الحق على النظام ابن الكلب

  • 2020/05/31
  • 12:00 ص
خطيب بدلة

خطيب بدلة

خطيب بدلة

في مثل هذه الأيام من سنة 2011، أصدر ابن حافظ الأسد عفوًا عامًا أطلق بموجبه سراح ما يقارب 250 واحدًا من سجناء الرأي. سررنا نحن الثوار كثيرًا، ولم نشكر نظام الأسد على ذلك، لأنه نظام “ابن كلب”، لم يطلق سراحهم بسبب طيبته وحنانه، بل إن ثورتنا المباركة هي التي أجبرته على ذلك.

لم يمضِ شهر أيلول من السنة نفسها حتى أسس أحدُ السجناء الذين شملهم العفو، وهو الشيخ حسان عبود، حركة مقاومة إسلامية مجاهدة، أطلق عليها اسم “أحرار الشام”، وشكّل شيخٌ آخر، هو زهران علوش، بعد سنتين ونيف، جيشًا عرمرمًا أسماه “جيش الإسلام”، وتشكلت، في الوقت نفسه، فصائل متفرقة، معظمها ذات صبغة إخوانية، كـ”جند الأقصى”، و”جبهة النصرة”، ثم “دولة الخلافة”.

نبقتْ لنا في بداية الثورة “فتاقات” من فرط ما صرخنا بأننا نريد دولة مدنية ديمقراطية يمارس فيها الإنسان حريته ويقول رأيه دون أن يؤاخذ ويعتقل ويعذب، ومع ذلك فرحنا وشقرقنا بتأسيس حركة “أحرار الشام” المباركة و”جيش الإسلام” المظفر، وصرنا نقول إن ابن حافظ الأسد سيعض أصابعه ندمًا على إطلاقه سراح عبود وعلوش، وسيقع في شر أعماله إن شاء الله، فهذان الفصيلان اللذان يرفعان شعار “هيي لله هيي لله لا للعزة ولا للجاه” سيلعنان سنسفيل الأسد من يوم ما قام وبنى.

مع ظهور تنظيم “داعش” ذي الوجه الأسود والإجرام الفظيع، ازداد حبنا لـ”جيش الإسلام” و”أحرار الشام”، وصرنا نحن الثوار المفتوقين من شدة الصياح نستضاف على الفضائيات ونحكي عن هذين الفصيلين على أنهما يمثلان الاعتدال، يعني “الثورة”، ولم نكن ننسى أن نحكي، في المقابلة ذاتها، بضع كلمات ضد تنظيم “القاعدة”، و”داعش”.. هذا الحكي يحقق لنا بعض المصداقية، فلا يظن أحد أننا متطرفون، وكان معظمنا يتحاشى الاقتراب من “جبهة النصرة”، لأنه يضمر لها الحب، ويرى فيها أملًا غير معلن، ويعتقد أنها ستأتي بالديب (يعني بالأسد) من ذيله، وبعد أن يتم تحرير سوريا من العدو الصائل، سترفع هذه الفصائل الإخوانيةُ المنشأ أيديها عن البلاد، وتقول لنا نحن الذين انفتقنا في أثناء المطالبة بدولة مدنية ديمقراطية: تفضلوا شباب. استلموها بقى، وشوفوا شغلكم!

الآن، بعد هذه السنوات العجاف، وبعدما أيقن معظمنا أن هذه الجيوش والفصائل التي قامت باسم الثورة تطلب السلطة، والمال، والنسوان، وتقتتل فيما بينها، وتركب في الباصات الخضراء عندما تصطدم مع النظام أو الروس، وتذل المواطن في أماكن سلطتها، وتحتقر المرأة، ويقوم أحد عناصرها بتصوير نفسه وهو يتصدق بمال الإغاثة على أبنائنا وبناتنا، ويرشو آخر طفلة ذات سبع سنوات لترتدي النقاب، ويدوس ثالث على رأس رجل أمام زوجته وأطفاله، وبعدما صُنّف معظم هذه الفصائل عالميًا في خانة الإرهاب، لم نتحد ونتفق على أنها هي التي أجهضت الثورة، وأذهبت دماء الشهداء سدى، بل رحنا نلوم نظام الأسد “ابن الكلب” الذي أطلق سراح عبود وعلوش، علمًا أن ألوف الأمراء والقادة الذين شكلوا الفصائل المتقاتلة المتسلطة لم يكونوا مسجونين عند نظام الأسد، ابن الكلب!

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي