زين كنعان – داريا
“يما جاني العيد آه يا يما….ومافي عيد يسعدني” أنشودة رددها نشطاء داريا عقب خطبة عيد الفطر، عبروا من خلالها عن واقع يعيشونه في المدينة المحاصرة من قبل قوات الأسد، وحزنٍ على فقدان رفاق استشهدوا خلال أعوام الثورة.
ومنذ الحملة العسكرية على المدينة في تشرين الأول 2012 وحتى الحين، تقبل الأعياد بمزيدٍ من أوجاع الفقد لدى أهالي داريا المحاصرين والنازحين، متذكرين مجازر الماضي وحصار الحاضر والمستقبل المجهول.
وفي محاولة لإخراج أطفال المدينة من أجواء الحرب نظمت مدرسة “اقرأ وارقَ” فعالياتٍ خلال أيام العيد، بحسب الأستاذ أبو خليل، المدير التنفيذي في المدرسة، متحدثًا عن توفير وسائل الأمان قدر المستطاع في المكان الذي وضعت فيه ألعاب متنوعة لعيش أطفالنا أجواءً حرموا منها فترة طويلة، إضافة إلى برامج تسلية كالمسابقات وتوزيع الحلوى والجوائز.
لا حلويات هنا، بحسب الحاج أبو وسيم، صاحب محل الحلويات الوحيد في المدينة، الذي ينقل عدم قدرته على صناعة حلويات العيد بسبب كلفتها الباهظة وعدم توفر المواد “بلغ سعر كيلو البرازق أو المعمول 2000 ليرة سورية وأهالي المدينة لا يستطيعون شراءها”، واقتصر عمله على صناعة الحلويات لأولئك الذين يستطيعون تأمين مكوناتها.
مقبرة الشهداء هي الوجهة الأولى لأغلب مقاتلي المدينة وأهلها؛ أبو عدنان، مقاتل في الجيش الحر، استهل صباح العيد بزيارة قبر أخيه حيث التقته عنب بلدي والدموع في عينيه “نسيت العيد منذ استشهاد أخي ولن تعود الفرحة حتى يخرج أخي الثاني من المعتقل، وقد انقطعت أخباره منذ عامين، وأتمكن من الاجتماع بأهلي النازحين منذ بداية المعركة”.
الخالة أم سعيد لا يختلف حالها عن باقي أمهات الشهداء، قضت أول أيام العيد باكية تعيش على ذكرى ابنها الشهيد منذ أن كان طفلًا، كما تقول، لكن ذلك لم يمنعها من صناعة كمية من البرازق وتوزيعها على أرواح الشهداء في المقبرة.
بدوره، أصدر مكتب الأمن العام في داريا عفوًا عامًا عن جميع المعتقلين، يستثنى منهم أسرى الحرب والجرائم الأخلاقية، بشرط أن يعيد المستفيدون من العفو الحقوق إلى أصحابها وتسديد ما عليهم من ذمم مالية.
وأفاد أبو ظافر، أحد قضاة المدينة، أن العفو صدر بمناسبة انتهاء شهر رمضان وقدوم العيد والهدف منه إعطاء فرصة للمذنبين للتوبة إلى الله، “غايتنا الوحيدة هي الحفاظ على الممتلكات وحقوق الناس والحد من وقوع الجريمة”.
واعتبر القاضي أبو ظافر أن معظم الموقوفين بذرتهم طيبة لكنهم وقعوا في الخطأ، ولعل قرار العفو يجعلهم أكثر حرصًا على عدم تكراره، وقال “بذلك لم نحرم أحدًا من سكان المدينة فرحة العيد”.
وتخضع مدينة داريا بمعظمها لسيطرة الجيش الحر، ويديرها مجلس محلي يحاول تأمين الاحتياجات الأساسية لنحو عشرة آلاف محاصر بداخلها، في حين لا يتوقف نظام الأسد عن قصفها يوميًا بمختلف أنواع الأسلحة برًا وجوًا.