السورية المؤقتة… حكومة خارج حدود الوطن

  • 2015/07/19
  • 2:11 م

الحكومة_المؤقتة_2

محمد رشدي شربجي

كحال معظم بلدان الربيع العربي، لم تنجح النخب في اليمن بتقديم التنازلات التي تحفظ جزءًا من مكاسبها ومكاسب البلد، فنقلوا خلافاتهم من تحت قبة البرلمان إلى خلف المتاريس، وانحدرت عموم البلاد في الفوضى القاتلة التي استغلها الحوثيون ليسيطروا على كامل اليمن، إلى أن وصلنا إلى «عاصفة الحزم» و «إعادة الأمل».

في مطلع الأسبوع الماضي انطلقت عملية «السهم الذهبي» التي تهدف إلى تحرير مدينة عدن من الحوثيين وقوات صالح، ولم يمض الأسبوع حتى حققت العملية مرادها، وأعلن الرئيس هادي عن هذا «الانتصار» في أول أيام عيد الفطر.

من الجيد المقارنة هنا بين موقف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والمقيمة في السعودية، وحكومة الائتلاف الوطني السوري التي اعترفت به أكثر من مئة دولة كممثل للشعب السوري، وتجدر الإشارة هنا إلى أن البيان التأسيسي للائتلاف في تشرين الثاني 2012 قد أشار إلى أن هدف الائتلاف هو «تشكيل حكومة انتقالية بعد الحصول على الاعتراف الدولي».

فلم يكن قد حرر من عدن أكثر من نصفها حتى عاد إليها أبرز وزراء الحكومة اليمنية، وباشروا على الفور بمهامهم كوزراء معترف بهم، بغية تأهيل المدينة والانطلاق منها نحو تحرير كامل الجمهورية اليمنية من سطوة الميليشيات، في حين لم تفكر الحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف بأي خطوة من هذا القبيل، مع وجود مساحات شاسعة خارج سيطرة النظام وأكبر مساحة من مدينة عدن وعلى حدود مباشرة مع تركيا وتتمتع بأمان نسبي أكثر.

تتحجج المعارضة دائمًا بضعف الاعتراف الدولي، وبخذلان المجتمع الدولي للمعارضة والثورة السورية، ولكن كيف من الممكن للمجتمع الدولي أن يعترف بحكومة لا تجد لها داخل وطنها موطئ قدم؟

وبكل تأكيد فإن المجتمع الدولي لم يتعامل مع الحكومة المؤقتة كما يجب، كما أن الخلافات السعودية القطرية مزقت الائتلاف ومعه الحكومة، ولكن كان من الممكن للحكومة أن تجبر العالم على الاعتراف بها كـ «طرف» شرعي على الأقل لا يمكن تمرير أي حل بخصوص سوريا بدونه، كما يحدث الآن مع قوى صاعدة داخل سوريا مثل أحرار الشام وجيش الإسلام وغيرهما.

في مادة قيمة نشرها الكاتب خلف علي الخلف في مركز أبحاث الجمهورية الديمقراطية عن «ضياع» مدينة الرقة، يخلص الكاتب إلى تحميل المعارضة جزءًا من مسؤولية ضياعها بين براثن تنظيم الدولة، بعد أن عاشت فترة من الحرية النسبية إثر سيطرة الثوار عليها، والحقيقة أن بطء المعارضة في الاستجابة لتطلعات المدن المحررة أتاح الفرصة لقوى الإرهاب مثل تنظيم الدولة لتملأ هذا الفراغ، كما أنه قدم إثباتًا مجانيًا لبروباغاندا الأسد التي تشكك دائمًا بوجود بديل عنه.

وما ينطبق على الرقة، ينطبق أيضًا على باقي المناطق السورية، من محافظة إدلب في شمال سوريا، إلى درعا جنوبها، حيث خرجت معظم المناطق خارج سيطرة الأسد، ولا يخطر ببال أحد من الحكومة ولا خارجها أن تأتي لتحكم مساحة مهما صغرت من هذا البلد.

لا فائدة ترجى من إلقاء الملامة اليوم على الائتلاف أو الحكومة أو الدول الداعمة والصديقة والعدوة، فما حصل قد حصل ولا يمكن تغيير الماضي، ولكن من الممكن تغيير المستقبل، وبكل تأكيد فإنه كلما زادت المدة أصبحت قابلية الحكومة للعمل أصعب وأكثر استحالة، ولكن وبعكس ما يعتقد كثيرون فإن الوقت لم يفت تمامًا لعمل شيء ما، فالثورة ستطول للأسف، ولا أحد من الباحثين والمحللين في الشأن السوري يتخيل أنه من الممكن لها أن تنتهي خلال سنوات قليلة، وربما طول أمد الثورة سببه الأساس انعدام الفعل السياسي داخل المعارضة.

منذ تحرير مدينة إدلب ذخرت المراكز البحثية  بتحليلات تشير إلى بداية نهاية الأسد، والمراكز ذاتها كانت تشير قبل تحرير إدلب إلى أن الكفة تميل لصالح الأسد في كل سوريا، وهذا يعني أن أرض الميدان هي فقط من يقود السياسات الدولية والإقليمية بخصوص سوريا.

على المعارضة السورية أن تدرك أن مصلحتها على المدى المتوسط والبعيد (وأقول مصلحتها وليس مصلحة جماهيرها المفترضة) هي أن تكون في سوريا لتحارب ضد الأسد، وأن تبحث عن موطئ قدم لها داخل الحدود، وليس هذا بمستحيل، فالداعم الأساسي للجبهة الجنوبية هو السعودية، وهي أحد الداعمين الأساسيين للائتلاف كذلك، فهل من الخارق للمنطق أن تجد الحكومة مكانًا لها ولو في قرية صغيرة في جنوب سوريا مثلًا؟

مقالات متعلقة

  1. فلننتظر الأسوأ
  2.  شكرًا للربيع العربي
  3. اتفاق إدلب على حساب الحلقة الأضعف
  4. "عاصفة الحزم" تدك معاقل الحوثيين في اليمن

رأي

المزيد من رأي