يشيع بين الأطفال والبالغين.. ماذا تعرف عن الربو التحسسي
د. أكرم خولاني
من المعروف أن الأمراض التحسسية تنتشر بشكل كبير بين الناس في هذه الفترة من كل عام، ويعود ذلك لزيادة المواد التي يتعرض لها الناس والمسببة للحساسية والتي لم تكن موجودة من قبل، إضافة لتقلبات المناخ ودرجات الحرارة، ولعل الربو التحسسي هو أحد هذه الأمراض التي تزداد بشكل واضح، لذلك من المفيد التعريف به وطرق علاجه والوقاية منه.
مرض الربو التحسسي
الربو (Asthma) هو مرض يصيب القصبات الهوائية في الرئتين، يتميز بوجود التهاب وزيادة في الارتكاس لمجموعة واسعة من المحرضات، ما يقود إلى تضيق وانسداد في الشعب الهوائية (انسداد عكوس قابل للعلاج)، وهذا يؤدي إلى السعال وتسرع التنفس وشعور بضيق في الصدر والوزيز، وهو مرض مزمن، يشتد بشكل نوبي، فتحدث هجمات حادة تفصل بينها فترات خالية من الأعراض.
يشيع الربو بين الأطفال والبالغين بمختلف الأعمار، وقد يظهر للمرة الأولى في كل جيل، من الطفولة حتى الكهولة، أما نسبة شيوعه في العالم فهي في ازدياد مستمر، وهو يشيع بين الذكور بحوالي الضعفين عما هو بين الإناث، ولكن تبين وعلى النَّقيض من ذلك أن نسب إصابة النساء البالغات أعلى مما هي عند الرجال.
ويُعتقد أن الربو يحدث بسبب مجموعة عوامل وراثية وبيئية، وعادة ما يرتبط ظهور الربو قبل سن 12 عامًا بعوامل جينية، أما ظهوره بعد 12 عامًا فيكون بسبب عوامل بيئية تشمل: مؤرجات (غبار البيت، عث الفراش الذي يوجد في الأسرّة والوسائد واللحف والسجاد والستائر والأثاث المغطى بالقماش والفرو، فراء وريش الحيوانات، بقايا الصراصير، العفن، غبار لقاح الأشجار والأعشاب)، الهواء البارد، المجهود البدني، الغضب، الانفعال والضحك، دخان السجائر، الروائح القوية لبعض المواد الكيماوية في بيئة العمل، عدوى فيروسية، التهاب الأنف التحسسي (حمى القش) أو التهاب الجيوب، دخول عصارة المعدة إلى المريء نتيجة الارتجاع المعدي المريئي، وأحيانًا بعض الأدوية (الأسبرين، مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية، حاصرات بيتا).
ويُصنف الربو إلى تحسسي (خارجي المنشأ) أو غير تحسسي (داخلي المنشأ):
الربو التحسسي (التأتبي): هو أشيَع أنواع الربو، فحوالي 90% من الأطفال المصابين بالربو في مرحلة الطفولة يعانون من الحساسية ، مقارنة بحوالي 50% من البالغين المصابين بالربو، ويحدث نتيجة التعرض للمؤرجات التي ذكرناها سابقًا.
وغالبًا ما يكون الربو التحسسي جزءًا من سلسلة من أمراض الحساسية، وعادة ما يتبع تطور هذه الحالات نمطًا ثابتًا، يبدأ من الأكزيما (التهاب الجلد التأتبي)، تليه الحساسية الغذائية، ثم حمى القش، وأخيرًا الربو، ومع ذلك، لا يعاني جميع مرضى الربو من هذه السلسلة من أمراض الحساسية، ولا يصاب جميع مرضى الحساسية بأمراض الحساسية الأخرى.
الربو غير التحسسي (اللاتأتبي): يشكل ما بين 10- 33% من الحالات، وفيه تكون النتائج سلبية لاختبار الجلد لمسببات الحساسية المستنشقة الشائعة، مع تراكيز مصلية طبيعية للغلوبيولين المناعي E، وغالبًا ما يبدأ هذا النوع في وقت متأخر من الحياة، وتتأثر النساء بالمرض أكثر من الرجال، والعلاجات المعتادة قد لا تعمل كالمعتاد.
ما أعراض الربو التحسسي؟
بشكل عام، فإن أعراض الربو التحسسي التي يعاني منها الشخص المصاب يمكن تصنيفها على النحو الآتي:
الأعراض التقليدية للربو:
- السعال: يعتبر السعال إحدى الطرق التي يتبعها الجسم للوقاية من بعض الأمراض المحتملة، إذ يساعد السعال على التخلص من الأجسام الغريبة التي قد تسبب الحساسية أو الجراثيم قبل دخولها إلى الجسم، وبالتالي، فإن السعال الذي يعاني منه مرضى الربو التحسسي قد يساعد في عملية التخلص من مسببات الحساسية، مع التنويه إلى أن السعال الذي يعتبر أحد أعراض الربو التحسسي يكون في معظم الحالات من النوع الجاف، كما أنه قد يكون مصحوبًا بصوت الوزيز أو الصفير.
- العطاس: العطاس هو حركة لاإرادية يقوم بها الجسم للتخلص من مسببات الحساسية في الأنف أو الحلق قبل وصولها إلى الجهاز التنفسي، حيث يحدث العطاس بشكل مفاجئ، ومع أنه ليس بالضرورة أن يكون العطاس عرضًا لمشكلة صحية ما، ولكن قد يكون من أحد أعراض الربو التحسسي.
- الضيق في الصدر: قد يشعر الشخص المصاب بالربو التحسسي بضيق أو ألم في الصدر، وقد يكون مصدر الألم هو العظام والعضلات في جدار الصدر نتيجة السعال الذي يسببه الربو، أو يحدث ضيق الصدر نتيجة تسرب الهواء إلى أحد الفراغات الفاصلة بين الرئتين وأحد الأعضاء المجاورة، وتعتبر هذه المشكلة الصحية من الحالات النادرة، وهي تشفى دون الحاجة للخضوع لأي علاج، ولكن سوف يستمر الشخص بالشعور بضيق أو ألم في الصدر خلال فترة الإصابة.
- ضيق النفس: يعتبر مريض الربو التحسسي عرضة أكثر من غيره لضيق النفس الناجم عن أحد مسببات الحساسية التي تسبب الالتهاب المؤدي لضيق المجرى التنفسي وضيق التنفس.
الأعراض المصاحبة للإصابة بالحساسية الجلدية أو حمى القش:
- تدميع و حكة العينين.
- الطفح الجلدي، والشعور بالحكة.
- سيلان الأنف.
- تقشّر الجلد.
- احتقان الأنف.
الأعراض المصاحبة لابتلاع مسببات الحساسية:
- الشعور بوخز في الفم.
- انتفاخ الوجه، أو اللسان، أو الفم، أو الحلق، أو الشفاه.
- الشرى.
ولكن قد يحدث أحيانًا ما يُعرف بـ”نوبة الربو”، وهي نوبة من انقطاع النفس تستمر دقائق إلى ساعات، وتتحرض بشكل نموذجي بالتعرض الحاد للمؤرجات أو المخرشات (الدخان أو روائح المواد الكيماوية)، وتتطلب العلاج بالمشفى عندما تكون شديدة، وتشمل أعراض نوبة الربو الشديدة:
- ضيق تنفس على الراحة.
- صعوبة في إتمام الجمل.
- تعرق.
- هياج.
- تسرع تنفس (أكثر من 28 نفسًا/ دقيقة).
- تسرع نبض (أكثر من 110 نبضات/ دقيقة).
مع التنبيه إلى أن وجود وشدة الوزيز عند فحص الصدر لا يمكن الاعتماد عليه بالتنبؤ بشدة النوبة.
كيف يُشخّص الربو التحسسي؟
يعتمد التشخيص على الأعراض التي يشكو منها المريض، والعلامات التي يظهرها الفحص السريري (علامات الحساسية المفرطة، وزيز وتطاول زفير بإصغاء الصدر).
ويجب إجراء صورة شعاعية بسيطة للصدر لنفي الأسباب الأخرى للأعراض التنفسية.
ويتم تأكيد تشخيص الربو عن طريق اختبار وظائف الرئة (PFTs)، الذي يظهر نموذجًا سادًا وتكون العلامة الأساسية هي نقص معدل الجريان الزفيري، ويحدث نقص في الحجم الزفيري القسري (FEV1) ونقص أقل نسبيًا في السعة الحيوية القسرية.
كيف يُعالَج الربو التحسسي؟
هدف المعالجة هو السيطرة على الأعراض مع المحافظة على وظائف رئة طبيعية لمنع الهجمات والنوب الحادة، وتتضمن تثقيف المريض والمعالجة الدوائية.
تثقيف المريض: يجب التركيز على طبيعة مرض الربو المزمنة، مع التعريف بالأسباب التي تؤدي إلى تهيج المرض، وشرح عواقب استمرار التعرض للمؤرجات والمخرشات.
الأدوية: هناك مجموعة واسعة من الأدوية التي يمكن استخدامها بحسب شدة المرض، وهذا ما يقرره الطبيب المعالج، وتشمل الأدوية المستخدمة لعلاج أعراض الربو، بخاخات الكورتيزون الإنشاقية، وبخاخات موسعات القصبات قصيرة الأمد، وبخاخات موسعات القصبات طويلة الأمد، والكورتيزونات الفموية، ومضادات الكولين، ومضادات اللوكوترين، والتيوفللين.
كما تشمل الأدوية المستخدمة لعلاج الحساسية، مضادات الهستامين، وغسول الماء الملحي للأنف، وبخاخات مضادات الاحتقان الأنفية، وبخاخات الكورتيزون الأنفية، وحقن الحساسية.
كيف يمكن تجنب الإصابة بهجمات الربو التحسسي؟
- تجنب الخروج للمنتزهات في الربيع عند بداية تزهير الأشجار أو في فترة جفاف الحشائش والأعشاب، وإغلاق النوافذ في هذه الفترة، واستخدام المكيف لتغيير الهواء.
- مسح الغبار بشكل منتظم في المنزل، وتهوية الغرف، وتغيير أغطية الوسائد والشراشف حتى لا يتجمع فيها الغبار، وتعريضها مع الفراش والسجاد للشمس بشكل متكرر لمدة ثلاث ساعات كل مرة.
- إزالة السجاد بأسرع وقت.
- إزالة اللعب المحشوة من غرف نوم الأطفال.
- تجنب التعرض للأدخنة والعطور والروائح المخرشة.
- عدم الاقتراب من الحيوانات لتجنب التعرض لوبرها أو ريشها، وتجنب إدخال الحيوانات الأليفة إلى المنزل وخاصة إلى غرفة النوم، وننوه هنا إلى أنه يمكن لمستويات عالية من مسببات الحساسية للقطط أن تبقى في منزل أو شقة لعدة أشهر بعد إخراج القطط من المنزل.
- تجنب مخالطة الأشخاص المصابين بالإنفلونزا.
- تغطية الوجه وخاصة الأنف في الجو البارد.
- لبس الكمامات في أثناء تنظيف المنزل.
- الإقلاع عن التدخين، ومنع التدخين داخل المنزل، وفي حال وجود أشخاص مدخنين، يجب التخلص من منافض السجائر أولًا بأول.
- ممارسة رياضة السباحة لزيادة سعة الرئتين، وممارسة تمارين رياضية منتظمة كالمشي وركوب الدراجة.
- الإكثار من تناول بعض الأغذية، كالعسل والبصل والثوم والخضراوات الورقية والتين المجفف والتونة والسردين والقهوة والشاي فكلها مفيدة، والابتعاد عن الأغذية المحفوظة في المعلبات، وتجنب المشروبات الباردة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :