لقمة عيش مغمسة بالمخاطر والأضرار
مقالع حجرية في ريف إدلب
إدلب- إياد عبد الجواد
تنتشر المقالع الحجرية في المناطق الجبلية شمال غربي سوريا، ومع اعتماد شريحة من العمال عليها كمصدر رزق رغم المخاطر التي تواجههم فيها، فإنها تشكل تهديدًا للأراضي الزراعية، وتحدث تصدعًا في المنازل والأبنية المجاورة لها، بينما تسهم عمليات التفجير العشوائية خلال عمل المقالع في فتح الينابيع وزيادة غزارتها.
عبدالسلام الإبراهيم، صاحب مقلع في ريف إدلب، قال لعنب بلدي، إن عمل المقالع الحجرية يتركز في مناطق دير حسان وكفر لوسين وسرمدا والتوامة، حيث ينتشر نحو 30 مقلعًا.
هذه المقالع تؤمّن مواد البناء من رمل وبحص وبقايا صخرية لفرش الطرقات، وتعتمد في عملها على مبدأ طحن الحجارة المستخرجة من الجبل وتحويلها إلى مواد للبناء، بحسب عبد السلام الإبراهيم.
وتلبي هذه المقالع طلب السوق في الشمال السوري، خاصة بعد موجة النزوح الأخيرة، إذ زاد الطلب على هذه المواد لتجهيز المخيمات والأبنية السكنية.
ولفت صاحب المقلع إلى أن بعض المقالع تختص باستخراج كتل صخرية كبيرة لإرسالها إلى مناشر الرخام لقصها وبيعها في الشمال السوري.
ويحتاج تشغيل المقلع الواحد إلى طاقم تشغيل يتراوح بين عشرة و20 عاملًا من أصحاب الخبرة في هذا المجال.
ومن أهم المشاكل التي يعاني منها العاملون في هذا القطاع، تأمين بعض المواد من قطع الغيار والمازوت ومواد التفجير، لكن المشكلة الأكبر، بحسب عبد السلام الإبراهيم، هي هبوط قيمة الليرة السورية، مشيرًا إلى أنه اعتمد أجور العاملين لديه بالليرة التركية بسبب تراجع قيمة الليرة السورية.
تأثيرات على البيئة
وحول تأثيرات المقالع الحجرية على البيئة والحياة البرية، قال المهندس الزراعي أنس أبو طربوش لعنب بلدي، إن الأضرار تتمثل في الانتشار العشوائي للمقالع الحجرية، ما يعوق حياة نحل العسل، وبالتالي يقلل من أهم وظيفة يقوم فيها النحل وهي تلقيح الأزهار للمحاصيل المنتشرة في المنطقة.
وبالتالي تقل نسبة الإنتاج لبعض المحاصيل التي تعتمد في عملية تلقيحها على الهواء والنحل.
بينما يتسبب الغبار المنبعث من المقالع بتقليل عملية التمثيل الضوئي، ما يؤدي إلى ضعف نمو النباتات والأشجار المنتشرة بالقرب من هذه المقالع، كما تزيد هذه الأغبرة من صعوبة التنفس للمصابين بالأمراض التنفسية في هذه المنطقة، نتيجة استنشاق هواء ملوث، وفق المهندس الزراعي.
وإلى جانب الأضرار السابقة، فإن للمقالع تأثيرًا في تصدع الأبنية التي توجد بالقرب منها، وفق أنس أبو طربوش، الذي أشار إلى أن المقالع تعد مصدر رعب للأهالي نتيجة عمليات التفجير التي تتخلل عملها للحصول على قطع الحجارة.
لكن المهندس الزراعي أشار في الوقت ذاته إلى وجود العديد من الدراسات التي أكدت وجود فائدة من المقالع الحجرية، وهي تسهيل فتح ينابيع مياه سطحية.
المزارع أحمد زكور، من قرية كفر عروق بريف إدلب، أجّر أرضه المزروعة بأشجار الزيتون لأحد الأشخاص العاملين باستخراج الكتل الحجرية، لاستخدامها في قص الحجر، لكنه لم يكن يعلم مدى الضرر الذي سبّبته لأشجار الزيتون، إذ يبست عدة أشجار نتيجة الحفر بالقرب منها واقتلاع العديد منها بالإضافة إلى مرور الآليات فوق جذورها.
كما قلّ إنتاج ما تبقى من الأشجار للنصف، نتيجة الأغبرة الحاصلة من أعمال القلع، وكسر الأغصان نتيجة عمليات التفجير، وفق المزارع أحمد.
وعن أخطار المقالع الحجرية على العاملين فيها، قال مدير مكتب إعلامي في “الدفاع المدني السوري” بحلب، إبراهيم أبو الليث، إنه في أحد مقالع قرية ترندة الواقعة بريف عفرين، قُتل شقيقان نتيجة سقوط كتل حجرية عليهما بسبب عمليات التفجير.
وفي وقت سابق أيضًا، قُتل شخص يعمل بمقلع في مدينة الأتارب على طريق الأبزمو لنفس السبب.
وأكد أن للمقالع أضرارًا كبيرة على حياة العاملين فيها، مع غياب إجراءات السلامة، إضافة إلى العشوائية في سير العمل.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :