تعا تفرج
طرائف عن حب الدولار البوط
خطيب بدلة
مفارقات عديدة حصلت في أثناء الاحتجاجات العالمية على قيام شرطي أمريكي أبيض بقتل مواطن أمريكي أسود. بعض هذه المفارقات كانت قوية إلى حد أنها تحولت إلى نكتة مضحكة تداولتها وسائلُ التواصل الاجتماعي، وتقول إن أحد العربان سأل صديقه: عجب أيش صاير ببلاد الأمالكان؟ فرد عليه: هذول الكواويد الأمالكان العنصريين جاتلين واحد عبد!
كلمة “عبد” تقبع، منذ مئات السنين، في أعمق أعماق الإنسان المنتمي إلى الثقافة العربية الإسلامية، مخبأة، ومحمية، ومصونة، ولا يدري أحد، ولا حتى العربي المسلم نفسه، كيف تتسلل وتخرج من أعماقه، حتى تصل إلى لسانه فيقولها عفو الخاطر، ودون أي تفكير، ولا يكتفي بالقول، بل يقرنه مع الممارسة، وعلى نحو شبه يومي.
محبو نظام بشار الأسد الذين يحملون لقب “المنحبكجية” بجدارة، يقولون عن الثوار والمعارضين “عبيد الدولار”! وبصراحة؟ هم لا يمتلكون الحق في إطلاق هذه التسمية على هؤلاء، لأسباب عديدة، أولها أن قسمًا كبيرًا من الثوار وأهاليهم أصبحوا يعيشون في المخيمات، وكل ما يستهلكونه يأتيهم من منظمات الإغاثة عينًا، لا نقدًا، وواحدهم إذا التقى بالدولار وجهًا لوجه قد لا يعرفه.. وثانيها أن بعض المعارضين يقبضون بالدولار، بينما يعيش بعضهم الآخر عيشة الكفاف في دول اللجوء.. وثالثها أن القبض بالدولار أمنية مشتركة بين المؤيدين والمعارضين، وأنا مستعد أن أحلف يمينًا معظمة وأتحمل وزرها على أنه لا يوجد مؤيد، أو منحبكجي واحد يتمنى أن يقبض راتبه البالغ 50 ألفًا بالليرة السورية، لأنه سيستيقظ في اليوم التالي ليجد قيمتها الشرائية قد انخفضت إلى أربعين ألفًا، ويتمنى لو يقبض الـ25 دولارًا التي تعادل راتبه صحيحة، ويضعها تحت مخدته وينام قرير العين. ثم لماذا يسموننا عبيد الدولار ونحن (وهم مثلنا) نحب الدولار حبًا ولا نعبده عبادة؟
يوجد في صفوف الثوار والمعارضين نسبة لا يستهان بها من الذين يعادون نظام بشار الأسد، ويتمنون سقوطه.. ولكنهم يعادون المسيحيين والشيعة والعلويين والإسماعيليين والأكراد، ويحبون صدام حسين حبًا جمًا، ويمجدونه لأنه (برأيهم) قمع الشيعة الأنجاس، ونفذ بالأكراد الكواويد وأطفالهم مجازر يستحقونها بجدارة، وإذا ذُكر أمام أحدهم الحجاج بن يوسف الثقفي يقف له باحترام، ويقول إنه ما قصر بقتل أهل الكوفة، ولكن حبذا لو كان على زمانه شوية كيماوي، لكان القتلُ أجملَ وألذ. هؤلاء المعارضون يقولون عن منحبكجية الأسد إنهم “عبيد البوط”! وهذه معلومة خاطئة بالطبع، لأن بين هؤلاء أناسًا يحبون الأسد ولا يحبون البوط، وأناسًا يحبون البوط ولكنهم لا يعبدونه، لأن العبادة المتمثلة بالصلاة تحتاج إلى طهارة وركوع وسجود وتلاوة، وأما الفنان زهير عبد الكريم فلا أظنه كان متوضئًا عندما باس البوط العسكري، وكذلك الحال بالنسبة للإعلامية التونسية كوثر البشراوي، فقد يكون لديها حينما قبّلت البوط العسكري عذر شرعي، وحينما دعا المنحبكجي مهدي دخل الله المواطنين السوريين لتقبيل البوط، لم يشترط عليهم أن يعبدوه.
وللحقيقة، والتاريخ، فإن الطرفين، أعني منحبكجية الأسد، ومنحبكجية صدام والحجاج، ومنحبكجية البوط العسكري، استنكروا ما فعله الشرطي الأمريكي الأبيض، الكواد!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :