دور العقوبات في الضغط على روسيا للتخلي عن الأسد

  • 2020/06/19
  • 6:56 م
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام السوري بشار الأسد في الجامع الأموي- 7 من كانون الثاني 2020 (رئاسة الجمهورية السورية)

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام السوري بشار الأسد في الجامع الأموي- 7 من كانون الثاني 2020 (رئاسة الجمهورية السورية)

منصور العمري

يتحدث البعض عن إمكانية إسقاط قانون قيصر لنظام الأسد. لكن من المعلوم أن سقوط الأسد مرهون بتخلي روسيا عنه تحديدًا. فهل لروسيا مصلحة في سقوط الأسد؟

يقول البعض إن القانون سيضع روسيا أمام خيار التخلي عن الأسد للحفاظ على مصالحها والاستفادة من جهود الإعمار.

روسيا تدعم “دولًا” لا يعترف بها المجتمع الدولي مثل أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وتهيمن على دول أخرى مثل الشيشان منذ سنين.

الأسد هو من يشرعن وجود روسيا في سوريا، وهو من يعقد الصفقات ويبيع ثروات سوريا للروس. روسيا لن تتخلى عن الأسد إن لم تضمن أن من سيأتي بعده سيحافظ على عقودها ومصالحها ومكاسبها في سوريا؟ أي خليفة لبشار كي يشرعن ما باعه للروس. ما لم يحدث ذلك فليس من المنطقي أن تتخلى روسيا عن الأسد وكل مكاسبها وكل ما بذلته وتكلفته في سوريا.

إذن، فلا حل سوى إجبار روسيا على التخلي عن الأسد، وهي مسألة شبه مستحيلة حاليًا. هل يمكن للعقوبات إجبار روسيا على التخلي عن الأسد؟

عندما فرضت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات على كيانات روسية بسبب القرم وأوكرانيا، ردت روسيا أيضًا بفرض عقوبات أدت إلى خسائر اقتصادية كبيرة في أوروبا.

في تقييم لحلف شمال الأطلسي للعقوبات المفروضة على روسيا، قال إن العقوبات نجحت في هدفها بالإضرار بالاقتصاد الروسي، لكن التقييم أيضًا أضاف أن هذه العقوبات أضرت بالاقتصادات الأوروبية أيضًا.

النظام السوري يتحايل على العقوبات منذ سبعينيات القرن الماضي، كما أن العقوبات تشكل فرصًا مالية ممتازة لشركات وحكومات وجهات وأشخاص للتحايل والاستفادة من العقوبات. فهل دُرست الثغرات السابقة وطريق تحايل النظام؟ هل عولجت هذه الثغرات؟

العقوبات تعزز من اعتماد الدول الديكتاتورية على نفسها وتقوي علاقاتها بأنظمة ديكتاتورية أو ذات مصالح.

العقوبات غير الأممية المفروضة على سوريا تدفع الأسد إلى مزيد من الاعتماد على روسيا وإيران وغيرها من الدول الداعمة له.

 

كيف يمكن تقييم رد الأسد ومدى تأثير العقوبات في سلوكه

لا يُعتبر دخول قانون قيصر حيز التنفيذ في 17 حزيران/يونيو، نقطة الانطلاق للبدء في تقييم رد الأسد وروسيا وإيران ومواقفهم تجاه العقوبات. فتفعيل القانون أتى بعد توقيعه بأشهر. خلال الأشهر السابقة لتفعيل القانون، أظهر النظام السوري وإيران وروسيا ردودًا وخطوات على القانون وما سبقه من عقوبات.

منذ بدء فرض العقوبات على سوريا عام 1979 لم يخضع نظام الأسد لأي مطالب دولية سوى عبر التهديد بالعمل العسكري فقط، أما العقوبات المفروضة من سبعينيات القرن الماضي لم تغير نهج الأسد أو دعمه للإرهاب وسلوكه تجاه السوريين والاعتقال والتعذيب. على العكس تقبلت دول الغرب نظام الأسد كما هو وفتحت له مزيدًا من الأبواب مع وراثة بشار الأسد السلطة عن أبيه. حيث منح جاك شيراك بشار الأسد عام 2001 وسام جوقة الشرف، أعلى تكريم فرنسي.

أما مؤخرًا وقبل أسابيع من تفعيل قانون قيصر، عقد المسؤولون السوريون والإيرانيون اجتماعًا حول “تعزيز التعاون العلمي والاقتصادي“. كما بدأ النظام بالحديث عن الاكتفاء الذاتي بما فيه دعم الإنتاج الزراعي. وعززت روسيا مواقعها وصفقاتها في سوريا.

وأخيرًا رفض الأسد عرضًا من الولايات المتحدة قبل البدء بتنفيذ قانون قيصر بأيام، ولم يفصح جيمس جيفري المبعوث الأمريكي إلى سوريا عن ماهية العرض.

في الوقت ذاته كان نظام الأسد يرتكب ذات الممارسات التي من المفترض أن قانون قيصر صدر لوقفها. حيث واجه النظام المظاهرات التي خرجت في السويداء جنوب سوريا بالقمع والضرب والاعتقالات التعسفية. رغم أن المظاهرات خرجت لتردي الوضع الاقتصادي وتراجع قيمة العملة السورية بشكل كبير، وهو ما ربطه جيفري بعقوبات قيصر.

ستكون جلسة اللجنة الدستورية في آب/أغسطس المقبل مؤشرًا مهمًا على مدى تأثير قانون قيصر على سياسة النظام السوري وقناعته بالحل السياسي. أعلن غير بيدرسون عن الاجتماع خلال جلسة في مجلس الأمن منذ أيام، وهي ذات الجلسة الذي تحدثت فيها الولايات المتحدة عن العقوبات، وشهدت جدلًا حولها من قبل روسيا والصين.

تأثير قانون قيصر على المواطنين

لا يستهدف القانون في نصه المدنيين، لكن لا يجب الاختباء وراء إصبعنا، لأن آثاره ستطالهم بلا شك. لا خلاف على أن الوضع الاقتصادي في سوريا كارثي وأن المدنيين يعانون بسبب نظام الأسد، لكن هذا لا يعني أن مزيدًا من العقوبات ستخفف من معاناتهم، بل على العكس ستفاقمها.

انخفاض قيمة العملة السورية أحد الأمثلة فقط على تأثير القانون على جميع السوريين. فانهيار سعر الليرة يفاقم معاناة جميع السوريين، وسيقع الضرر الأكبر على الفئات الأكثر ضعفًا. انخفاض سعر صرف العملة كارثة تصيب جميع الأفراد، فهي تهدر قيمة مدخراتهم من العملة وقيم ممتلكاتهم، وقدرتهم الشرائية، وتسبب بمزيد من الجوع. يتناسب مدى التضرر مع مدى الفقر. فالأفقر هم الأكثر تضررًا بانخفاض قيمة العملة. كما العقوبات في قانون قيصر تشمل قطاع الطاقة الذي يخدّم جميع السوريين.


هذا المقال جزء من بحث في سياسة العقوبات الاقتصادية عمومًا بالإضافة إلى تلك المفروضة على النظام السوري بما فيها قانون قيصر للصحفي والحقوقي السوري منصور العمري، ولقراءة الأجزاء المتبقية من البحث اتبع الروابط:

– العقوبات الأمريكية على النظام السوري بما فيها قانون قيصر.. مقاربة بلا جدوى

– قيصر.. قانون بلا ولاية قضائية

– سياسة العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية الدولية.. هل يستجيب الديكتاتور؟

– تأثير قانون قيصر على المعتقلين

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي