د. أكرم خولاني
تعتبر مشكلة كيس الشعر أو ما يسمى علميًا بالناسور العصعصي من المشاكل الشائعة والمعروفة بين الناس، ولكن معظمهم لا يعرفون ما هو كيس الشعر، وما الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى تشكله ليتم تجنبها، ولذلك وجدنا أنه من المفيد التعريف بهذه المشكلة الطبية وطرق علاجها.
ما هو الناسور العصعصي
الناسور العصعصي أو الناسور الشعري أو كيس الشعر (Pilonidal cyst)، هو عبارة عن كيس أو جيب غير طبيعي يظهر في الجلد، يحتوي على شعر وجلد ميت، وينفتح على الخارج بفوهة صغيرة تنز منها إفرازات دموية مع صديد ذي رائحة كريهة.
يظهر الناسور العصعصي بشكل رئيس في منطقة أسفل الظهر عند عظم العصعص، لكنه قد يظهر أيضًا في منطقة السرة أو في منطقة ما تحت الإبطين أو في منطقة العانة أو عند الأرداف أو بين الأصابع.
وهو يظهر في الغالب في نهاية العقد الثاني من العمر، في أواخر مرحلة المراهقة إلى أوائل العشرينيات، وتنخفض احتمالية ظهوره بعد تجاوز عمر 25 عامًا، ونادرًا ما يصيب الأفراد بعد سن 45 عامًا، لكنه قد يحدث عند الأطفال أيضًا بشكل نادر.
وتكون احتمالية ظهور كيس الشعر بين البالغين عند الرجال أكثر منه عند النساء بنسبة أربعة رجال إلى امرأة واحدة، أما بين الأطفال فمن المرجح ظهوره عند الفتيات بشكل أكبر مقارنة بظهوره عند الذكور.
كيف يتشكل الناسور العصعصي؟
لا يزال السبب الرئيس لتشكل الناسور العصعصي غير معروف بالتأكيد، لذلك هناك عدة نظريات لتشكله، ولكن النظرية المفضلة الآن هي كونه ناتجًا عن دخول الشعر، فعند الجلوس لفترات طويلة يحدث شد لجلد الظهر، كما يحدث إفراز غزير للعرق، وفي أثناء ذلك يحدث انفتاح الغدد العرقية بدرجة أكثر، وعند وجود الشعر في هذه المنطقة سواء المتساقط من الرأس أو الموجود أصلًا في أسفل الظهر، فإن شعرة تدخل في إحدى الغدد العرقية في جلد هذه المنطقة، وبمجرد دخول الشعرة يبدأ تشكل الناسور، وعند تكوّنه يصبح الضغط داخله أقل من الخارج، فيبدأ سحب الشعر وأي خلايا ميتة معه إلى داخل الناسور بقوة الضغط، فيكبر ويتكون كيس الشعر.
ما العوامل التي تزيد من احتمال تشكل الناسور العصعصي؟
- العوامل الوراثية، فقد أشارت بعض الإحصائيات إلى زيادة ظهور كيس الشعر عند وجوده لدى أحد الأبوين.
- الرجال أكثر عرضة للإصابة من النساء، ربما بسبب كثافة الشعر لديهم.
- كثافة الشعر، فمن العوامل الأساسية لحدوثه أن يكون الشخص لديه شعر كثيف وسميك، وخاصة بمنطقة الظهر.
- كثرة الجلوس دون تحرك لفترات طويلة، قد يسبب ذلك تآكل الجلد من كثرة الضغط عليه، كما هي الحال عند موظفي المهن المكتبية أو السائقين.
- شدة العرق.
- البدانة.
- قلة النظافة الشخصية، كعدم الاستحمام بصورة منتظمة، وعدم تبديل الملابس الداخلية بشكل يومي، وعدم استخدام الماء واستبدال المناديل الورقية به في التنشيف، وعدم إزالة الشعر الزائد في الجسم بشكل دوري.
- الحلاقون، نتيجة التعرض للشعر بشكل يومي عند قص شعر الزبائن، إضافة للتعرق في أثناء العمل، وقد يحدث كيس الشعر لديهم بين الأصابع.
- الإصابة بالحساسية أو التهيج في منطقة أسفل الظهر وبين شقي المؤخرة.
- ارتداء ملابس ضيقة باستمرار.
- التعرض لإصابة بمنطقة أسفل الظهر، كاصطدام المنطقة بشيء صلب في حادث أو أي إصابة شبيهة بهذا، أو بعد الجراحات في هذه المنطقة.
- الاستعداد الخلقي، عند ولادة الطفل بنوع من الغمازات الجلدية الصغيرة أعلى شق المؤخرة، التي ومع التقدم في السن قد تتعرض لنوع من الالتهابات أو العدوى، ما يسبب وبصورة أساسية تشكل كيس الشعر.
ما أعراض الإصابة بالناسور العصعصي؟
لا يرافق وجود كيس الشعر أي أعراض إلا عند حدوث العدوى والالتهاب، حيث يبدأ المصاب بالشعور بعدم الراحة في منطقة أسفل الظهر أو العصعص، وبعدها تبدأ مرحلة تهيج الجلد مع الشعور بالألم الشديد عند الجلوس وربما عند الحركة، حيث يكون الكيس قد تحول إلى خراج مليء بسائل كثيف (الصديد) أبيض اللون مائل للأصفر قليلًا.
ويكون الجلد المتهيج في تلك المرحلة شديد الحساسية، ويشعر المريض بالحكة الشديدة في المنطقة المصابة، تسبب تلك الحكة فتح الجلد وخروج الدم المصحوب بالصديد من فتحة الناسور، ويكون الصديد ذا رائحة كريهة عادة، ويلاحظ وجود احمرار وتورم في المنطقة، مع ألم شديد عند لمس موضع كيس الشعر، وقد توجد عدة أكياس في المنطقة بأحجام مختلفة، وتترافق الحالة مع الإصابة بالحمى.
كيف يعالَج الناسور العصعصي؟
ينحصر علاج كيس الشعر غير المصاب بالعدوى بالتركيز على إزالة الشعر الزائد، والاهتمام بالنظافة الشخصية، فمن الممكن أن تسهم هذه العوامل في إزالة كيس الشعر، أو منع إصابته بالعدوى.
أما عند حدوث الالتهاب، فينصح بالمحافظة على نظافة موضع كيس الشعر جافًا ونظيفًا، بالإضافة إلى المنطقة المحيطة به، وعمل مغاطس بالماء الدافئ التي قد تساعد على فتح الكيس وتصريف ما بداخله، ما يخفف الألم، كما يمكن تناول المسكنات في حال الشعور بالألم، وتجب مراجعة الطبيب لتحديد طريقة العلاج المناسبة:
- في حالة الالتهابات البسيطة يمكن إزالة جميع الشعيرات السائبة من خلال الفتحات الخاصة بالغدد العرقية، مع استخدام المضادات الحيوية ومضادات الالتهاب، وقد يقوم الطبيب بالتدخل الجراحي عن طريق استئصال الخلايا الالتهابية وتصريف الصديد وتنظيف الجرج بشكل جيد وبعد ذلك خياطته، وتستغرق مدة الشفاء منه أيام قليله لا تتعدى الأسبوع.
- في الحالات الشديدة، الحل الأمثل هو الاستئصال الجراحي، وعادة ما يترك الجرح مفتوحا ومحشوًّا بالضماد، ليسمح بشفائه من الداخل إلى الخارج، وهذا يقلل من نكس الإصابة، ويجب التنظيف المستمر للجرح حتى يشفى تمامًا، وقد تستمر مدة الشفاء من 6-10 أسابيع.
ويمكن كي الكيس بالليزر كبديل للجراحة، ويشفى المريض عند العلاج بالليزر بسرعة كبيرة غير متوقعة، ولكن نسبة عودة تشكل الكيس تكون أعلى في هذه الحالة.