اتخذت القوى التي تسيطر على الجغرافيا السورية إجراءات اقتصادية من شأنها التخفيف من انعكاسات قانون “قيصر” الأمريكي على واقع الاقتصاد السوري، إذا ما بدأ تطبيقه في الوقت المحدد له، في 17 من حزيران الحالي.
وتشهد الليرة السورية تسارعًا في هبوط قيمتها، إذ وصل سعر صرف الدولار إلى أكثر من ثلاثة آلاف ليرة لأول مرة في تاريخ العملة السورية.
وانعكس هذا الهبوط على الواقع المعيشي في مختلف المناطق السورية، وحرك احتجاجات في عدة مناطق بعد الارتفاع الحاد في الأسعار، وفقدان العديد من السلع، بما فيها الدوائية.
وعلى الرغم من اختلاف القوى التي تسيطر على المناطق السورية، فإن الليرة السورية هي القاسم المشترك بين هذه المناطق، فهي العملة المستخدمة، ولذلك فإن أي تدهور يلحق بها يؤثر في جميع المناطق السورية.
حكومة النظام السوري
تشهد محافظة السويداء الخاضعة لسيطرة النظام السوري احتجاجات شعبية مستمرة منذ ثلاثة أيام، بسب تدني الوضع المعيشي، وانحدار قيمة الليرة السورية.
كما تشهد أسواق العاصمة دمشق إغلاقات في عدد كبير من محالها التجارية إضافة للصيدليات، نتيجة هذا التدهور.
وأمام هذا الوضع، خرج رئيس مجلس الوزراء في حكومة النظام السوري، عماد خميس، في 7 من حزيران الحالي، ليعلّق على الإجراءات التي ستتخذها حكومته من أجل السيطرة على الوضع.
وقال خميس، بحسب صحيفة “الوطن” المحلية، “نتواصل مع الدول الصديقة ونعمل معها ضمن العديد من العناوين، أحدها الحصول على قروض”، معتبرًا أن هذا شيء قائم بعلاقات الدول.
وأكد خميس أن تثبيت سعر الصرف من العام 2017 حتى العام الحالي يتطلب 20 مليار دولار.
وبحسب ما ذكره، فإن حكومته تتابع التغيرات الحاصلة على الليرة السورية بـ”الثانية”، وعندما يوجد تغير بقيمتها صعودًا أو هبوطًا فإن ذلك يؤثر على التنمية الاقتصادية.
وبرر خميس ارتفاع الأسعار بشكل كبير بانعكاس انخفاض العملة عليها.
من جانبه، قال وزير المالية في حكومة النظام السوري، مأمون حمدان، أمس، إن سبب ارتفاع سعر الصرف بجزء كبير منه ليس اقتصاديًا، لأن حجم الإنفاق لم يزد بل تم تخفيضه، وكذلك حجم المستوردات، قلّ ولم يزد.
وأشار حمدان إلى أن سبب الارتفاع يعود إلى التلاعب في سعر الصرف، وقال إن “الحكومة لم تتدخل حتى الآن بطرح الدولار في الأسواق، ولم تتم التضحية بأي دولار”.
من جهته، قدم حاكم مصرف سوريا المركزي، حازم قرفول، أمس، ما وصفها بـ”خطوات تعزيز قوة الليرة والاقتصاد الوطني، والاستمرار بمحاربة المضاربة بالعملة الوطنية”، بحسب ما ذكرته صفحة “رئاسة مجلس الوزراء” في “فيس بوك”.
وكانت الليرة السورية شهدت، خلال الساعات الماضية، هبوطًا متسارعًا أمام الدولار، لتصل إلى مستويات قياسية جديدة.
وبحسب موقع “الليرة اليوم”، المتخصص بأسعار الصرف اليوم، الثلاثاء 9 من حزيران، وصل سعر صرف الليرة إلى 3100 ليرة سورية للدولار الواحد.
“الإدارة الذاتية”
شكلت “الإدارة الذاتية” لشمالي وشرقي سوريا خلية أزمة اقتصادية لتفادي الآثار السلبية للعقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون “قيصر” المتوقع فرضه على النظام السوري، والتي ستطال آثارها مناطق شمالي وشرقي سوريا، وفق بيان لـ”الإدارة”، أمس.
وأكد البيان أن هدف هذه الخلية هو تفادي العقوبات الاقتصادية، وتحسين المستوى المعيشي للعاملين لدى “الإدارة الذاتية” في شمالي وشرقي سوريا، ودعم الإيرادات العامة وتنويع مصادرها، وترشيد النفقات العامة من خلال ضبطها وتوجيهها نحو المجالات التي تسهم في تنمية حقيقية وتأمين فرص عمل للباحثين عنها.
وأضاف أن السياسات التي ستُقترح ضمن هذه الخلية ستكون لأجل ضبط عملية المبادلات النقدية في أسواق شمالي وشرقي سوريا، ولتشجيع القطاع الخاص والصادرات المحلية.
وكانت “الإدارة الذاتية” طالبت، في 21 من أيار الماضي، المجتمع الدولي بعدم شملها بالعقوبات الاقتصادية بعد تفعيل قانون “قيصر”، معتبرة أن تأثير القانون سيكون على كل المناطق السورية، بما فيها المناطق الخاضعة لسيطرتها، “كون التعاملات مع الداخل السوري قائمة وتتأثر بهذه العقوبات كل القطاعات”.
وردت الولايات المتحدة الأمريكية على هذا الطلب، إذ قال مستشار التحالف الدولي، السفير الأمريكي وليام روباك، في 24 من أيار الماضي، إن عقوبات “قيصر الاقتصادية على سوريا لن تستهدف مناطق شمال شرقي سوريا أو الشعب السوري، بل ستستهدف النظام السوري فقط”، وفق ما قاله لموقع “نورث برس” المحلي.
وتشهد مناطق “الإدارة الذاتية” في كل من الحسكة ودير الزور مظاهرات شعبية متواصلة منذ مطلع الأسبوع الحالي، تندد بسياسات “الإدارة” التي تنفذها مجالسها المحلية، وتطالب بتحسين الوضع المعيشي المتدني.
حكومة “الإنقاذ”
لم تكن مناطق شمال غربي سوريا، التي تحتضن المعارضة السورية، بمنأى عن تدهور قيمة العملة السورية وتراجع الوضع المعيشي.
واتخذت حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب مجموعة إجراءات لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية، بسبب انهيار سعر صرف الليرة السورية وما ترتب عليه من ارتفاع كبير بأسعار السلع.
وقررت “الإنقاذ” في جلسة لها، أمس، العمل على تبديل العملة السورية إلى التركية بأقصر فترة زمنية ممكنة، وإلغاء جميع الرسوم المترتبة على مادة الطحين المستورد، وإنشاء مراكز توزيع للخبز المدعوم في كل المناطق.
وأشارت إلى أنه يتم الاعتماد في إنتاج الخبز على 95% من المواد المستوردة كالطحين والمازوت، وأنها حددت سابقا سعر ربطة الخبز بـ0.39 دولار، وبالتالي فإن أي انهيار في سعر صرف الليرة السورية يؤدي إلى ارتفاع سعر الخبز.
وستكون الخطوات التالية بحسب “الإنقاذ” تسعير جميع المواد، وتحديد الأجور بالدولار الأمريكي أو الليرة التركية، وتأمين وضخ الفئات الصغيرة من العملات لسهولة التداول النقدي اليومي، والحد من استخدام الليرة السورية.
–