حمص – عروة المنذر
مع الانهيارات المتتالية بقيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، ارتفعت تكلفة صيانة وسائل النقل بشكل لافت، بينما لا تزال تعرفة الركوب ثابتة بحجة ثبات سعر المحروقات، ما يهدد مصدر رزق السائقين في محافظة حمص وسط سوريا.
تخضع وسائل النقل الجماعي في حمص بشكل كامل لإدارة وزارة النقل، من حيث تحديد تعرفة الركوب وتحديد خط المسير، إذ تضع الوزارة تعرفة الركوب بعد قياس المسافات المقطوعة وتكلفة الاهتلاك لوسيلة النقل، مع الأخذ بعين الاعتبار دخل المواطنين.
وتحتكر الوزارة عقود النقل الداخلي بين المحافظات في بعض الأوقات، وفي أوقات أخرى تعطي الوزارة رخص الشركات العاملة لبعض المتنفذين في المدينة.
معاناة سائقي النقل العام
حاول مديرو الخطوط في ريف حمص الشمالي تعديل تعرفة الركوب على الطرق والخطوط المخصصة لسيرهم، إلا أن مديرية النقل في حمص ترفض اقتراحاتهم بشكل متكرر، ما دفهم إلى فرض تعرفة ركوب جديدة من دون إذن مديرية النقل في مدينة حمص.
كل شيء يزداد سعره إلا تعرفة ركوب وسائل النقل لا تزال ثابتة، هكذا سرد محمد اليوسف لعنب بلدي معاناته من ثبات سعر تعرفة الركوب، التي تعتبر رزقه الوحيد كونه يعمل سائق “سرفيس” على طريق “حمص- الحولة”.
وتعرفة الركوب المخصصة لطريق “كفرلاها- حمص” حددتها مديرية النقل بـ125 ليرة بعد أن كانت بـ150 ليرة، بحسب محمد اليوسف.
وقارن محمد اليوسف أسعار المواد الغذائية في الوقت الحالي مع ثبات تعرفة الركوب، إذ قال إن سعر ليتر الزيت المخصص للطبخ ثمنه الآن 1900 ليرة، بينما كان سعره 350 ليرة حين كانت تعرفة ركوب وسائل النقل الجماعي 150 ليرة.
وعادت الليرة للتذبذب مجددًا أمام العملات الأجنبية، بعد أيام من تحسن طرأ على سعر صرفها، بالتوازي مع إجراءات اتخذتها حكومة النظام للحد من انهيار العملة المحلية.
وتقلّب سعر صرف الليرة بعد عطلة عيد الفطر مرارًا، ليبلغ سعر الدولار الواحد، في 28 من أيار الحالي، 1860 ليرة في دمشق و1920 في إدلب، قبل أن يعاود الانخفاض إلى مستوى 1840 و1880 في دمشق وإدلب على التوالي، بحسب موقع “الليرة اليوم“.
تحذيرات من الإضراب
تتضمن مطالب مديري الطرقات في المدينة رفع سعر تكلفة الركوب إلى 200 ليرة لـ”تأمين مصروف بيوت العاملين على الخط لا أكثر”، وفقًا لمحمد اليوسف.
وتقسم غلة “السرفيس” الواحد بين السائق وصاحب “السرفيس” في أغلب الأحيان بموجب ما يتفق عليه الطرفان.
وإذا لم تُرفع التسعيرة، حذر محمد اليوسف من إضراب للسائقين عن العمل، ما سيدفع المواطنين للجوء إلى سيارات الأجرة التي لا تقل فيها تعرفة أقصر مسافة عن 500 ليرة.
محمد، موظف حكومي في مركز محافظة حمص، يتفهم مطالب السائقين، لكن وباعتباره راكبًا يوميًا على الطريق تساءل: “هل يعقل أن أدفع 15 ألف ليرة ثمن مواصلات وأنا راتبي لا يتجاوز 54 ألف ليرة، ماذا بقي منه لأكمل معيشتي؟”.
ارتفاع في أسعار الصيانة وقطع الغيار
ارتفعت أسعار الصيانة المخصصة لوسائل النقل وثمن قطع الغيار بشكل غير مسبوق مع انخفاض قيمة الليرة أمام الدولار الأمريكي، إذ ارتفع ثمن زيت المحركات 100% في مؤسسة “سادكوب” العاملة في مجال توزيع المحروقات التابعة لحكومة النظام.
وارتفعت كل أسعار قطع الغيار وزيت المحركات، بحسب ما قاله ياسر، وهو سائق “سرفيس” على طريق “تلبيسة- حمص”، بالإضافة إلى ارتفاع أجرة “يد المصلح” للضعف، ويتوقع ياسر استحالة استمراره بالعمل في ظل استمرار ارتفاع أسعار صيانة وسائل النقل.
وأبرز ياسر أهمية الصيانة لوسائل النقل، “لا يمكن إهمال السرفيس، فالصيانة مطلوبة بشكل دوري، لأن أي حادث، لا سمح الله، ستكون فيه الخسائر كبيرة بالأرواح”، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
ارتفاع سعر الصيانة ناتج عن ارتفاع أسعار قطع التبديل من متاجر التوزيع الرئيسة المخصصة لتوزيع قطع الصيانة، وفق خالد زينو، وهو ميكانيكي يعمل في محل على الطريق الدولي بين حمص وحماة.
ويركّب خالد زينو القطع ويتقاضى ثمن “عرق جبينه” وفق ما يتفق مع صاحب السيارة عليه، وهي نسبة 7% من سعر القطع، وأما ارتفاع أسعار زيت المحركات فهو قرار حكومي لا علاقة لمحلات الصيانة به، بحسب ما قاله خالد لعنب بلدي.
وخلال تسع سنوات من الحرب، تضرر قطاع النقل العام في محافظة حمص، وذلك بسبب تقطيع أوصال مناطق المدينة التي كانت تطفو على جغرافيا من النزاعات المسلحة بين الأطراف المتحاربة.
واستهدفت قوات النظام السوري خطوط النقل الرئيسة في مناطق سيطرة المعارضة بين عامي2013 و2018، بينما استهدف التحالف الدولي والطيران الروسي السيارات المخصصة للشحن عام 2018، التي كانت تعبر مناطق في بادية حمص متجهة شرقًا إلى مناطق سيطرة “تنظيم الدولة”.