة الاحتجاجات عقب اعتقال قوات الأمن السورية 11 ناشطًا، ليسود السويداء هدوء تخللته بعض الاعتصامات، منها اعتصام مجموعة من الناشطات في 22 من حزيران الحالي، أمام مبنى المحافظة للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين.
وجاء الاعتصام بعدما قررت اللجنة الأمنية تحويل المعتقلين إلى دمشق، وذكرت شبكة “السويداء 24” المحلية أن هناك مخاوف من أن “صدور أمر تحويل المعتقلين إلى دمشق عن اللجنة الأمنية، يعد تجاوزًا للنيابة العامة في السويداء، وربما يتم تحويل المعتقلين إلى محكمة الإرهاب عن طريق إدارة الأمن الجنائي بدمشق، وقد يتم تحويلهم إلى أقبية الأفرع الأمنية”.
ووفق هذا المشهد، يبرز تساؤل عن مصير المظاهرات في السويداء ومدى ارتباطها بتحقيق مطلب المحتجين في الإفراج عن المعتقلين، إلى جانب السؤال عن دور “حركة رجال الكرامة” صاحبة الحضور الكبير في السويداء، في مستقبل المحافظة، فيما إذا استمرت الاحتجاجات، وقابلها النظام بالقمع.
معتقلو الحراك
وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” اعتقال قوات النظام عشرة متظاهرين، أولهم رائد عبدي الخطيب أحد ناشطي السويداء، عقب اقتحام عناصر من قوات الأمن مكتبه بعد ساعة من المظاهرة التي نُظمت في 9 من حزيران الحالي.
كما هاجمت قوات الأمن، في 15 من الشهر نفسه، مظاهرة لناشطين في السويداء، واعتدت عليهم بالضرب، واعتقلت عددًا منهم.
وفي 24 من حزيران الحالي، طالبت منظمة “العفو الدولية” (آمنستي) حكومة النظام السوري بالإفراج “فورًا وبلا قيد أو شرط” عن 11 شخصًا، اعتقلوا في مدينة السويداء، إثر الاحتجاجات التي جرت في المدينة.
وقالت مديرة أبحاث الشرق الأوسط في المنظمة، لين معلوف، إن قوات النظام السوري تشن حملة “تخويف”، تنطوي مرة أخرى على حالات اختفاء قسري واحتجاز تعسفي، لمحاولة منع المتظاهرين السلميين من الإعراب عن مخاوفهم.
وفي هذا السياق، أكد الناشط المدني في السويداء وائل حاتم، أن أصواتًا كثيرة تعالت مطالبة “رجال الكرامة” و”مشايخ العقل” (جهات تمثل الجانب الديني للمجتمع في محافظة السويداء)، بالتدخل من أجل الضغط باتجاه إخراج معتقلي حراك السويداء السلمي، الذي رفع شعارات إسقاط النظام.
وانتقد وائل حاتم دور هذه الجهات، بالقول إن “الزعامات والمشيخة والطائفية ابتعدت عن مهامها الاجتماعية الحقيقية، عدا عن تشرذمها وتفككها لتصبح بيادق وذيولًا تميل وتعمل وفق مصلحة مشغليها”.
ولفت إلى أن حراك السويداء الذي تمثل بمظاهرات مناوئة لرأس هرم السلطة، ورفع شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية ودولة المواطنة، جاء ليعبر عن رأي هذه الأغلبية الصامتة وعن ضمائرهم، وفق قوله، مشيرًا إلى وجود عوامل الخوف لدى المحتجين.
أين “رجال الكرامة”؟
التقت عنب بلدي بأحد قياديي “حركة رجال الكرامة” (فضل عدم نشر اسمه)، بعد أن أجاب عن عدة نقاط حول دور الحركة في الوقت الراهن.
وقال القيادي، إن أصواتًا كثيرة ارتفعت لتطالب “حركة رجال الكرامة” بحماية الحراك السلمي في السويداء، معظمها لمحسوبين على المعارضة، يتهمون “رجال الكرامة” بالتخاذل، مشيرًا إلى أن “شعار وأهداف الحركة معروفة للجميع، وهو الأرض والعرض، لا نتعدى ولا نقبل التعدي، الدم السوري على السوري حرام”.
وطالب القيادي بعدم التسرع في إطلاق الاتهامات والأحكام على الحركة، داعيًا إلى التروي وضبط النفس، معتبرًا أن هناك جهات كثيرة تعمل وتسعى جاهدة لإشعال الخلافات والفتنة بين أهالي السويداء، من أجل خلق مواجهة وصراع مسلح لا تحمد عقباه، وفق قوله.
وأردف، “نحن نعلم أن حراك السويداء مدني وسلمي، لذلك لا يمكن أن نساعد أو نسهم فيما يريده أعداء سوريا، وهو عسكرة الحراك”.
وكانت “حركة رجال الكرامة” أصدرت، بعد مضي نحو 15 يومًا على الحراك في السويداء، بيانًا استنكرت فيه اعتقال أجهزة الأمن شبابًا شاركوا بمظاهرات سلمية، وحذرت من الانقسامات الداخلية.
وانتقد البيان ما وصفه بـ“السياسات الخاطئة” التي أدت إلى تجدد الانقسام والشرخ بالشارع بين موالٍ للنظام ومعارض له، محذرًا من تعمق الشرخ، وزج المحافظة في صراع “لا يستفيد منه سوى المتربصين بنا والذين لا يضمرون لنا سوى الشر”.
وقالت الحركة إنها مع مبدأ حرية التعبير، “على ألا تتجاوز هذه الحرية مبادئنا وأخلاقنا المعروفة”، كما رفضت كل أشكال الاعتقال التعسفي، وخاصة ما ينتج عن رأي أو فكر سياسي، على أن يكون بعيدًا عن منهج الاقتتال والتحريض”، ودعت إلى وحدة الصف، وتجنب الانقسامات داخل المحافظة، ووجهت رسائل حذرت فيها من الفتنة وممن وصفتهم بـ”أبواق الفتنة والأقلام المأجورة”.
هل يستمر الحراك؟
مع تزايد القبضة الأمنية، تحولت مظاهرات إسقاط النظام إلى مجموعة من الاعتصامات الصامتة، وبرزت قضية الإفراج عن المعتقلين إلى رأس الأولويات، وهو ما تجلى في مجموعة من التحركات المدنية.
وانتشرت خلال الأيام الماضية دعوات لمزيد من الاعتصامات السلمية، قابلها النظام بتضييق أمني أكبر، كما حصل في مدينة شهبا شمالي السويداء، حيث رصدت شبكة “السويداء 24” المحلية، في25 من حزيران الحالي، تعزيزات أمنية استبقت اعتصامًا كان ناشطون قد دعوا إليه للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين.
ونقلت الشبكة أن تعزيزات أمنية وباصًا لحفظ النظام حضرت إلى مكان الاعتصام قبل بدئه بنحو نصف ساعة، وتمركزت داخل المجمع الحكومي، حيث كان من المقرر أن يتم التجمع، ما جعل الناشطين يؤجلون موعد الاعتصام إلى يوم لاحق، خوفًا من الاعتقال.
كما تتكرر اجتماعات عدد من المحامين في مجلس فرع نقابة المحامين بالسويداء للمطالبة بتطبيق القانون، وإعادة المعتقلين إلى السويداء، بحسب الشبكة.
ورصدت عنب بلدي، عبر لقائها مع ناشطين في المحافظة، رغبة بتنشيط المظاهرات، ومن بينهم الناشط جايد عزام، الذي يعتبر أن ذلك رد فعل طبيعي على التدهور الكارثي للأوضاع المعيشية والأمنية والخدمية، حسبما قال لعنب بلدي.
وأشار جايد إلى أن طموح المحتجين يتجلى في إحداث تغييرات أساسية، تتيح أمام كل السوريين العيش بأمان وحرية وكرامة وعدالة اجتماعية، والخلاص أيضًا من كل أشكال الاحتلال والتدخل الخارجي.
أما ممارسة العنف والاعتقال لقمع الحراك السلمي، كما حصل في السويداء، “فقد تقود لنتائج كارثية”، من وجهة نظر الناشط، وخاصة في مرحلة “لم يعد الوضع المعيشي فيها قابلًا للاحتمال”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :