عنب بلدي – خاص
عاد “الفيلق الخامس”، الذي يعتبر الذراع العسكرية للروس في سوريا، إلى الواجهة مجددًا خلال الأسابيع الماضية، من خلاله محاولته توسيع نفوذه في الجنوب السوري، أو من خلال استهداف قواته من قبل مجهولين.
منذ سيطرة قوات النظام السوري على المنطقة الجنوبية عقب “تسويات” مع فصائل “الجيش الحر”، في عام 2018، فتحت روسيا باب الانضمام إلى “الفيلق الخامس” أمام عناصر “المصالحات”، وسلّمت قيادته إلى أحمد العودة، القيادي السابق في “الجيش الحر”.
وفضل كثير من عناصر “التسويات”، الذين كانوا يتبعون لفصائل المعارضة، الانضمام إلى صفوف “الفيلق”، كخيار أفضل من الخيارات الموجودة أمامهم، وهي مغادرة المحافظة إلى الشمال السوري أو الانضمام إلى قوات النظام السوري وتشكيلاتها العسكرية، وخاصة “الفرقة الرابعة”.
توسع النفوذ
بين الحين والآخر يعمل “الفيلق” على توسيع نفوذه في المنطقة، في ظل تراجع الأطراف الأخرى وتقليص دورها، وخاصة اللجان المركزية، التي فاوضت قوات النظام بضمانة روسية، وحصلت على ضمانات ضمن اتفاق “التسوية” في تموز 2018.
وفتح “الفيلق” باب الالتحاق في صفوفه، خلال الأسبوعين الماضيين، وانضم إليه أكثر من 400 شخص من القنيطرة وحوض اليرموك بريف درعا، بحسب مراسل عنب بلدي في المنطقة، الذي أشار إلى أن معظم المتطوعين هم من المنشقين والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية.
كما علمت عنب بلدي من مصادر في درعا، تحفظوا على ذكر أسمائهم، أن قائد “الفيلق الخامس”، أحمد العودة، عقد اجتماعًا قبل أسبوعين دون حضور “اللجنة المركزية” ودون علمها بالاجتماع، دعا خلاله الجنود المنشقين عن قوات النظام في كامل محافظة درعا للانضمام إلى صفوفه، وهو ما ترفضه “اللجنة”.
ويشهد الجنوب السوري صراعًا خفيًا بين “الفرقة الرابعة” و”الفيلق الخامس” لاستقطاب المنشقين، لتوسيع النفوذ والسيطرة، خاصة بعدما أثبت “الفيلق” نفوذه على الأرض خلال الأشهر الماضية من الناحية الأمنية، كون المناطق الخاضعة لسيطرته، كبصرى الشام، آمنة نسبيًا على عكس المناطق الأخرى التي تنشط فيها حالات الخطف والسرقة والاغتيالات.
وفي حديث سابق للباحث عبد الله الجباصيني مع عنب بلدي، اعتبر أن سيناريو انضمام المنشقين إلى “الفيلق الخامس” يضمن عدم قيام النظام بأي عملية عسكرية ضد درعا، لأنها ستصبح تحت حمايته، وسيرحب المدنيون بهذا السيناريو لسببين: الأول أنه سيجنب المنطقة العمليات العسكرية، والثاني أن الأهالي يريدون الاستقرار والأمن، كجزء من الأمان الذي تشهده المنطقة الشرقية في المحافظة الخاضعة للعودة، الذي يمنع دخول النظام عسكريًا وأمنيًا إلى المنطقة التي يسيطر عليها.
وفي ظل محاولة توسيع سيطرته، تعرض “الفيلق الخامس”، في 20 من حزيران الحالي، إلى هجوم عسكري مجهول المصدر، لم يُعرف الطرف الذي يقف وراءه.
وانفجرت عبوة ناسفة في حافلة (مبيت) تابعة لـ”الفيلق” على طريق الكحيل- السهوة بريف درعا الشرقي، ما أدى إلى مقتل ثمانية مقاتلين، وجرح أكثر من 20 آخرين أُسعفوا إلى مستشفى “بصرى”، بحسب مراسل عنب بلدي، الذي أوضح أن الحافلة كانت تنقل عناصر قادمين من اللاذقية إلى درعا لتبديل نوباتهم.
بدوره، أكد مراسل قناة “سما” الموالية فراس الأحمد، أن حافلة المبيت كانت تضم بداخلها حوالي 40 عنصرًا معظمهم بين قتيل وجريح، مشيرًا إلى أن الانفجار أحدث أضرارًا كبيرة بالمكان.
وتحاول روسيا منح “الفيلق” صلاحيات واسعة، لضبط الأمن في مناطق سيطرته ومنع أي قوات أخرى من التوغل فيها، بما في ذلك قوات النظام السوري، مقابل محاولة كسب قوة عسكرية كبيرة لها جنوبي سوريا تحت قيادة واحدة في درعا والقنيطرة، إلى جانب رغبة روسيا في الحدّ من التغلغل الإيراني في المنطقة.