عنب بلدي – درعا
حددت وزارة التربية في حكومة النظام السوري، في 11 من أيار الماضي، آلية نقل تلاميذ الصفوف الانتقالية من مرحلة التعليم الأساسي إلى الصف الأعلى، وأتاحت بموجبها رفع قوائم اسمية لطلاب الصف الأول ممن يرغب ذووهم بترسيبهم بسبب ضعف تحصيلهم الدراسي، مشترطة أن يتم ذلك بتقديم موافقة خطية لولي الأمر وصورة عن بطاقته الشخصية، لإدارة المدرسة.
تسبب تعليق التعليم ضمن إجراءات للحد من انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، بحرمان آلاف الطلاب من الحصول على التعليم الفعال في سوريا، في ظل ضعف فاعلية البدائل المتوفرة لمتابعة العملية التعليمية.
ويبدو الأمر مؤثرًا بشكل أكبر على طلاب الصف الأول، فهم في مرحلة تأسيسية وتعتبر واحدة من أهم المراحل التعليمية، إذ يتلقى الطالب مبادئ القراءة والكتابة والحساب، ويدرس منهاجًا مركزًا وموزعًا على طول فترة السنة الدراسية، وهو ما تسبب بحيرة الأهالي، بين نقل أبنائهم إلى صف أعلى دون أن يكونوا قد تأسسوا بشكل جيد، وبين ترسيبهم وخسارة عام كامل دون فائدة.
استطلعت عنب بلدي آراء عدد من الأهالي في محافظة درعا بشأن قرارهم حول نقل أبنائهم إلى صف أعلى، أو ترسيبهم، إضافة إلى آراء معلمين.
تراجع في سوية التعليم
أبدت أغلبية من التقاهم مراسل عنب بلدي في درعا، تخوفهم من تراجع سوية التعليم في حال نقل الطلاب إلى صفوف أعلى دون تمكنهم من المنهاج أو المبادئ الأساسية، لا سيما طلاب الصف الأول.
ويرى أولياء أمور أن الصف الأول مرحلة تأسيسية للطالب، مؤيدين ترسيب الطلاب ممن أظهروا ضعفًا بالتحصيل الدراسي خلال العام.
واعتبروا أن نقل الطالب ذي المستوى الضعيف إلى الصف الثاني سيؤثر سلبًا على كل المراحل التعليمية اللاحقة، وقد يصل إلى فشل الطالب بالدراسة وعدم قدرته على التكيف مع أقرانه.
وأكدت معلمة لغة عربية في إحدى مدارس درعا، التقتها عنب بلدي، وتحفظت على نشر اسمها، أن عددًا من الأهالي قرروا ترسيب أبنائهم.
ونقلت عن أحد أولياء التلاميذ قوله، إنه قرر ترسيب ابنه رغم أن مستواه متوسط خلال الفصل الأول، لكنه “فضّل أن يتأخر ابنه عامًا على أن يخسر مستقبله كاملًا”.
أثر القرار سيظهر في العام المقبل
قيّمت إدارات المدارس مستوى التلاميذ التعليمي وصنفتهم وفقًا لذلك، ثم تواصلت مع أهالي الطلاب “الضعفاء” لتخييرهم بين ترسيب أبنائهم أو نقلهم للصف الأعلى، بحسب التعليمات الحكومية، وفقًا لمعلمة تدرّس طلابًا في الصف الأول.
وفي حديث لعنب بلدي، قالت المعلّمة التي تحفظت على نشر اسمها، إن الطلاب لم يدرسوا المنهاج كاملًا، الأمر الذي سينعكس سلبًا على سوية التعليم في العام المقبل، على حد قولها.
ورجّحت أن يواجه مدرّسو ومدرّسات الصف الثاني للعام المقبل صعوبات تتعلق بأمور بديهية كان من المفترض أن يكون التلميذ قد تعلموها.
وحول دور الأهل في تعويض الفاقد التعليمي، ترى المعلمة أن دورهم هو المتابعة مع المدرسة بناء على توجيهات الكادر التدريسي، وأن التلميذ يأخذ الفكرة من المعلمين وقد يحتاج لبعض التوضيحات من الأهل.
لكن من وجهة نظرها، “لن يستطيع الأهالي متابعة التلاميذ بشكل كامل، وذلك لعدم امتلاكهم أساليب التعليم، وضعف معرفتهم بكيفية العملية التدريسية وطرائق التدريس”.
غياب البدائل
برزت مشكلة نقل الطلاب إلى صفوف أعلى بشكل واضح في ظل غياب بدائل تتيح للطلاب استكمال جزء من تعليمهم أسوة بإجراءات اتخذتها دول أخرى، ومنها متابعة التعليم “عن بُعد”، أو استكمال الدروس في الصيف المقبل.
واعتبرت مدرّسة اللغة العربية، أنه لا نتيجة تُرجى من التعليم “عن بُعد” في محافظة درعا، معللة رأيها بأن التعليم “عن بُعد” طريقة غير متبعة سابقًا، إضافة إلى ضعف الإنترنت وعدم توفر أجهزة اتصال متطورة وآمنة.