عبادة كوجان
انتهت آخر حلقات الجزء السابع من مسلسل باب الحارة عبر قناة MBC، محطمًا أرقامًا قياسية بالمغالطات والأخطاء الفنية، تزامنًا مع انتقادات واسعة وجهت لطاقم العمل أبرزها على لسان الممثل سامر المصري، صاحب شخصية العكيد أبو شهاب في الأجزاء السابقة.
وحقق المسلسل في أجزائه الأربعة الأولى نجاحًا مذهلًا متصدرًا المشهد الدرامي السوري، لكنه مع اندلاع الاحتجاجات ضد بشار الأسد قبل أربعة أعوام تحول إلى منبر سياسي يحاكي نظرة نظام دمشق إلى «الأزمة».
وبعيدًا عن المطبات الفنية التي وقع فيها نجوم العمل خلال حلقاته الثلاثين من ارتداء عباس النوري (أبو عصام) لبنطال «الجينز» تحت الكلابية والأخطاء الواردة في الآيات القرآنية على لسانه أيضًا إلى العديد من الانتقادات الفنية التي كشفها أهل الاختصاص، فإن إقحام السياسة واستخدام مصطلحات بعيدة عن السياق التاريخي لمدينة دمشق مع مطلع القرن العشرين، فتح باب السخرية والهجوم اللاذع.
وخلال الأحداث اليومية في حارة الضبع، والتي باتت باهتة دون حبكة درامية أو سيناريو متقن، يظهر معمم شيعي بلفته السوداء الكبيرة ويمر مرور الكرام إلى جانب القس والشيخ ورجل الدين اليهودي، في إشارة إلى التعايش المشترك بعيدًا عن «الفتنة»، المصطلح الأبرز في العمل.
وتناول العمل بشكل رئيسي قصة سارة اليهودية (كندة حنا) التي تزوجت العكيد معتز (وائل شرف) دون رضى أهلها لتبدأ فصول التوتر بين حارتي اليهود والضبع، ومحاولات المأجورين الممولين من الخارج (أي فرنسا) زرع الفتنة بين الحارتين، لتنتهي الحلقة الأخيرة بنزع بذور «الفتنة» التي لم تبارح لسان أبي عصام، قبل أن تحاول قوى الشر الفرنسية هدم الحارة الوطنية بامتياز.
واقتضت مسرحية «المؤامرة» تنويه الكاتب سليمان عبد العزيز، المتأثر بإعلام نظام الأسد ورؤيته للواقع السوري، إلى التشدد والتطرف الديني مسقطًا مشهدًا غريبًا عن البيئة الشامية في تلك الآونة، إذ يظهر في الحلقة الأخيرة الممثل فادي الشامي (سمعو) بمظهر شاب مغالٍ في دينه وعقيدته، حتى إنه رفض النظر إلى زوجته وحماته دون ستر رأسهن.
وخلال احتفالية الصلح بين حارتي اليهود والضبع، توجهت كاميرا المخرج نحو ميلاد يوسف (عصام) وهو يصب الطعام للفقراء، ويقول لهم «هي عن رقية.. وهي عن زينب»، في إشارة إلى مقامي السيدة رقية والسيدة زينب في العاصمة دمشق، اللذين يعتبران أبرز المعالم الشيعية في سوريا، في مداعبة لمحور «المقاومة» ربما، أو اعتبار أبي عصام وأهالي حارته من الطائفة الشيعية في الأصل، دون التلميح لذلك في الأجزاء السابقة.
المغالطات التاريخية والأخلاقية ومحاولة إسقاط الواقع الحالي برؤية الأسد على باب الحارة، جعل منه عملًا فنيًا هابطًا، فقد مصداقيته وجمهوره، وعلى الشركة المنتجة إعادة النظر مليًا قبل إنتاج جزء جديد منه رمضان المقبل.