جرت “اتفاقيات المصالحة المحلية” التي عززتها حكومة النظام السوري في مناطق مختلفة، مثل داريا والزبداني ومضايا في ريف دمشق وحي الوعر في مدينة حمص، بعد حصار مطوّل غير مشروع بالتزامن مع القصف، ما أنتج نزوحًا جماعيًا من المدنيين، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة العفو الدولية عام 2017.
ومكّنت تلك “الاتفاقيات” النظام من السيطرة على الأراضي من خلال عمليات إخلاء سكانها بالحافلات الخضراء، التي أصبحت رمزًا للتجريد من الممتلكات، وفق التقرير.
المسوّغ لسياسة التهجير تلك هو إعادة تشكيل المجتمع السوري بتغيير بنيته الديموغرافية، بحسب حديث المحامي السوري ورئيس “تجمع المحاميين السويين”، غزوان قرنفل، إلى عنب بلدي.
ولتمكين جميع السوريين أصحاب العقارات المدمرة أو المغصوبة أينما كان مقر إقامتهم من حفظ وثائق ملكيتهم لأراضيهم وعقاراتهم ومتابعة أوضاعها القانونية، أطلق “التجمع”، في شباط عام 2018، منصة إلكترونية لتوثيق ملكية الفرد العقارية في مختلف مناطق النزاع السوري.
وتسجل في المنصة نوعية الاعتداءات التي تعرض لها العقار نتيجة النزاع.
ويُمكن أن يتعرض العقار إلى اعتداءات غير قانونية أو قانونية، وشرح قرنفل ذلك بأن الاعتداءات غير القانونية تأخد عادة حيازة المسكن أو الأرض بشكل عسكري أو أمني، بينما يكون الاعتداء القانوني من خلال توفير حكومة النظام أدوات وإجراءات قانونية لسلب الناس أملاكها العقارية.
وبحسب قرنفل، أتاحت حكومة النظام مصادرة الممتلكات عبر سلسلة من القوانين والقرارات الإدارية التي استحدثتها منذ بداية الثورة السورية عام 2011، أبرزها القانون “رقم 10” لسنة 2018، وما ترتب على صدوره من حملة احتجاج واستنكار واسعة محلية ودولية، رافقتها حملة مناصرة دفعت إلى تعديله بالقانون “رقم 42″ لعام 2018.
استجابة دون المأمول
تواجه المنصة الإلكترونية الخاصة بتوثيق الملكية العقارية تحديات عدة لنجاحها كنموذج قانوني يحفظ حقوق الناس، فالاستجابة من الفئة المستهدفة (أصحاب العقارات المعتدى عليها) لهذه المنصة “دون المأمول”، بحسب قرنفل، وأرجع ذلك إلى غياب التغطية الإعلامية الكافية وعدم وعي أصحاب تلك العقارات لتداعياتها في المستقبل.
“عدم القدرة على توظيف الإعلام للحديث عن القضية (أهمية توثيق ملكية العقارات) يؤدي إلى عدم إيصالها للناس بشكل مستمر”، وفق قرنفل، وهذا بدوره لا يخلق وعيًا كافيًا لدى الناس من أجل تحمل مسؤوليتهم للحفاظ على ممتلكاتهم ومتابعة وضعها القانوني داخل سوريا، خاصة اللاجئين الموجودين في أوروبا.
وينظم “تجمع المحامين السوريين” ومقره تركيا، المبادرات والتجمعات في عدة مدن تركية لشرح مخاطر سلب ممتلكات الناس من خلال المراسيم العقارية الصادرة عن النظام السوري، وتعزيز اهتمامهم بفهمها.
وبسبب الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات التركية لمواجهة انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، توقفت المبادرات في هذا الشأن، بانتظار العودة عندما يُسمح بإقامة التجمعات، بحسب قرنفل.
ومعظم الحالات المسجلة في المنصة عبر موقع “التجمع” الإلكتروني، بحسب قرنفل، تأتي من محافظة حمص وسط سوريا، ومدن محافظة إدلب شمالًا.
قوانين تمنح النظام نزع الملكية الفردية
عدم اهتمام معظم الناس بحفظ حقوقهم العقارية ناجم، من وجهة نظر قرنفل، عن اعتقادهم بعدم وجود خطر يحيط بممتلكاتهم، طالما أنها مقيدة في السجل العقاري، لكنه نبّه إلى احتمالية نزع ملكياتهم العقارية من خلال قوانين تسمح لحكومة النظام بذلك، مثل قانون “مكافحة الإرهاب” رقم 19 لعام 2012، الذي منح النائب العام صلاحية تجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة لكل متهم بالإرهاب، وألزم المحكمة عند الحكم بالإدانة أن تصادر الأموال المنقولة وغير المنقولة للمحكوم عليه.
ودعا قرنفل أصحاب العقارات المتضررة أو المعتدى عليها في سوريا لإرسال أي وثيقة من شأنها إبراز البينة على ملكية العقار، مثل صورة بيان القيد العقاري أو حتى فاتورة الكهرباء المستحدمة داخل العقار.
وتوثق المنصة الإلكترونية الملكية العقارية، ويسلمها التجمع إلى الجهات الحقوقية الدولية التي يتم الاتفاق معها، وفق قرنفل، على أن تبرز نفسها في الميادين الدولية للدفاع عن حقوق السوريين فيما يخص الملكية العقارية.
–