لا حلول في الداخل
حديثو ولادة ضحايا إغلاق المعابر بين إدلب وتركيا
عنب بلدي – شادية التعتاع
استطاع عبد الإله من بلدة سرمدا، شمالي إدلب، إنقاذ حياة إحدى طفلتيه التوأم اللتين كانتا تصارعان الموت معًا، بسبب “خداجة شديدة” وولادة مبكرة وزلة تنفسية.
بدا عبد الإله حمود عاجزًا عن فعل أي شيء تجاه صغيرتيه، فالحدود إلى تركيا مغلقة بسبب إجراءات فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، ما جعل محاولاته للسفر تبوء بالفشل، والقطاع الطبي في شمال غربي سوريا غير مؤهل ليساعده على إنقاذهما.
“رزقني الله بتوأم. كانت ولادتهما مبكرة في الشهر السابع، وكانتا بحاجة لتلقي العلاج في تركيا بسبب وضعهما الصحي وعدم توفر الإمكانيات الطبية في الداخل”، نقل عبد الإله الطفلة الأولى إلى مشفى “الأمومة” التخصصي في مدينة إدلب، وأختها، هبة، إلى مشفى “الأمومة” في بلدة قاح، لتفارق هبة الحياة بعد ثلاثة أيام من ولادتها فقط.
المواليد “حالات باردة”
أغلقت تركيا معابرها الحدودية مع شمال غربي سوريا، منذ 13 من آذار الماضي، أمام المرضى ذوي الحالات الباردة والإسعافية، والمسافرين، كأحد التدابير الاحترازية التركية في مواجهة فيروس “كورونا”، بحسب مدير مكتب العلاقات العامة والإعلام في معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، مازن علوش.
وشملت الحالات الموقفة الأطفال الخدج (حديثي الولادة)، إلى جانب غيرها من الحالات التي كانت تمر بعد تقييمها من قبل أطباء في المعبر، وحصولها على الموافقة من الجانب التركي.
ومنذ تاريخ 22 من نيسان الماضي، بدأ الجانب التركي بالسماح بدخول بعض الحالات الخطرة، واقتصرت على ثلاث أو أربع حالات يوميًا من بينها حالتان لأطفال خدج، بعدما كان يسمح بدخول ألف مريض، منهم 600 ذوو حالة باردة، و400 ذوو حالة خطرة، بحسب علوش.
أطفال دون مرافق
عبد الإله، والد الطفلة هبة التي توفيت بعد ولادتها مباشرة، أكد لعنب بلدي أن شقيقتها أُدخلت إلى تركيا بعد ولادتها بتسعة أيام، أي في 17 من أيار الحالي، دون مرافق، بسبب سوء صحة الأم، ولم يسمح له أو لأحد من عائلته بمرافقتها.
وعلّق مدير مكتب العلاقات العامة والإعلام في معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، مازن علوش، على هذه الحادثة بأن القانون المفروض بين الجانبين يسمح للأم فقط بمرافقة مولودها بعد تقديمها أوراقًا تثبت ذلك، كهوية شخصية أو دفتر عائلة.
وقال، في حديثه إلى عنب بلدي، إن إدخال المرافق أو عدمه يعود للإسعاف التركي، فهو الذي يقرر ذلك عند وصول الحالة إلى المعبر، مؤكدًا وجود منظومة تقوم بتتبع المولود بعد دخوله بمفرده، وأضاف، “نحن في إدارة المعبر نقوم بمتابعته وطمأنة أهله عليه”.
20 “منفسة” فقط لحديثي الولادة
تتعرض المشافي في الشمال السوري عمومًا، وخصوصًا فيما يتعلق بحديثي الولادة، لضغوطات كبيرة بسبب حركة النزوح والتهجير الأخيرة منذ تشرين الثاني 2019.
كما زادت الظروف المعيشية السيئة نسبة الأمراض، ونسبة مشاكل الحمل والولادة عند النساء، خاصة المهجرات، بحسب اختصاصية طب الأطفال والأمومة في مدينة إدلب نجوان خيزران.
وقالت خيزران في حديث إلى عنب بلدي، “أصبحنا نرى زيادة كبيرة في الولادات الباكرة (الخدج)، وولادة ناقصي النمو داخل الرحم، وفقر الدم، ونسبة التشوهات زادت”، ما أدى إلى عدد وفيات أكبر.
والمشافي، بحسب خيزران، قادرة على استيعاب أعداد محددة من الأطفال الخدج، و”المنافس” المتوفرة لحديثي الولادة لا تتجاوز 20 “منفسة” لتغطية مناطق إدلب بأكملها.
وأكدت الطبيبة أن أزمة إغلاق المعبر زادت المعاناة، لأن نسبة كبيرة من الأطفال كانوا يحوّلون إلى تركيا، وخاصة الحالات الحرجة والخدج والأمراض التي تحتاج لدراسة واستقصاءات وعلاجات غير متوفرة لديهم.
“كورونا” أضرّ بالدعم الطبي
أثّر فيروس “كورونا” بشكل كبير على دعم المستشفيات في محافظة إدلب، وتتضمن الاحتياجات الأساسية حاليًا لحديثي الولادة زيادة الدعم، واستحداث مستشفيات جديدة لتعويض النقص الحاصل، بعد إغلاق المراكز الصحية بمناطق التهجير، بحسب الطبيبة نجوان خيزران.
ومن الاحتياجات التي عددتها الطبيبة الأدوية، و”المنافس”، والحليب المجاني لمشافي حديثي الولادة، خصوصًا مع ارتفاع نسبة الخدج، بسبب الظروف السيئة التي أثرت بشكل مباشر على ظروف الحمل كنقص التغذية، والزواج بأعمار مبكرة.
وقالت خيزران، إن المشافي في إدلب تنسق فيما بينها لتأمين البديل من أجل الأطفال الذين لا تستطيع علاجهم، وأحيانًا تلجأ إلى المعبر لتحويل الحالات الحرجة التي لا يوجد لها شواغر إلى تركيا، مؤكدة دخول طفلين حديثي الولادة مؤخرًا.
وسبق أن ناشد فريق “منسقو استجابة سوريا” في بيان نشره، في 20 من أيار الحالي، فتح معبر “باب الهوى” الحدودي لعبور الحالات الطبية الحرجة إلى تركيا.
مدير “منسقو الاستجابة”، محمد حلاج، قال لعنب بلدي، إنهم ناشدوا القائمين على معبر”باب الهوى” في الجانبين السوري والتركي من أجل السماح بدخول حالات الأطفال الخدج حديثي الولادة.
بينما لا يزال التخوف قائمًا من حالات مشابهة يلتقي مصيرها مع مصير الطفلة هبة، قبل أن تفتح الأبواب أمام العلاج والرعاية، أو ينتعش دعم القطاع الطبي الذي تسوء حالته في منطقة شمال غربي سوريا بشكل مستمر.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :