عنب بلدي – إدلب
مع عزوف جزء كبير من السوريين في الشمال السوري عن الاستشارات النفسية، وعدم اعتبارها حاجة صحية أساسية، بالمقارنة مع الحاجات الأخرى كالأمراض المزمنة، برزت الحاجة إلى زيادة التوعية بأهمية الصحة النفسية، وتسهيل طرق الاهتمام بها.
وضمن هذا الهدف، أطلق “اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية” (UOSSM) في نيسان الماضي، خدمة مجانية للصحة النفسية “عن بُعد” عبر الهاتف، يقدم من خلالها الدعم النفسي لمرضى سابقين أو أفراد يرغبون بالحصول على استشارات نفسية.
وتستهدف الخدمة المدعومة من منظمة الصحة العالمية، بحسب ما قاله مدير المشروع الإقليمي لبرنامج الصحة النفسية في”UOSSM” ، علاء العلي، لعنب بلدي، الفئة العمرية من 18 عامًا فما فوق، من خلال تخصيص مرشدَين نفسيَّين كبداية لانطلاق المشروع، يتناوبان على مدار 12 ساعة، من الثامنة صباحًا حتى الثامنة مساء خلال أيام الأسبوع عدا يوم الجمعة.
ويعمل المرشدان النفسيان على تقديم الخدمات الطبية، وللمستفيد حرية الإفصاح عن معلوماته الشخصية مثل الاسم والعمر والمهنة، أو عدم مشاركتها مع المرشد النفسي، كما يتم الحفاظ على سرية هوية المستفيد من الخدمة الاستشارية، “فالأولوية هي علاج المريض ومساعدته على استعادة صحته النفسية بغض النظر عن هويته”، وفق العلي.
ويوجد خطا هاتف متاحان عبر خدمة “واتساب” لاستقبال مكالمات الاستشارات النفسية، (352681124784+) و(3526811247783+)، كما يتضمن المشروع خدمة متابعة، وهي توجيه المتصلين إلى مقدمي الخدمات الصحية الأخرى حسب حاجة المتصل.
وبحسب العلي، شهد المشروع في بداية عمله إقبالًا واسعًا كونه يقدم خدمة جديدة، والأفراد الذين اتصلوا لأول مرة سُجل ملف متابعة لهم.
وكان المشروع مقتصرًا على الداخل السوري، ولكن وفق العلي، تلقوا مكالمات لطلب الاستشارة النفسية من خارج المناطق السورية، في مخيمات اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة.
وحين يُقيّم المرشد النفسي خلال المقابلة الاستشارية الحالة النفسية للشخص المتصل، ويعلم أنه بحاجة إلى زيارة المركز الطبي وتلقى العلاج النفسي فيزيائيًا (وجهًا لوجه) لدى أطباء أكثر تخصصًا، بالإضافة إلى أخذ علاج دوائي لحالته المرضية، يتم إيصاله بـ”خارطة الخدمات الطبية”، على حد تعبير العلي، ويُطلب منه التوجه إلى أقرب مركز طبي في الشمال السوري، لاستكمال متابعة حالته النفسية.
ولم تتمكن عنب بلدي من التواصل مع مستفيدين من المشروع، حفاظًا على سرية حالاتهم.
لكن العلي يؤكد ارتفاع عدد الحالات التي تتواصل معهم، ويقول، “الأمر الذي يشعرنا أن المنطقة فعلًا بحاجة إلى مثل هذا المشروع هو عدد المكالمات التي تتصل على الأرقام، التي تقدر شهريًا بـ90 متصلًا من مختلف المناطق”.
وتعمل جهات طبية عدة على تقديم برامج دعم نفسي في الشمال السوري، وبحسب بحث حصلت عليه عنب بلدي، عام 2019، من منظمة “إحياء الأمل”، اعتبر الباحثون أن برامج الدعم النفسي- الاجتماعي في سوريا “إلى حد ما مقبولة”، وتقدم الدعم للأفراد والمجتمع وتخفف بعض المعاناة.
لكن البرامج بأنواعها “لا تكفي” لإصلاح وتحسين حال الإنسان لوحدها، ما لم تكن مقترنة ببرامج اقتصادية وسياسية واجتماعية وحقوقية وتنموية، تدعم الإنسان وتعزز العافية لدى الأفراد والمجتمع، بحسب البحث.
وتعتمد معظم المنظمات المهتمة بتقديم الدعم النفسي في برامجها على البرامج الموضوعة من قبل المنظمات العالمية، كمنظمتي “الهلال الأحمر” و”الصليب الأحمر”.