معتز مراد
لم يتوقع السوريون أن توافق الحكومة السورية على دخول بعثة المراقبين، لأن أداء النظام وممارساته لا يحتمل جسدًا غريبا يشهد على ما يفعل يوميًا بحق شعبه المقهور منذ عقود، ولكن النظام وافق!، وغدا الغالب بعدها يشكك في مصداقية تعامل النظام مع البعثة، وتوقع الكثير من الحيل والأساليب التي سيتبعها النظام ليضلل رجال البعثة ومسؤوليها.
النظام لم يكذّب توقعات المراقبين، بل سبقها بمراحل، وتشبيحه لم يقتصر على مواطنيه، بل تعداه لمراقبي البعثة، فقام بتغير أسماء المدن والبلدات، وعرقل ذهابهم لكثير من المناطق الساخنة، وسبق على الغالب مجيئهم لمعظم المناطق عمليات قمع للمتظاهرين الذين تجمعوا لاستقبالهم، سقط من جرائها عشرات الشهداء، في خطوة لإرهاب الناس.
ولكن المراقبين وصلوا في النهاية لمناطق الحراك الساخن، والكثير منهم قدم شهادته على الحقيقية، والبعض منهم عكس سياسة بلده المؤيدة للنظام، وبعضهم خرج عن تلك السياسية أصلًا، كالمراقب أنور مالك، الذي فاجأ دولته الجزائر، المؤيدة للنظام السوري، والتي مارست دورًا كبيرًا في عرقلة سياسات الجامعة الرامية لعزل النظام.
تقرير الدابي كان يعكس حقيقة الدابي وبعض الدول وتاريخها وقبولها للتوافق مع النظام، ولم يتفاجأ الناس، ولكن تحسروا على واقعهم العربي الذي لايزال متوتر بين الضحية والجلاد.
يمكننا القول أن واقع لجنة المراقبين كان كما يقال في العامية (الرمد أحسن من العمى)، فوجود المراقبين خفف أعداد القتلى من 50-60 يسقطون يوميًا، ليصل العدد خلال وجودهم 20-30 شهيد، ولكن القتل لم يتوقف أبدا، وهاهو قد عاد لمعدلاته الأولى قبل دخول البعثة.. بل تعداها وللأسف!.