بين أنقرة وموسكو.. كيف تسير التحركات الأمريكية في ليبيا
تدخل الولايات المتحدة الأمريكية على الخط الدبلوماسي في الملف الليبي، على وقع المعارك العسكرية بين قوات حكومة “الوفاق” المعترف بها أمميًا والمدعومة تركيًا، وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من فرنسا والإمارات ومصر.
وشهدت الأيام القليلة الماضية تحركات أمريكية في الملف الليبي، شملت التوصل إلى اتفاقات بين الرئيسين، التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الأمريكي، دونالد ترامب، وتصريحات من سفارة واشنطن في طرابلس.
وتتزامن التحركات الأمريكية مع نفوذ روسي متزايد في ليبيا، وتدخل عدد من الدول الأوروبية في الملف ذاته منها فرنسا واليونان وألمانيا.
تفاهمات أمريكية- تركية
وقال أردوغان مساء أمس، الاثنين 8 من حزيران، إنه “بحث مع ترامب الصراع في ليبيا، واتفقا على بعض القضايا المتعلقة بالملف”.
وأشار أردوغان، خلال لقاء مع قناة “TRT” الحكومية التركية، إلى أن “حقبة جديدة بين البلدين ستبدأ عقب المكالمة مع ترامب”، وأن الأخير أخبره بأن وضع أنقرة في ليبيا “ناجح“.
وسبق تصريحات الرئيس التركي نشاط دبلوماسي أمريكي، منذ أيار الماضي، إذ قالت مندوبة واشنطن إلى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، في 19 من الشهر نفسه، إن بلادها تدعو إلى انسحاب “مرتزقة فاغنر” التي تقاتل إلى جانب حفتر من ليبيا، وترفض هجوم الأخير على العاصمة طرابلس.
إلا أن تصريحات كيلي، حينها، لم تخرج أيضًا عن السياق العام لتصريحات أمريكا بخصوص ليبيا حتى في وقوفها إلى جانب “الوفاق”، إذ تدعو في المقابل إلى وقف العمليات العسكرية.
هجوم كرافت على “مرتزقة فاغنر” سبقته تصريحات لسفير واشنطن في ليبيا، ريتشارد نورلاند، في 17 من أيار الماضي، إذ اعتبر في مقابلة مع صحيفة “القدس العربي” أن تحركات “فاغنر ومعداتها المتطورة في ليبيا لا تدل على احترام سيادتها وسلامتها”.
وأضاف نورلاند أنه يعتقد “أن نفوذ حفتر في تراجع”.
وفي مطلع حزيران الحالي، قال الحساب الرسمي للسفارة الأمريكية في طرابلس، إن نورلاند أجرى مباحثات هاتفية مع نائب رئيس الوزراء في حكومة “الوفاق”، أحمد معيتيق، حول المسار السياسي في البلاد.
1/3 أجرى السفير نورلاند ونائب رئيس الوزراء معيتيق محادثة يوم 1 يونيو حيث تشاورا حول آفاق العودة المبكّرة إلى آلية 5 + 5 واستئناف الحوار السياسي. pic.twitter.com/unw0yu1shr
— U.S. Embassy – Libya (@USEmbassyLibya) June 2, 2020
تبع هذا الإعلان اتصال هاتفي حول الملف ذاته بين وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، ونظيره الفرنسي، جاك لورديان، وذلك في 3 من حزيران الحالي، مع صلة فرنسا الوثيقة بالملف الليبي وتصريحاتها الدبلوماسية ودعمها لحفتر.
وسبق أن أعرب الوزير الفرنسي “عن أسفه” لتزايد تدخل أنقرة وموسكو في الملف الليبي، مضيفًا أنه لا يمكن تخيل حالة مشابهة للنزاع السوري على بعد 200 كيلومتر من السواحل الأوروبية.
تحدث وزير الخارجية بومبيو اليوم مع وزير الخارجية الفرنسي لودريان. ناقش الجانبان دعم حل سياسي للصراع الليبي، الأمن والاستقرار في منطقة الساحل، و تنسيق الجهود في الأمم المتحدة بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك. https://t.co/WrtW1xb1d1 #ليبيا https://t.co/SbSi2daJHj
— U.S. Embassy – Libya (@USEmbassyLibya) June 3, 2020
كما صرّحت الحكومة الأمريكية، في 5 من حزيران الحالي، أن “على جميع الأطراف الليبية إلقاء السلاح، واستئناف وقف إطلاق النار والمحادثات السياسية”، وذلك بالتزامن مع سيطرة “الوفاق” على عدد من النقاط العسكرية الاستراتيجية بالقرب من طرابلس، كما قالت في اليوم التالي إنها “تراقب باهتمام” أصواتًا سياسية في شرقي ليبيا.
1/2 تراقب الولايات المتحدة الأمريكية باهتمام ارتفاع أصوات سياسية في شرق #ليبيا للتعبير عن نفسها. ونتطلع إلى رؤية هذه الأصوات تنخرط في حوار سياسي حقيقي على الصعيد الوطني فور استئناف مباحثات اللجنة المشتركة 5 + 5 التي استضافتها البعثة بشأن صيغ وقف إطلاق النار. pic.twitter.com/HWo8TPtUoW
— U.S. Embassy – Libya (@USEmbassyLibya) June 6, 2020
أمريكا وروسيا ترحبان بـ”مبادرة القاهرة”
مع تقدم قوات حكومة “الوفاق” وسيطرتها على عدد من النقاط الاستراتيجية العسكرية، بما فيها قاعدة “الوطية” الجوية ومدينة ترهونة بدعم تركي، لجأ حفتر إلى حليفه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي أعلن في مؤتمر صحفي مشترك، في 6 من حزيران الحالي، عن “مبادرة القاهرة“.
ونصّت المبادرة على تجديد المفاوضات السياسية ووقف إطلاق النار، اعتبارًا من 8 من حزيران الحالي، والعمل على استعادة الدولة الليبية، وتمثيل أقاليم ليبيا الثلاثة في مجلس رئاسي منتخب ضمن فترة انتقالية لعام ونصف.
تسارعت ردود الفعل على المبادرة من الأطراف المعنية، ورغم إعلان حكومة “الوفاق” رفضها مشاركة حفتر في أي مفاوضات وكذلك تركيا، أعلنت كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية دعمها.
وقالت الخارجية الروسية، إنه يجب على المبادرة أن تكون “المنتدى الرئيس لتقرير مستقبل ليبيا”، بحسب ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، وذلك قبل إعلان موسكو وأنقرة تأييدهما لعملية سلام في ليبيا وفقًا لوكالة “رويترز“، تبعه إعلان أردوغان أمس بحثه الملف الليبي مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
ولا يبدو أن الطرفين يملكان الرؤية نفسها للسلام في ليبيا، إذ أعلنت أنقرة مباشرة رفضها للمبادرة، وكذلك استنكرت اتهامات القاهرة لها “بعرقلة عملية السلام”.
وردت أنقرة على لسان المتحدث باسم الخارجية، حامد أقصوي، على الاتهامات بالقول، إن “من يعرقل السلام هو من يعرقل عمل الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا ويدعم خليفة حفتر”، بحسب ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية، في 6 من حزيران الحالي.
كما قال نائب الرئيس التركي، ياسين أقطاي، في تغريدة عبر “تويتر” تعليقًا على المبادرة، إن “إكرام الميت دفنه”.
من المحزن والمؤسف أن نرى مثل هذه المؤتمرات الصحفية التي يسعى منظموها بكل ما أوتوا من قوة لنفخ الروح في ابدان قد ماتت و نفوس قد بليت.. اكرام الميت دفنه . pic.twitter.com/x1sj0xOW86
— Yasin Aktay 🇹🇷 (@yaktay) June 6, 2020
ورغم تباين تحركات كل من الولايات المتحدة وروسيا في ليبيا، والأدوار التي يلعبها كل منهما، فإن واشنطن اختارت دعم المبادرة، وذلك عبر “مجلس الأمن القومي الأمريكي”، وفقًا لما نقلته وكالة “رويترز” أمس، الاثنين 8 من حزيران.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :