عروة قنواتي
فصل الصيف، أيام الميركاتو الصيفي (الميركاتو الأشهر في فصول السنة)، تتمثل الاستعدادات للموسم الجديد ومنافسات الأندية، بخطف الأوراق من الأيادي والسرعة في البحث والصيد والتعاقد بين مدرب ولاعب، مبالغ بمئات الملايين تنزل إلى الطاولات المخصصة للتفاوض، رجال أعمال وإدارات أندية ووكلاء نجوم، صحف ومواقع ومنتديات كروية في العالم تنتظر الخبر الرسمي والأهم في كل ساعة لهذا اللاعب أو ذاك.
هنا تبرز رهانات النجوم والأندية وكيف تدار المشاريع الشخصية، وهنا يكون للحسابات طعم آخر، ولنية التحول من فريق إلى آخر أو من دوري إلى آخر الهدف الأمثل بحياة كل نجم، لاعبًا كان أو مدربًا.
الدون البرتغالي الأشهر وقائد منتخب البرتغال، كريستيانو رونالدو، المعروف بصاروخ ماديرا، يدخل سنوات اللعب الأخيرة في كرة القدم ببلوغه 35 عامًا، طاف في أكثر من نصفها بين ملاعب العالم ومسابقات وأندية شهيرة، حاصدًا الأرقام والألقاب الجماعية والفردية، مزلزلًا الأرض والمحيط حول أسماء سبقته في عالم كرة القدم وتربعت على عرش النجومية لسنوات طويلة. نعم كريستيانو من أشهر لاعبي التاريخ.
عاش في لشبونة وطار إلى المان يونايتد باحثًا عن مكانه بين العمالقة آنذاك، وبوجود السير أليكس فيرغسون، ثم نال مراده وسافر إلى مدريد حيث “سيد أوروبا” يصارع خصومه في المسابقات المحلية والقارية والعالمية، ليكتب تاريخه الشخصي والجماعي بمواسم طويلة حافلة بالإنجازات، واليوم هو في حديقة السيدة العجوز “يوفنتوس” للموسم الثاني، وقد يخرج إلى مكان جديد بحسب طموحاته!
طموحاته التي تصل إلى هدفها الأعلى في فريق، وتتأخر في فريق آخر وهذه حال كرة القدم، إذ إن ما حصده الدون برفقة المان يونايتد وريال مدريد لم يستطع حصاده بالكامل في اليوفي مع اقتراب انتهاء الموسم الثاني، هناك كانت رحلة الكرة الذهبية والحذاء الذهبي ومنصات التتويج المحلية في الدوري والقارية في الشامبيونز والعالمية في كأس العالم للأندية.
الآن في اليوفي، وفي مرحلة انتقالية صعبة على السيدة العجوز، يكتفي الدون بالحصاد المحلي على مستوى الدوري، ولا يبدو خط سير النادي الإيطالي نحو نهائي دوري أبطال أوروبا معبّدًا بشكل جيد، وربما يغيب الدون عن منصات التتويج الأوروبية للعام الثاني على التوالي.
لطالما تصدرت قوائم الهدافين الأفضل على مستوى العالم اسم كريستيانو كأفضل وأهم مسجل في تاريخ الدوريات الخمسة الكبرى، وعلى مستوى دوري أبطال أوروبا، ومستوى البطولات المحلية الأوروبية التي لعبها مع أندية ريال مدريد ومانشستر يونايتد، يتأخر أيضًا الحصاد التهديفي في إيطاليا، وهذا ليس عيبًا، ولا ينقص من قدر الدون ومكانته وخوف الخصوم من وجوده في الملعب أساسيًا أم على دكة البدلاء، بل لربما يتنفس كثير من الخصوم الصعداء عندما يكون الدون على المدرجات مصابًا أو محرومًا.
كريستيانو استطاع خلال السنوات الماضية أن يدير ملفه الرياضي بما يجعله محور اهتمام عدسات الكاميرات وأغلفة المجلات ومنى الأندية الكبرى في المفاوضات، على عكس نجوم شابة تاهت في مقتبل العمر بين رغبة الشهرة والمال (وهذا حق طبعًا) ومن دون إدارة صحيحة للملف الشخصي وللمستقبل.
حال بعض اللاعبين كحال نيمار دا سيلفا النجم البرازيلي الذي لم يؤمن باستقراره في البارسا ولا حصد المراد في باريس، وفي كل ميركاتو (شتوي وصيفي) يتردد اسمه بين الأندية مع علو الأرقام وانخفاضها، ورغبة المدربين من عدمها، وتخوّف الأندية من استعدادها، وأمنيات البرازيلي تذهب بعيدًا إلى برشلونة مجددًا وتعود لتصارع حب الجماهير وكراهيتها لاسم نيمار، والراضية أخيرًا بزيارته المتكررة لشباك الخصوم ولكن على مضض.
بين رونالدو وغيره من النجوم في العالم حكاية عقل ومستقبل وإرادة وإدارة سمعة ورفعة شأن. صاروخ ماديرا لن يتكرر بسهولة في كرة القدم حتى ولو أنهى عمره الكروي في أمريكا أو في شرق آسيا.