يامن المغربي | عروة قنواتي | نور الدين رمضان | عبد الله الخطيب
منذ تأسيس اتحاد كرة القدم السوري في عام 1936، لم ينجح المنتخب السوري بتحقيق أي إنجاز يذكر، وحُرم جماهير الكرة السورية خلال ما يقارب 90 عامًا من نهايات سعيدة، وانتصارات حقيقية، ترفع طموحهم بألقاب عالمية.
فمع وصول حافظ الأسد إلى سدة الرئاسة في عام 1970، صدر المرسوم التشريعي رقم 38، مؤسسًا لما عُرف بالاتحاد الرياضي العام، أعلى سلطة رياضية في سوريا، تتبع بشكل مباشر إلى القيادة القطرية لحزب “البعث”، الذي سيطر بالتالي على مفاصل كرة القدم السورية بشكل كامل.
تدخلت المؤسسة الأمنية بكرة القدم، ومسؤولون حكوميون، ومقربون من رأس النظام، وأسهم الفساد في تقليل فاعلية الاتحاد، وبات الحديث عن قيادة كروية ناجحة، أو فاعلية على مستوى المنتخب ضربًا من الأماني.
تناقش عنب بلدي في هذا الملف، من خلال الحديث مع رؤساء أندية ولاعبين وإداريين في الاتحاد، علاقة اتحاد كرة القدم بالاتحاد الرياضي العام والأجهزة السياسية والأمنية في سوريا، بالإضافة إلى علاقته بالأندية السورية ونجاحها بشكل محدود على الصعيد القاري على عكس منتخبها.
استقلالية “صورية”
الكرة معلّقة بالاتحاد الرياضي بسلاسل “حزبية”
ككل الاتحادات الرياضية السورية، يتبع اتحاد كرة القدم بشكل مباشر للاتحاد الرياضي العام، وبالتالي لحزب “البعث” ممثلًا بمكتب الطلبة والرياضة القطري، بينما يملك استقلالية “صورية” أمام الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الذي يمنع تدخل الحكومات والأحزاب السياسية في عمل الاتحادات المحلية بشكل مباشر.
ومنذ عام 2000، ومع وصول بشار الأسد إلى حكم سوريا، خُففت القبضة الأمنية والتدخلات في عمل الاتحاد الرياضي العام واتحاد كرة القدم، إلا أن هذا “التخفيف” لم يمنع صدور قرارات عدة بحل اتحادات كرة القدم السورية، بحسب مدير مكتب رئيس اتحاد كرة القدم سابقًا، نادر الأطرش.
وشغل الأطرش هذا المنصب بين 2010 و2012، وسبق ذلك عمله في مكتب أمانة السر من 1999 إلى 2010، وبين 2007- 2008 كان إداريًا عامًا في منتخب سوريا للناشئين.
اتحادات حُلّت بأمر من “البعث”
حُلّ الاتحاد الذي ترأسه أحمد جبان (2002- 2008) واتحادا فاروق سرية (1999- 2001، 2010- 2011) وحتى اتحاد فادي الدباس (2018- 2019)، بقرار من القيادة القطرية لحزب “البعث”، بحسب ما أكده الأطرش لعنب بلدي، نافيًا أن تكون استقالة الأخير جاءت بقرار فردي.
واستقال الدباس في عام 2019، بعد نتائج وُصفت بـ”المخيبة” للمنتخب السوري في كأس آسيا الإمارات 2019، وبطولة كأس غرب آسيا في العراق في العام نفسه، وهو ما أثار غضب وسائل إعلام محلية ومتابعين للمنتخب، وشُنت حملات طالبت باستقالة الاتحاد والمدرب فجر إبراهيم، قبل أن تصدر اتهامات بالفساد ضد الدباس وقرار قضائي بالحجز على أمواله.
https://www.youtube.com/watch?v=nna7TZ8S4J0
وأكد الأطرش أنه سبق وحُل اتحاد كرة القدم في مكتب عضو القيادة القطرية لحزب “البعث” شاهيناز فاكوش، مرتين، وأنه لا صحة لأي استقالة جماعية للاتحاد كما كانت الجماهير تسمع سابقًا، وأضاف أن هذه التدخلات تُخفى عن الاتحاد الدولي لكرة القدم بمفتاح الخوف، الذي يبدأ بتهديد كل من يفكر بالكلام أو المراسلة أو التلميح لمثل هذه المخالفات.
تراتبية تفتح مجال التدخل الأمني
أكد العضو السابق في مجلس إدارة نادي الاتحاد علاء زين الدين لعنب بلدي، أن تراتبية العمل بين الطرفين (اتحاد الكرة والاتحاد الرياضي) تبدأ من كتاب رسمي من أحد النوادي إلى مكتب الألعاب الجماعية، ومنه إلى فرع المحافظة للاتحاد الرياضي العام ثم إلى اتحاد كرة القدم، كما تتضمن هذه العملية الروتينية الطويلة العكس أيضًا، في حال صدر الكتاب من السلطة الرياضية التنفيذية إلى الأندية.
ولا تتوقف هذه التراتبية المذكورة على الأمور الإدارية، بل تشمل التحقيقات بتهم الفساد، وبحسب الأطرش، في عام 2010 كان هناك أكثر من ملف يخص الرشاوى والفساد في دوري كرة القدم، والجهة المخولة بالتحقيق والسؤال المباشر من المفترض أن تكون اتحاد الكرة.
في هذه الحالة، يفقد اتحاد الكرة السيطرة كليًا ويصبح “توازنه مختلًا”، بحسب الأطرش، فيتدخل الاتحاد الرياضي العام بحسب نفوذ المكتب التنفيذي مع شخصيات أمنية وعسكرية كبيرة تبدأ بالعبث بالملفات، كما حصل في العام 2010.
علاقة “المُطلقَين”
يصف اللاعب السابق في نادي الوحدة نبيل الشحمة، علاقة اتحاد كرة القدم بالاتحاد الرياضي العام بعلاقة “المطلقَين”، إذ إن الاتحاد الرياضي “يعزف سيمفونية واتحاد كرة القدم يعزف أخرى”، ولا يوجد بينهما أي توافق.
وبحسب ما أكده لعنب بلدي، لم يرَ خلال مسيرته كلاعب أي انسجام بينهما، بل هناك اختلاف بالقرارات، رغم أن قرار الاتحاد الرياضي العام هو الذي سينفذ في نهاية الأمر.
وأوضح الشحمة لعنب بلدي أن “الاتحاد الرياضي يمارس ضغطه على اتحاد كرة القدم من خلال الدعم المادي واستمرارية أعضاء الاتحاد في مناصبهم”.
هذا التحكم نابع من سلطة حزب “البعث” بكل مفاصل الدولة السورية، فبمجرد أن يقال إن “فرع الحزب يريد” ينفذ الأمر مباشرة، بحسب الشحمة، وهذا ما ينطبق على تعيين رؤساء الأندية بالطبع، إذ يأتي قرار التعيين من الحزب، حتى لو جرت انتخابات داخل النادي من قبل القيادة القطرية، وهذا ما يجعل رئيس النادي حاضرًا لتطبيق أي قرار يُملى عليه، دون تردد.
والانتخابات بحد ذاتها يتم التدخل بها من طرف الحزب، فأعضاء مجلس الإدارة وبنسبة “النصف+1” يجب أن يكونوا أعضاء في “البعث”، وذلك لوضع أي انتخابات تحت مظلة الحزب، و”هذا الأمر ينطبق على كل الأندية السورية دون استثناء” بحسب مدير مكتب رئيس اتحاد كرة القدم سابقًا، نادر الأطرش.
و”لو أن اتحاد كرة القدم مستقل في سوريا لاختلف الأمر جذريًا”، بحسب الأطرش، ضاربًا مثالًا بحقوق النقل التلفزيوني، التي كان ريعها يعود للاتحاد لا للأندية، بينما توزع بعض المبالغ منها على الأندية بصيغة “جوائز”، وبالتالي من المستحيل أن تخصخص الأندية لأن “البعث” سيفقد سيطرته عليها.
القبضة الأمنية أداة للتحكم..
الكرة على مزاج مسؤولين
مع سيطرة حزب “البعث” على مفاصل الدولة السورية، بات من الصعب فصل الرياضة عن الأجهزة الأمنية والسياسية، بما يشمل تدخلات التعيين على رأس الأندية، وتيسير سفر اللاعبين المطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية، والتلاعب بنتائج المباريات لمصلحة فرق بعينها، بالإضافة إلى حل الاتحادات.
سلطة العائلة
لم تكن الأجهزة الأمنية وحدها صاحبة التدخلات في كرة القدم السورية، ويروي عشرات من أهالي اللاذقية عبر مواقع التواصل الاجتماعي حكايات فواز الأسد، ابن عم رئيس النظام، بشار الأسد، حول دعمه نادي تشرين، وإطلاق الرصاص في إحدى المباريات.
موقع “Middle East online” نقل قصة إطلاق فواز الرصاص في الهواء، اعتراضًا على إحراز نادي حطين، المنافس اللدود لنادي تشرين، هدفًا في مرمى الأخير، ما أجبر الحكم على احتساب هدف آخر لتشرين لتعديل النتيجة.
وقال الرئيس الأسبق لنادي تشرين، صلاح كراوي، لعنب بلدي، عن علاقة فواز الأسد بالنادي، إن خلافًا كبيرًا وقع بينه وبين الأخير، الذي اعتُبر لسنوت “الرئيس الفخري للنادي”، موضحًا أن هذا الخلاف وقع في الفترة التي ترأس فيها نوري بركات الاتحاد الرياضي العام.
“نوري كان ألعوبة بيد فواز الأسد، كنا تسعة أعضاء في الإدارة، وفي كل أسبوع كان فواز يقيل أعضاء متوافقين معي، ويأتي بأعضاء من طرفه ليعرقلوا القوانين ويقفوا ضد محاولات النهوض بالنادي”، بحسب كراوي، الذي أكد أن تدخلات فواز الأسد كانت عبر هاتف واحد ودون أي انتخابات أو ترشيح، وبعلم كل المسؤولين الرياضيين في سوريا.
المسؤولون يلعبون
روى اللاعب الأسبق لنادي أمية بين عامي 1996 و2006، بلال فلاحة، لعنب بلدي، أن مكالمة هاتفية واحدة سمحت له بالسفر إلى معسكر تدريبي في مصر، رغم وضع اسمه على لائحة الممنوعين من السفر بسبب طلبه لأداء الخدمة العسكرية.
وذلك بعد اتصال جرى بين رئيس فرع “أمن الدولة” في محافظة إدلب ومحافظ ريف دمشق، لاستخراج جواز سفر “مهمة” خلال ساعات قليلة، وعاد بعد سفره إلى سوريا “بسلام” دون أن يتعرض له أحد، بحسب فلاحة.
في حين ذكر عضو مجلس إدارة نادي داريا في ريف دمشق بين عامي 1991 و1997، و2008 و2016، وأمين سر لجنة كرة القدم الخماسية باتحاد كرة القدم السوري من عام 2010 حتى 2014، ظافر عليان، لعنب بلدي، حادثة أخرى تؤكد تحكم المسؤولين بالاتحاد.
ففي بداية التسعينيات من القرن الماضي، أُقيمت مباراة بملعب “الجلاء” في دمشق بين نادي الشرطة ونادي جبلة ضمن منافسات الدوري السوري، حضرها عليان ومعه الحكم الدولي السوري، جمال الشريف.
وبين شوطي المباراة نزل إلى أرضية الملعب ضابط اسمه محسن سلمان، ليجري تمارين ريثما يعود الفريقان إلى المباراة بعد الاستراحة التي من المفترض أن تستمر 15 دقيقة فقط، لكن سلمان لم يخرج من الملعب لمدة 35 دقيقة وهو يتمرن، ولم يجرؤ أحد على مطالبته بالخروج.
نتائج المباراة “تفصيل”
وروى محمد راغب الأشقر، اللاعب السابق لناديي أمية وجبلة، لعنب بلدي، أنه في عام 2005 وفي أثناء لعبه مع فريق جبلة، اصطدم ناديه بنادي القرداحة مرتين، في الدوري والكأس، وكان الأخير بحاجة للفوز لتفادي الهبوط.
خسر جبلة المباراة حينها بخمسة أهداف لصفر، بحسب “توجيهات إدارية” وبحجة أن نادي القرداحة “شقيق للنادي ويجب مساعدته”، بينما خسر الأخير في مباراة الكأس بالنتيجة نفسها، وكانت نتيجة هذا التلاعب هبوط نادي النواعير إلى مصاف أندية الدرجة الثانية.
وأضاف اللاعب أنه لدى سؤال الكادرين الفني والإداري عما حصل، كانت الإجابة “الأمور أكبر منا”.
هذه التدخلات الأمنية من ضباط الأمن السوري، لا تتوقف على إقالة إداريين والاعتراض على تحكيم المباراة أو التلاعب بالنتائج، إذ إن قرار إيقاف الدوري في عام 2011 جاء من القيادة القطرية لحزب “البعث”، بحسب عليان، الذي حاول إقناع رئيس الاتحاد الرياضي العام في ذلك الوقت، موفق جمعة، بعدم إيقاف الدوري، ليجيب جمعة بالإشارة إلى مصدر الأوامر.
ضريبة عدم الولاء
مع بداية الثورة السورية، حارب الاتحاد الرياضي العام واتحاد كرة القدم لاعبي الأندية المشكوك بولائها للنظام، بحجب الوثيقة الرياضية عنهم، وهو ما منع لاعبين سوريين من الاحتراف خارج سوريا في الدوريات العربية.
ولا يحق قانونيًا لأي جهة في سوريا حجب الوثيقة الرياضية ومنع وثيقة التنازل عن اللاعب لأسباب سياسية، حتى لو كانت هذه الجهة اتحاد كرة القدم أو الاتحاد الرياضي العام أو حتى إدارة النادي، وفقًا لصلاح كراوي، الرئيس الأسبق لنادي تشرين.
وقال كراوي إنه في القوانين الدولية لا يجوز خلط الرياضة في السياسية، أما في سوريا فدفع مئات الرياضيين السوريين ومنهم لاعبون ومدربون وشخصيات كروية حياتهم ثمنًا لمعارضتهم النظام وأجهزة الأمن، ومنهم من يقبع في المعتقلات حتى الآن.
البنى التحتية غير صالحة لمباراة ودية!
ما مصادر تمويل اتحاد الكرة السوري؟
تسعى اتحادات كرة القدم حول العالم إلى استضافة البطولات الرياضية، لما يضيفه حدث الاستضافة رياضيًا وسياسيًا واقتصاديًا للبلد المنظم، وهي المخولة بتقديم الطلبات إلى الاتحادات القارية أو الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
ولكن على عكس دول المنطقة، لم تستضف سوريا أي بطولات رياضية تُذكر منذ استضافة مدينة اللاذقية على الساحل السوري دورة “الألعاب الأولمبية لدول البحر الأبيض المتوسط” في عام 1987.
ورغم أن بطولة “الألعاب الأولمبية” مخصصة للمدن الساحلية، اضطر المنظمون لإقامة بعض مباريات كرة القدم في ملعب “الحمدانية” بمدينة حلب، بسبب ضعف البنية التحتية في المدينة الرياضية التي بنيت خصيصًا للبطولة.
وبحسب نادر الأطرش، مدير مكتب رئيس اتحاد كرة القدم سابقًا، استنفرت جميع أجهزة الدولة من أجلها، ومع ذلك حدثت فوضى تنظيمية، اضطرت إثرها اللجنة لنقل عدة نشاطات إلى خارج اللاذقية، رغم أن دورة “الألعاب الأولمبية لدول البحر الأبيض المتوسط” لم تكن ذات قيمة رياضية عالية.
ويرى الصحفي الرياضي هاني العبد الله، أن النظام كان “يستميت من أجل استضافة بطولة رياضية في ثمانينيات القرن الـ20، بعد انتهاكات مدينة حماة في عام 1982، بهدف تلميع صورته أمام المجتمع الدولي.
وبحسب العبد الله، أراد حافظ الأسد عبر تلك الدورة تصدير ابنه باسل الأسد للمجتمع الدولي، حين ألقى الابن الكلمة الرياضية في افتتاح الدورة، وحصل على ميدالية ذهبية.
حاجزان: البنى التحتية والعقلية الأمنية
لم تكن سوريا يومًا قادرة على استضافة أي بطولة، بحسب الأطرش، وإذا ما أراد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم أو الاتحاد الدولي (فيفا) وضع شروط الاستضافة التي توضع على دور الجوار، فلن تكون سوريا مؤهلة لاستضافة أي بطولة أو أي مباراة ولو كانت ودية.
ويُرجع الأطرش ذلك إلى ضعف البنى التحتية الرياضية، وضعف شبكات المواصلات العامة والطرقات، والخدمات كالفنادق وغيرها، وهو ما أكده له العميد فاروق بوظو، الذي قال، بحسب الأطرش، إن البنية الرياضية السورية “لا تراعي معايير الاستضافة”.
ويرى الصحفي هاني العبد الله، أن إيرادات الدولة السورية كانت تذهب بالدرجة الأولى إلى المنظومة الأمنية، بينما أُهمل تجهيز البنى التحتية الرياضية التي تؤهل سوريا لاستضافة بطولات رياضية.
وإضافة لضعف البنية التحتية الرياضية في سوريا، حوّل النظام السوري، منذ انطلاق الثورة السورية في عام 2011، معظم المنشآت الرياضية، مثل ملعبي “العباسيين” و”الجلاء” في دمشق، وملعب “الحمدانية” في حلب، وملاعب درعا ودير الزور، والمدينة الرياضية في اللاذقية، إلى مراكز اعتقال أو مهابطَ للطائرات المروحية.
ما مصادر تمويل الاتحاد السوري؟
تدعم عقود الرعاية، التي تغدق الأموال على المنتخبات والأندية، خزينة الاتحاد السوري لكرة القدم، إضافة لميزانية مخصصة من الاتحاد الرياضي العام وبعض المساعدات، وأسهمت العقوبات المفروضة على النظام السوري خلال سنوات الثورة السورية، بمنع الشركات الأجنبية من عقود رعاية الرياضة السورية.
كما استفاد اتحاد كرة القدم من إيرادات حقوق البث التلفزيوني للمنتخب والدوري السوري لشبكتي “ART” ومن بعدها “الجزيرة الرياضية” (بي إن سبورت حاليًا) وحقوق البيع الإذاعي المحلي، وبحسب نادر الأطرش، كانت هذه العقود تأتي بمدخلات مالية جيدة رغم ضعف الخبرة بعملية التسويق، وقلة المخرجات المالية.
وإلى جانب مصادر التمويل هذه، يخصص الاتحادان الدولي والآسيوي لكرة القدم مساعدات مالية للأعضاء بهدف التطوير، كما يقدم الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) مساعدات مالية سنوية قيمتها 500 ألف دولار تصرف في شهر حزيران، ضمن برنامج محدّد من ضمن البرامج التطويرية للاتحاد الدولي يسمى مشروع “FIFA FORWARD 2.0” كبرنامج تطويري فني.
والبرنامج يأتي ضمن سعي الاتحاد الدولي لتطوير كرة القدم في دول العالم، إلى جانب برامج مساعدة عدّة، كالبرامج التطويرية الفنية وتطوير البنى التحتية ومساعدة الاتحادات في التكلفة التشغيلية.
ووضع الاتحاد عشرة معايير لاستيفاء شروط الحصول على المساعدات، بمعدل 50 ألف دولار عن كل معيار، وبغض النظر عن أهلية الاتحاد السوري لكرة القدم للحصول عليها، أعلن رئيس اتحاد كرة القدم الحالي، حاتم الغايب، تخصيص نصف مليون دولار من “فيفا” في العام الحالي للاتحاد السوري لكرة القدم، لكن العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا حرمت الاتحاد من الاستفادة من المنحة المصروفة مبكرًا هذا العام كمساعدة للاتحادات المحلية في مواجهة تبعات جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
وينفق الاتحاد الرياضي العام 30% من ميزانيته السنوية على كرة القدم، بحسب تصريحات رئيس الاتحاد الرياضي العام، اللواء موفق جمعة، لبرنامج “من الآخر” الذي عُرض على القناة الفضائية السورية في 30 من نيسان 2017.
84 عامًا على تأسيس اتحاد كرة القدم السوري..
هل سبقت الأندية منتخبها؟
خلال الأعوام التي مثّل فيها الاتحاد الرياضي العام دور المظلة الرياضية في سوريا، جفت الإنجازات وغابت المشاركات المؤثرة لمنتخبات وأندية سوريا في المحافل العربية والقارية والعالمية إلا فيما ندر.
ولم يستطع اتحاد الكرة في سوريا منذ تأسيسه في عام 1936 وانضمامه للاتحاد الدولي في العام 1937 وللاتحاد الآسيوي 1969، أن يتحول إلى رقم صعب على المستوى العربي والقاري، على الرغم من أنه أحد أقدم اتحادات الكرة في المنطقة.
وانعكس وضع اتحاد كرة القدم السوري على أداء المنتخب السوري لكرة القدم وإنجازاته عربيًا وقاريًا.
إذ لم يستطع المنتخب السوري الوصول إلى كأس العالم ولا مرة منذ انطلاق البطولة في عام 1930، في ظل صعوبة العمل الكروي في سوريا، ومطبات ومشاكل طالت القوانين وطرق التعامل والتواصل وسوء التخطيط، بالإضافة إلى قضايا الفساد، ما أسهم في التخريب على الكرة السورية بدلًا من إنقاذها وتقديمها بشكل لائق.
بينما حاولت الأندية السورية من خلال مشاركاتها الآسيوية بعد دخول الألفية الجديدة، حفظ ماء وجه الكرة السورية في دوري أبطال آسيا وكأس الاتحاد الآسيوي.
وعلى عكس المنتخب، استطاعت الأندية السورية تحقيق ألقاب آسيوية، تمثلت بحصول ناديي الجيش والاتحاد على لقب كأس الاتحاد الآسيوي في عامي 2004 و2010، وحصول الكرامة على وصافة البطولة في عام 2009، ووصافة دوري أبطال آسيا 2006، وهو ما دفع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم لوصف نادي الكرامة بـ”فخر سوريا”، عبر موقعه الرسمي، كما صنف مباراته أمام جونبوك الكوري في 2006، كواحدة من أكثر خمس مباريات إثارة في تاريخ البطولة.
ومنذ عام 2009، حُرمت الفرق السورية من المشاركة في دوري أبطال آسيا، واكتفت بمشاركتها في كأس الاتحاد الآسيوي، لعدم تطبيقها المعايير التي حددها الاتحاد الآسيوي، والتي شملت امتلاك النادي ملعبه الخاص وحسابًا بنكيًا وتطبيق الاحتراف بطريقة صحيحة.
ولم يكن للاتحاد السوري لكرة القدم أي دور في وصول هذه الأندية إلى مراكز متقدمة، إذ يقتصر دور الاتحاد على مراسلة الأندية وإخطارها بنشاطات الاتحاد الآسيوي، وفقًا لنادر الأطرش، مدير مكتب رئيس اتحاد كرة القدم سابقًا.
من جهته، يرى صلاح كراوي، رئيس نادي تشرين سابقًا، أن أسباب فشل المنتخب السوري تعود لإدخال السياسة حتى في “طعام وشراب اللاعبين.. علمًا أن هذا الجيل ومنذ أربع سنوات إلى الآن من أفضل أجيال كرة القدم السورية”.
وما يراه بعضهم إنجازًا، يراه نادر الأطرش، ونبيل الشحمة اللاعب السابق في نادي الوحدة، “طفرة” لم يتوفر لها الاستمرارية.
ويشير الشحمة إلى أن المنتخب السوري ليس وحده من فشل في تحقيق أي إنجازات، بل ينطبق الأمر على المنظومة الرياضية كلها، “باستثناء نادي الكرامة الذي نجح بصنع منظومته الخاصة وبشكل منفرد وبطريقة علمية اتبعها مسؤولوه، لذا حققوا بصمتهم آسيويًا”.
أما على صعيد كأس الاتحاد الآسيوي، الذي حققه ناديان سوريان سابقًا، فهي بطولة مصنفة كـ”صف ثانٍ”، وهي ليست بطولة قارية ذات أهمية بحسب نادر الأطرش، والدول والفرق المشاركة بها تصنيفها منخفض بالنسبة لقارة آسيا.
ومع التقليل تقنيًا من بعض الإنجازات التي تحسب لكرة القدم السورية، وفي ظل تاريخ غير مرضٍ، وحاضر قلق تتدخل فيه عوامل مختلفة، لا يبدي المعنيون أو المهتمون بالرياضة آمالًا كبيرة في ظل الاتحاد للنهوض بواقع الكرة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :