تحت ضغط الواقع المعيشي والأمني
شبان في درعا عازفون عن الزواج
عنب بلدي – درعا
“تأخرتُ في الزواج، لكني لن أتزوج من دون منزل مستقل”. يُصمم نبيل البالغ من العمر 35 عامًا على الزواج داخل منزل خاص يكوّن فيه أسرته، بحسب ما قاله لمراسل عنب بلدي في مدينة درعا جنوبي سوريا، وذلك لاعتبارات تتعلق بالاستقلالية في الحياة الشخصية، وتفادي الوقوع بالمشاكل العائلية.
في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد من شمالها إلى جنوبها، يحول انخفاض قيمة الليرة السورية والتراجع الاقتصادي دون حصول نبيل محمد على مراده، كمعظم شباب المدينة.
ومنذ سيطرة قوات النظام السوري على درعا، في تموز عام 2018، أصبح الطلب للخدمة العسكرية الإلزامية أمرًا يعوق قدرة الشباب على العمل وتحسين مستوى معيشتهم كي يتناسب مع متطلبات الزواج، بحسب تقاليد المجتمع الذي يعيشون فيه.
الخوف من المجهول
يتردد أغلب شباب مدينة درعا في خطوة الإقبال على الزواج، بسبب غموض الواقع الاقتصادي والسياسي والأمني في المنطقة، مع التخوف الدائم عند الأهالي من نشوب عمليات عسكرية جديدة تكون نتيجتها مزيدًا من التجنيد، في حين لا توجد حتى الآن أي جهة مدنية أو عسكرية تفرض نفوذها على كامل المحافظة، لتعيد إليها الأمن والاستقرار.
محمد سعيد، البالغ من العمر 25 عامًا، وهو من سكان المنطقة، قال لعنب بلدي إنه لا يرغب في الزواج لأنه مطلوب للخدمة العسكرية، ومصيره مجهول بين الاعتقال والالتحاق في صفوف قوات النظام السوري، وهو هاجس يؤرقه بشكل يومي.
وفي هذا الوقت، فإن التوتر الأمني في درعا ينعكس على نفسية الشبان في المدينة، بحسب ما قاله ياسين قداح لعنب بلدي، وهو موظف سابق في منظمة أممية كانت تعمل في المنطقة في أثناء سيطرة فصائل المعارضة السورية.
وأضاف ياسين أن أغلب المنازل في المنطقة الشرقية من درعا شهدت حملة عسكرية في تموز 2018، سُرقت خلالها محتويات تلك المنازل، الأمر الذي أجبر أهالي المنطقة الشرقية على شراء أثاث جديد بتكاليف مرتفعة، ما أرهق معظم الشباب ماديًا.
ثقل العادات والتقاليد
ويُضاف إلى تردي الوضع الاقتصادي، ثقل العادات والتقاليد التي تزيد من عناء الشبان وتقلل من رغبتهم في الزواج، إذ تقسم تكاليف الزواج حسب التقاليد إلى مهر بمبالغ مقدمة ومؤجلة قبل وبعد الزواج، يتم الاتفاق عليه بين طرفي عقد الزواج.
وارتفعت قيمة مهر الزواج وتكاليفه بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية خلال الأشهر القليلة الماضية.
والمقدّم، بحسب ما رصده مراسل عنب بلدي من خلال لقاءاته مع شبان في درعا، هو تكاليف تجهيز بيت الزوجية (غرفة النوم وملابس العروس وتكلفة تزيين العروس وأدوات كهربائية وأدوات المطبخ…)، أما المؤخّر فيكون بتحديد مبلغ يتم دفعه عند انفصال الزوجين في حال وقع الطلاق.
طلبات “تعجيزية”
أحمد العمار، هو طالب ماجستير في علم النفس، قال لعنب بلدي، إن طلبات أهل العروس تكون في بعض الأحيان “تعجيزية”، إذ يصعب تنفيذها ولا تتناسب مع صعوبة المعيشة في الوقت الحالي، مشيرًا إلى العادات والتقاليد التي تؤثر على رغبة الشبان بالزواج، مثل طلب قيمة عالية من الذهب للعروس.
ويتراجع بعض الأهالي عن اشتراط تقديم الذهب للعروس نظرًا لسعره المرتفع، بحسب ما ذكره مراسل عنب بلدي في درعا، أما المهر فيعتبره معظم الأهالي في المنطقة حقًا وضمانًا للعروس.
وقبل سنوات، كان المهر في درعا لا يتجاوز 100 ألف ليرة سورية، بحسب ما رصده مراسل عنب بلدي في المنطقة، أما في الوقت الحالي فإن سعر “غرفة النوم” فقط يصل إلى مليوني ليرة وسطيًا، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوات الكهربائية أضعاف ما كانت عليه في سنوات سابقة، وهي تعتبر ضرورية في منزل الزوجية.
تلك الشروط أثرت سلبًا على قرار أحمد في الزواج، وكذلك بالنسبة للشاب نبيل محمد، الذي يأمل أن تتغير بعض العادات في المنطقة لمراعاة ظروف الشبان، في ظل الظرف الاقتصادي والواقع المعيشي المتردي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :