سوريون في فيلم كويتي

  • 2020/06/21
  • 11:36 ص

لقطة من فيلم "إن بارادوكس"

نبيل محمد

بدأت شبكة “نتفليكس” بعرض الفيلم الكويتي “إن بارادوكس”، الذي وصل إلى المنافسة على جائزة أفضل فيلم أجنبي ضمن جوائز “غولدن غلوب” الأمريكية، في تشرين الثاني 2019، والذي أغلب أبطاله، باستثناء بطله الرئيس، هم ممثلون سوريون، احتفوا بالفيلم في مسيرته العالمية سواء بعد ترشحه لـ”غولدن غلوب”، أو عرضه على شبكة “نتفليكس” ما أتاحه للمشاهدة الجماهيرية التي من الصعب أن يحققها فيلم عربي عبر شاشات السينما، ولعل جملة  ما مر به الفيلم من تسويق وحضور في مهرجانات جعلت سمعته تسبقه، لتكون المفاجأة الكبرى عن الحضور، التي لن تثير سؤالًا عن الاحتفاء به في المهرجانات أو اختياره لـ”نتفليكس”، فعالم الأخيرة مليء بمحتويات مشابهة، كما عالم الجوائز، أو لنقل عالم القوائم الطويلة للأفلام المرشحة للجوائز، التي تتضمن عادة الغث والثمين.
أول ما سيواجهك عند حضور الفيلم هو عدم وجود فكرة صلبة أو نص متناسق يمكنه أن يدلي بحكاية تحفظ توازنه، أو تمشي به من بداية معينة إلى نهاية، ولعل غياب الفكرة وضعف النص الشديدين، بلغا حدّهما الأعظمي في الفيلم كونه يدور في بيئة “فانتازية”، بمعنى أنه لا مكان ولا زمان محددين للقصة، ما يجعل ضياع النص مضاعفًا. فبوجود زمان ومكان محددين، قد يحتويان على تفاصيل اجتماعية حياتية يمكنها أن تغطي بشكلها أو بالحوارات المبنية فيها على ضعف النص، لكن ذلك غائب تمامًا في الفيلم، الذي يفاجئك بقدرته على توظيف حوارات ومكونات لا صلة مباشرة لها بالفيلم أو لا معنى محدد.

تدور كاميرا المخرج (وهو كاتب الفيلم أيضًا) حمد الصراف، في مدينة قديمة شبه مهجورة، يبحث فيها البطل (فيصل العامري) عن أسرار بيت أبيه والخاتم الذي تركه، والذي يمكن أن ينقذه من تلك الخيالات التي يعيشها، والتي تُشعِره بأنه يستحضر ذاكرة شخص آخر، لتضيع حتى هذه الفكرة عندما يخوض الشاب في المدينة، ففجأة نرى أنه تسبب في مقتل والده، وفجأة نرى أن الواقع هو الخيال أصلًا، ثم نعود لنرى الخيال خيالًا، والخاتم أداة سحرية، وبقية أبطال الفيلم يحملون هويات غير محددة تمامًا، لا يمكن بناء عليها معرفة مصدر أفعالهم، ومدى ارتباطهم بقضية الفيلم.

فايز قزق، وجابر جوخدار، وجفرا يونس، ونانسي خوري، ونوار يوسف، وسامر إسماعيل، طاقم الممثلين السوريين في الفيلم، الذين يظهر أداؤهم مسرحيًا إلى درجة كبيرة، بشكل يبدو مبرَّرًا، في محاولتهم لتغليب الأداء الفردي على الاندماج بقصة ربما هي غير واضحة المعالم تمامًا حتى لمخرجها، وكأن السعي وراء رمزيتها وتحميلها أبعادًا فلسفية ساقها إلى مكان مجهول تمامًا، لتبدو عاجزة عن الأداء بأي معنى أو تقديم أي قيمة.

إنتاجيًا “لم يبخل أحد على الفيلم بشيء”، علها جملة تقال ويمكن وصف الفيلم بها، فالصورة كانت بمستوى جيد جدًا، والتقنيات المرافقة كانت احترافية، والموسيقى ليس من عيب فيها، ولعل كل مكون للفيلم كان جيدًا بمفرده، لكن القاعدة الجامعة لهذه المفردات كلها كانت متهالكة لا يمكنها أبدًا الجمع بين أشياء مفردة جيدة للخروج بكلٍّ جيد، بل عملت على الخروج بمنتج هزيل معتمدة على مكونات جيدة، لتعكس بذلك اسم الفيلم الذي من المفترض أنه يعني “في المفارقة”، والذي يبدو أن مخرجه يقصد به تلك المفارقة بين الواقع والخيال، أو بين التاريخ والحاضر، أو بين داخل الإنسان وخارجه، المعاني هنا مفتوحة للانتقاء، لأن القصة لا يمكن أن تحدد تمامًا المقصود من ذلك، لكن أوضح ما يمكن أن يقصده اسم الفيلم هو المفارقة الكبيرة بين مكونات سينمائية متوفرة وبجودة عالية، ومنتج بهذا الفقر والتشتت.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي