أصدرت حكومة النظام السوري منذ بداية عام 2011، مجموعة من القوانين والمراسيم التشريعية المتعلقة بحقوق الملكية والعقارات والمساكن، وكان لها تأثير على السوريين وخاصة من هم خارج البلاد، والمعارضين السياسين والمتهمين بدعم ما يسميه النظام “الإرهاب”.
وانقسمت هذه القوانين إلى ثلاثة أقسام، منها ما هو متعلق بشكل مباشر بالعقارات والملكية وإحداث مناطق تنظيمية وإزالة الأنقاض ومخالفات البناء.
أو ما هو متعلق بالسجل العقاري ومعاملات الملكية، إضافة إلى مراسيم تشريعية لا تؤثر بشكل مباشر على حقوق المالكين، لكنها تؤدي إلى نتائج سلبية كونها تتفاعل بشكل مباشر مع غيرها من القوانين.
وتحاول عنب بلدي تسليط الضوء على أبرز هذه القوانين الصادرة، اعتمادًا على دراسة صادرة عن القاضيين خالد الحلو وريم صلاحي في “مجلس القضاء السوري المستقل”.
المرسوم التشريعي 66 لعام 2012
صدر المرسوم 66 في 2012، ونص على إحداث منطقتين تنظيميتين واقعتين ضمن المصوّر العام لمدينة دمشق، لتطوير مناطق المخالفات والسكن العشوائي وفق الدراسات التنظيمية التفصيلية المعدة لهما.
وتضم المنطقة الأولى، بحسب المرسوم، جنوب شرقي المزة من المنطقتين العقاريتين مزة- كفرسوسة، أما المنطقة الثانية فتضم جنوب المتحلق الجنوبي من المناطق العقارية مزة- كفرسوسة- قنوات بساتين- داريا- قدم.
تشكّل المحافظة خلال شهر من صدور المرسوم لجنة لحصر وتوصيف العقارات، ثم تدعو محافظة دمشق خلال شهر من صدور المرسوم المالكين أو أقاربهم للتصريح بحقوقهم خلال 30 يومًا من تاريخ الإعلان.
وتركزت مخاطر المرسوم من عدة جوانب، أولها، بحسب الدراسة، “المهل القصيرة للملاك للتصريح عن حقوقهم وهي ثلاثين يومًا، وتشكيل أربع لجان لا تراعي معايير المحاكمة العادلة وحق الدفاع المقدس”.
إضافة إلى رفع سقف الاقتطاع المجاني الذي تحدده الوحدات الإدارية لتأمين الخدمات الأساسية (طرق وحدائق ومواقف سيارات…)، مقابل ما سيحصل عليه مالك العقار من منفعة مادية ومعنوية نتيجة دخول عقاره منطقة التنظيم.
كما ألغى المرسوم التوزيع الإجباري، وجعل مالكي العقارات أمام ثلاثة خيارات، أولها التخصص بالمقاسم، أو الإسهام في تأسيس شركة مساهمة وفق قانون الشركات، أو خيار البيع بالمزاد العلني.
ولكون أغلب الملكيات في المنطقة صغيرة لا تسمح لهم بالتخصص، ولصعوبة الإسهام في تأسيس شركة، قد يلجأ أغلب الملاك إلى البيع بالمزاد العلني وعدم القدرة على العودة للسكن في هذه المنطقة.
المرسوم التشريعي 40 لعام 2012
نص المرسوم على إزالة الأبنية المخالفة بعد تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي مهما كان نوعها وموقعها وصفة استثمارها، أو استعمالها بالهدم وترحيل الأنقاض على نفقة كل من كانت المخالفة لمصلحته.
وفرض غرامة مالية من ألفين إلى عشرة آلاف ليرة سورية عن كل متر مربع على كل من تثبت مسؤوليته عن المخالفة.
واشترط المرسوم استثناء المخالفات من أحكام هذا القانون بعد إثبات قدم المخالفة، بحيث يكون ذلك قبل تاريخ إصدار القانون، الأمر الذي يصعب إثباته بغياب أصحاب الحيازات وتقديمهم الدلائل، بحسب الدراسة.
وتكمن خطورة المرسوم كونه أداة للحكومة لإزالة كل الأبنية المخالفة، حتى القديمة منها التي يصعب توثيق تاريخ حدوث المخالفة في بنائها لا سيما بغياب أصحابها.
القانون رقم 23 لعام 2015
صدر القانون في 2015، وينص على “تنظيم عملية تهيئة الأرض للبناء، وفق المخطط التنظيمي العام والمخطط التنظيمي التفصيلي في المخططات التنظيمية المصدقة كافة بأحد الأسلوبين التاليين، التقسيم من قبل المالك، والتنظيم من قبل الجهة الإدارية”.
وتكمن خطورة القانون، مثل سابقه، في المهل المعطاة للمالكين للتصريح بحقوقهم، وهي 30 يومًا من صدور إحداث المنطقة، ورفع سقف الاقتطاع المجاني.
إضافة إلى تولي الجهة الإدارية مهمة تشكيل لجنة لحل النزاعات وإثبات الحقوق لا تحترم معايير المحاكمة العادلة، والتقييم غير العادل لقيمة الأرض، ويقتصر حق المخالفين الذين بنوا فوق أراضي الأملاك العامة أو الخاصة على أخذ أنقاض أبنيتهم، ولا يحق لهم سوى ذلك، ولا تدخل قيمة هذه الأبنية والمنشآت المخالفة في حساب حقوق المالكين.
كما لم يعترف القانون للشاغل الفعلي المستأجر وفق القانون بالحق بالسكن البديل.
القانون رقم 33 لعام 2017
وتضمّن القانون “إعادة تكوين الوثيقة العقارية (الصحيفة العقارية) المفقودة أو التالفة جزئيًا أو كليا”.
ويعتبر المعارضون السياسيون وسكان المناطق التي كانت خارج سيطرة النظام واللاجئون، الأكثر تضررًا من هذا القانون.
القانون رقم 35 لعام 2017
نص القانون على إلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمكلفين بالخدمة الإلزامية، الذين امتنعوا عن دفع بدل فوات الخدمة البالغ ثمانية آلاف دولار أمريكي خلال ثلاثة أشهر تبدأ من اليوم التالي لتجاوز السن المحددة بقرار من وزارة المالية.
القانون رقم 1 لعام 2018
نص القانون على إنشاء حرمين على طول نفقي جر المياه من نبع الفيجة إلى دمشق، وحدد عرض الحرم المباشر لنفقي جر المياه بمسافة عشرة أمتار لكل طرف من النفق.
وحدد عرض الحرم غير المباشر لنفقي جر المياه بمسافة 20 مترًا لكل طرف من النفق، اعتبارًا من محور النفق متضمنًا الحرم المباشر.
ويعرف الحرم المباشر لنبع الفيجة وفق القانون السوري بـ“الأرض الواقعة حول المصدر المائي التي تتيح الوصول إليه لصيانته والحفاظ على سلامته ومنع تلوثه”.
بينما حُدد الحرم غير المباشر بـ“الأراضي المحيطة بالحرم المباشر للمصدر المائي التي يمنع فيها القيام بنشاطات محددة لمنع تلوثه واستنزافه”، وغالبًا تحوي تلك الأراضي مطاعم ومنتزهات أو مباني سكنية.
ويُمنع، بموجب القانون، منعًا مطلقًا في الحرم المباشر لنبع الفيجة ونفقي جر المياه القيام بأي من الأعمال التالية: حفر الآبار وردم الحفر ونقل الأحجار أو الأتربة أو الرمال وإحداث مقالع لها.
ويعاقب مخالفو الأحكام السابقة بالحبس من ستة أشهر إلى سنة، وغرامة قدرها 500 ألف ليرة سورية.
ويقضي القانون باستملاك العقارات وأجزاء العقارات الواقعة ضمن الحرم المباشر وفق تعويض “معادل” للقيمة الحقيقية للملكية، كما يتضمن مفعولًا رجعيًا بحيث يعتبر أي ترخيص قامت به أي جهة رسمية فيما يخص أعمالًا مختلفة كإنشاء الآبار والمنشآت الصناعية والتجارية والزراعية والسياحية والطرق وغيرها باطلة، ويسقط معها أي حق بالتعويض.
كما يعدل المخطط التنظيمي لبلدتي الفيجة ودير مقرن، بحيث تلغى المناطق السكنية منه الواقعة ضمن الحرم المباشر، لكن سُمح بترميم المساكن الواقعة في الحرم غير المباشر مع الأخذ بعين الاعتبار التعديل الذي سيطرأ على المخطط التنظيمي.
القانون رقم 3 لعام 2018
صدر القانون في 2018، ويختص بإزالة أنقاض الأبنية المتضررة في 2018 نتيجة أسباب طبيعية أو غير طبيعية، أو لخضوعها للقوانين التي تقضي بهدمها.
وتكمن خطورة القانون في إمكانية هدم مناطق عقارية كاملة سليمة لا ضرر فيها بسبب خضوعها للقانون، إضافة إلى المهل القصيرة المحددة لأخذ الأنقاض والبدء بإجراءات الهدم وهي 30 يومًا.
القانون رقم 10 لعام 2018
صدر المرسوم في 2018، وجاء مكملًا لـ“المرسوم 66″، لكنه شمل كامل الأراضي السورية، إذ ينص على إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية بتكليف من وزارة الإدارة المحلية، التي قد تختار أي منطقة تريدها لفرض مخطط تنظيم جديد لها، دون العودة إلى المجالس المحلية.
ويعاب على القانون أنه جاء في وقت هُجّر فيه أكثر من نصف السوريين من بيوتهم، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، ما يعني أن الحكومة قد تستثمر غيابهم وفقدان أوراق ملكياتهم للاستحواذ على أملاكهم بطرق تعتبرها “قانونية”.
ولاقى القانون حملة احتجاج واستنكار محلية ودولية، ما دفع النظام إلى إصدار تعديلات للقانون، منها “تغيير مدة تقديم طلبات الاعتراض وتثبيت الملكية من شهر إلى سنة، بالنسبة لأصحاب حقوق الملكية العقارية، وإعطاء الحق لأصحاب الحقوق الذين لم يتقدموا باعتراضاتهم أمام اللجان القضائية المختصة بتثبيت ملكياتهم، باللجوء إلى القضاء العادي بعد انتهاء تلك اللجان من أعمالها”.
وكانت عنب بلدي سلطت الضوء في تحقيق سابق لها على خطورة القانون وسلبياته، تحت عنوان “الأسد يعيد تشكيل البلاد على إيقاع الحرب، “القانون 10”.. تنظيم أم استملاك أم تغيير ديموغرافي”.
التعميم رقم 4554 الموجه لوزير الإدارة المحلية
ويتضمن التعميم، بحسب الدراسة، إضافة بعض الحالات التي تحتاج إلى موافقة أمنية مسبقة وهي: بيع العقارات أو الفراغ (منازل- محلات) في المناطق المنظمة أو غير المنظمة، ما يعني عدم إمكانية التصرف في الملكية دون موافقة أمنية مسبقة.
كما صدرت قوانين ومراسيم تشريعية لا تؤثر بشكل مباشر على حقوق المالكين، لكنها ترتبط بشكل غير مباشر، وتؤثر على ممتلكات الأهالي خاصة المتهمين بتهم الإرهاب.
ومن هذه القوانين، القانون رقم 19 لعام 2012 (قانون مكافحة الإرهاب) والقانون رقم 22 لعام 2012 (إنشاء محكمة الإرهاب) والمرسوم التشريعي رقم 63 لعام 2012 (سلطات الضابطة العدلية).
وتكمن خطورة القوانين بتجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة لكل من يُشتبه بارتكابه جرائم نص عليها قانون الإرهاب.