سكان شمال غربي سوريا يتداولون الليرة التركية بدل السورية

  • 2020/06/21
  • 12:11 م

مواطنون يستبدلون العملة السورية بالتركية في مدينة إدلب - حزيران 2020 (عنب بلدي/يوسف غريبي)

إدلب – يوسف غريبي

يتكيف الأهالي في مناطق سيطرة فصائل المعارضة مع تداول العملة التركية، بعد قرار حكومتي “الإنقاذ” في ريف حلب و”المؤقتة” في إدلب استبدال الدولار والليرة التركية بالعملة السورية في مناطق نفوذيهما، بعد التراجع في قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، خلال فترات زمنية متقاربة.

انخفاض قيمة الليرة السورية أدى إلى ارتفاع “جنوني” بالأسعار، ورغم استعادة الليرة السورية جزءًا من قيمتها ما زالت الأسعار مرتفعة، الأمر الذي أضعف القوة الشرائية للمواطن، ودفع المسؤولين الاقتصاديين للبحث عن حلول.

وزير الاقتصاد في “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، أشار في حديثه لعنب بلدي، إلى أن الحفاظ على القوة الشرائية للمواطن تعد من أهم فوائد استبدال تداول العملة.

وتوقع ألا يقبل أحد التعامل بالليرة السورية، بعد شهرين من بدء تنفيذ قانون العقوبات الأمريكي على النظام السوري “قيصر”، الذي دخل حيز التطبيق منذ 17 من حزيران الحالي.

فوائد الاستبدال بالنسبة للمواطنين

التعامل بالليرة التركية بدلًا من السورية كان مطلب الأهالي في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة منذ عدة سنوات، بحسب محمود دعيمس، وهو أحد سكان مدينة إدلب، وذلك من وجهة نظره، “لما فيه من فك ارتباط بيننا وبين النظام الذي يقتلنا ويدمر بيوتنا ويشردنا، ويستخدم أموالنا في قتلنا”.

وهو ما أكده وزير الاقتصاد، عبد الحكيم المصري، لعنب بلدي، مشيرًا إلى أن دعوات استبدال الليرة التركية والدولار بالعملة السورية بدأت في 2015، لكن وقتها لم تصل الأمور إلى نتائج واضحة، وكان الاقتراح أن يتم استبدال الدينار الأردني والدولار بالليرة السورية في الجنوب، وفي الشمال الدولار والليرة التركية، وذلك حسب وضع المنطقة الحدودي.

وكررت “الحكومة المؤقتة” الدعوة، في تشرين الأول 2019، وعقدت ندوات توعية حول الموضوع.

من وجهة نظر محمود دعيمس، الاستبدال فيه مصلحة عامة للمواطنين في وقف ارتفاع الأسعار، وما يتبعه من احتكار ومن خسارة الناس أموالهم بسبب خسارة العملة السورية قيمتها أمام بقية العملات، وخصوصًا أن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة معظم بضائعها وتجارتها خارجية، ويتم شراؤها بالعملات الصعبة.

و”تبديل عملة مستقرة بالعملة السورية المنهكة، سيؤدي إلى استقرار في الأسواق، ولن يبقى أي مجال للاحتكار أو الاستغلال، أو بيع التجار حسب السعر الذي يريدونه” بحسب محمود، وبالتالي ثبات الأسعار وعدم تغيرها بين الحين والآخر، مع تبدل سعر الصرف، “وهو ما سيحافظ على أموال الأهالي من ضياعها بين الفوارق السعرية للمواد”.

ويرى محمود أن وقف تداول الليرة السورية في شمال غربي سوريا سيحرم النظام من العملات الصعبة الموجودة في المنطقة.

أما خالد الحمادى الذي يعمل في أحد معامل “البلوك”، فسيتحول أجره اليومي، الذي ما زال يأخذه بالليرة السورية، إلى الليرة التركية، متوقعًا أن يقبض عشر ليرات تركية عن كل يوم.

والفائدة من وجهة نظره في التحول إلى الليرة التركية، هي أن أصحاب بعض المحلات يستغلون أسعار صرف العملات أمام الليرة السورية، ويتلاعبون ليستطيعوا تحصيل سعر أعلى لبضاعتهم، والخاسر هم الأهالي، وفي حال استبدال التداول يعني أن الأسعار ستكون ثابتة، وستنعكس الفائدة عليه.

كيف ستتناسب القدرة الشرائية مع الدخل؟

تُحدَّد أسعار السلع في المحال التجارية حسب مصدرها، فالمستورد أو ما يُنتج بمواد مستوردة يُقيّم سعره على الدولار ويُحَوّل إلى الليرة التركية بموجب سعر الصرف، أما بقية المواد فتُترك للتجار في السوق الخاضعة للعرض والطلب، ثم يحول التجار التكلفة من الدولار إلى الليرة التركية، بحسب وزير الاقتصاد والموارد في حكومة “الإنقاذ” السورية، باسل عبد العزيز.

ولضبط السوق ومنع التلاعب، أكد عبد العزيز تسيير الدوريات التموينية لمراقبة الأسعار، وتدقيق فواتير البيع و الشراء الموجودة عند الباعة، مع هامش ربح معيّن معتمد لهم.

وأضاف أن كل نقابة كُلفت بوضع الحد الأدنى لأجور الفئة التي تمثلها، كما أجرت نقابة الاقتصاديين دراسة لوضع الحد الأدنى من الأجور لجميع العمال، على أن يصدّق الحد الأدنى من الأجور في مناطق سيطرة “الإنقاذ” مطلع الأسبوع المقبل، حسب عبد العزيز.

الدخول التدريجي للعملة التركية سينهي السورية

أوضح الوزير في حكومة “الإنقاذ”، باسل عبد العزيز، أن استمرار تذبذب الليرة السورية وانخفاض قيمتها سيقلل الطلب عليها، لأنها تؤدي إلى شلل اقتصادي، بينما سيبحث الناس عن عملة أكثر ثباتًا، لذلك فالليرة التركية حاجة ملحة في أغلب التعاملات.

وطالما أن الليرة التركية لم تغطِّ حاجة السوق حتى الآن، فتغير الأسعار لن يكون ملموسًا، والتأرجح بالأسعار سيبقى قائمًا ما دامت بعض السلع تسعّر بالليرة السورية، وبعضها الآخر تسعّر بالعملتين السورية والتركية، لكن “ما إن تُعتمد الليرة التركية على نطاق كافٍ، ستثبت الأسعار”.

الأساس هو الراتب بعملة مستقرة

تسبب تداول الليرة السورية بمتاعب كبيرة، بتفاوت قيمتها صعودًا وهبوطًا، حسب الوزير في “الإنقاذ”، باسل عبد العزيز، ففي الصباح سعر وفي الظهيرة سعر وفي المساء آخر لنفس السلعة،  ما أفسح مجالًا واسعًا للمتلاعبين و الجشعين، “لذلك كانت الليرة التركية ضرورة للوقاية من انتهازية بعض التجار”.

أما وزير الاقتصاد في “المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، فيرى أن الليرة السورية فقدت وظائفها كعملة، ولم تعد مقياسًا للقيمة ولا أداة للادخار، وخسرت القبول العام، ولم تعد وسيلة للتداول، لذلك فاستبدال العملة لن يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية لعامل أو موظف، خاصة بعد أخذ راتبه بعملة مستقرة.

مقالات متعلقة

عملات ومعادن

المزيد من عملات ومعادن