رغم طرح فكرة أتمتة السجل العقاري في عام 2005، لم تبدأ بشكل فعلي حتى عام 2016، وقد مرت بمحطات عدة من التوقف والاستئناف، ما أثّر على مستوى الإنجاز فيها وتذبذبه، وتختلف نسبة إنجاز الأتمتة بين محافظة وأخرى، لكن النسبة الموضوعة بالاستخدام على مستوى جميع المناطق السورية تُقدّر بما لا يزيد على 30%.
وتهدف خطة المديرية العامة للمصالح العقارية في أتمتة السجل العقاري إلى نقل جميع الوثائق والصحائف العقارية من الورقية إلى الرقمية، وربط الخدمات العقارية لجميع المحافظات السورية إلكترونيًا، وهو ما سيؤدي إلى تحقيق السرعة في إنجاز المعاملات العقارية، وتسهيل حصول المواطنين على الخدمات المطلوبة من السجل العقاري وتخفيف الأعباء عنهم.
المراحل التي مر بها مشروع الأتمتة
منذ ما يقارب الأربع سنوات، وتحديدًا في عام 2016، بدأت أتمتة المصالح العقارية في سوريا بشكل فعلي من قبل “الشركة السورية لتكنولوجيا المعلومات”، وذلك بعد نحو ثمانين عامًا من إحداثها، وكانت الفكرة بدأت منذ عام 2005، مع إدخال أجهزة الحاسوب من قبل “شركة سكر للصناعات الإلكترونية”، وكانت تُستخدم حينها للطباعة وتوثيق وأرشفة بعض الأعمال الإدارية.
ومع ازدياد الطلب على أتمتة الصحيفة العقارية، أُعلن عن مناقصة بنحو مليار ليرة سورية، وكان فض العروض خلال أسبوع واحد، ووفقًا لمسؤول في برنامج الأتمتة فإن المناقصة كانت على مقاس أحد المراكز العاملة في هذا المجال حينها، وبعد فضح الموضوع، أوقف مجلس الوزراء المشروع، وتمت الاستعانة بشركة فرنسية، لكن العمل معها توقف قبل البدء به، وتبعتها الاستعانة بشركة تركية أخذ المشروع معها منحى جديًا، لكنه عاد وتوقف قبل إتمام توقيع العقد، بسبب الخلاف السياسي بين الحكومتين السورية والتركية في ذاك الوقت، ومن ثم أقدمت “الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية” على تولي المشروع، وتم البدء به فعليًا وتجهيز قاعة ومخدمات وكامل التجهيزات اللوجستية، لكن العمل عاد إلى التوقف بعد نحو عامين، وفي عام 2017 باشرت “الشركة السورية لتكنولوجيا المعلومات” تنفيذ المشروع واستمر ذلك حتى اليوم.
وقد تمت برمجة بعض الأقسام بشكل منفصل عن مشروع الأتمتة من قبل “مديرية المعلوماتية”، ومنها “الفهرس الهجائي” الذي صممته “شركة الرافقة” وتم شراؤه من قبل المديرية العامة للمصالح العقارية، وبرنامج “منع التصرف” الذي صُمم من قبل كادر الإدارة العامة، إضافة إلى بعض البرامج المتوقفة، ومنها “برنامج الأتمتة الخاص بسندات التمليك والديون العام”.
ولتنفيذ مشروع الأتمتة، أُحدثت قاعات وجُهزت كوادر للمباشرة بالعمل على مستوى المحافظات، وربطها بمخدم مركزي في الإدارة العامة، ووُضع البرنامج قيد الاستخدام في بعض مناطق دمشق قبل تعميمه، كما استُخدم في معظم المحافظات، وذلك حسب الوضع الأمني فيها نتيجة للظروف الراهنة.
إهمال وعدم تكامل
يعاني برنامج الأتمتة من تعقيد واضح بعملية الإدخال، كونه يحوي نوافذ كثيرة تؤخر معدل الإنتاج، ما جعله غير سلس، كما يوجد نقص في بعض التفاصيل، كونه يمر بمرحلة “تحليل النظم” التي تسبق البرمجة، وغالبًا ما يتم الاستعانة بأشخاص لا يملكون الخبرة الكافية، فضلًا عن أن البرنامج لا يشمل جميع تفاصيل العمل بالصحيفة العقارية، بل يقتصر على أتمتة الصحيفة العقارية فقط دون النظر إلى بقية الأقسام المرتبطة فعليًا بها، وهو ما اضطر الإدارة العامة لإحداث برنامج جديد منفصل يدمج برنامجي “الفهرس الهجائي” و”منع التصرف”، ما شكل خللًا واضحًا وكبيرًا بمشروع الأتمتة كون كلا البرنامجين يعملان دون ربط بينهما، وذلك وفقًا لموظف في شعبة المعلوماتية.
وقد أُجريت كثير من المحاولات من قبل الكوادر الإدارية ضمن المديريات لإعداد برامج أتمتة، إلا أنها كانت تقابل بالرفض ولا يتم اعتمادها من قبل الإدارة العامة بحجة التعاقد مع شركات مختصة، وإلى الآن لا يزال موضوع أتمتة السجل العقاري يعاني من الإهمال وعدم التكامل، ويتأرجح بين الضرورة من جهة والبيروقراطية والفساد من جهة أخرى.
–