عادت الليرة السورية للتذبذب مجددًا أمام العملات الأجنبية، بعد أيام من تحسن طرأ على سعر صرفها، بالتوازي مع إجراءات اتخذتها حكومة النظام للحد من انهيار العملة المحلية.
وتقلّب سعر الصرف الليرة بعد عطلة عيد الفطر مرارًا، ليبلغ سعر الدولار الواحد ظهر أمس، الخميس 28 من أيار، 1860 ليرة في دمشق و1920 في إدلب، قبل أن يعاود الانخفاض إلى مستوى 1840 و1880 في دمشق وإدلب على التوالي، بحسب موقع “الليرة اليوم“.
وفي 18 من أيار الحالي، لامس سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية حاجز 1900 ليرة، قبل أن يتراجع بنحو 250 ليرة، عقب إعلان مصرف سوريا المركزي، في 20 من الشهر نفسه، “تنفيذ مهمات ميدانية مكثفة على جميع مؤسسات الصرافة وشركات الحوالات المالية، وكذلك على المتعاملين بغير الليرة السورية بهدف ضبط العمليات المالية”.
أسباب التقلّب
وعن أسباب تذبذب سعر صرف العملة السورية، قال مدير مركز “ماري” للدراسات والأبحاث، الباحث الاقتصادي معرف الخلف، إن السبب المباشر لتراجع قيمة العملة السورية هو شح النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، ما جعل حكومة النظام عاجزة عن تغطية مستورداتها، وهو ما يفسر القرار الأخير المسمى “استراتيجية إحلال الواردات“.
وأضاف الخلف أن هناك أسبابًا أخرى لا تقل أهمية، من بينها تعطيل الشبكة الاقتصادية لرامي مخلوف المسيطرة على القسم الأكبر من الاقتصاد، وهروب ما تبقى من رؤوس أموال، إضافة إلى الآثار السلبية لجائحة “كورونا”، وإغلاق المعابر مع الشمال السوري، وانخفاض نشاط المنظمات الإنسانية التي تمول عملياتها بالعملة الصعبة.
إجراءات جديدة
وأعلنت حكومة النظام، خلال الفترة الماضية، عن إجراءات لوقف الانهيار المتسارع لليرة السورية، ونقل موقع الاقتصادي عن شركات صرافة أمس، الخميس 28 من أيار، أنها بصدد بيع الدولار بسعر 1450 ليرة، وفق ضوابط وشرائح محددة، ابتداء من 31 من أيار الحالي.
وبحسب الشركات، سيكون البيع وفق نظام شرائح مقسمة على فئات التجار والأفراد والراغبين بتجديد جواز السفر أو دفع البدل النقدي للخدمة الإلزامية، وسُيحدد لكل فئة سقف لشراء القطع الأجنبي.
ويرى الخلف أن الليرة السورية مستمرة في التآكل، رغم هذه الإجراءات، مع غياب نشاط اقتصادي حقيقي سواء على مستوى الإنتاج والاستثمار الداخلي او على المستوى الخارجي وعلاقته المباشرة بقطاع الصادرات والواردات.
وأضاف أنه طالما لم يطرأ تبدل حقيقي على بنية اقتصاد النظام، ستواصل الليرة انهيارها المتسارع في الفترة المقبلة.
مخلوف يجثم على صدر الليرة
وتسارع انهيار قيمة الليرة السورية عقب تصاعد الخلاف بين رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام، بشار الأسد، وبين حكومة النظام، التي تطالبه بتسديد مبلغ يقدر بـ233 مليار ليرة.
وظهر مخلوف في ثلاثة تسجيلات مرئية، منذ 30 من نيسان الماضي، تحدث خلالها عن ضغوطات تتعرض لها شركاته، كما هدد بتبعات كارثية على الاقتصاد السوري، في حال عدم حل تلك الخلافات.
وكان سعر صرف الليرة قبل الظهور الأول لرامي مخلوف، في 30 من نيسان الماضي، 1250 ليرة للدولار الواحد، في حين بلغ، في 19 من أيار الحالي، 1820 ليرة سورية، بحسب موقع “الليرة اليوم”.
ويسيطر رامي مخلوف على 60% من اقتصاد سوريا قبل بدء الثورة السورية، عام 2011، بحسب صحيفة “تايمز” البريطانية.
السوريون يعانون
وترافق تراجع قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية بارتفاع مطّرد لأسعار السلع، لا سيما البضائع المستوردة أو التي تعتمد في صناعتها على مواد أولية مستوردة.
ويعيش 82.5% من السوريين تحت خط الفقر، وفقًا لموقع “اندكس موندي“، في حين قدرت الأمم المتحدة نسبتهم بـ83% نهاية عام 2019.
كما انعكست حالة الشلل الاقتصادي على خلفية الإجراءات المتخذة للوقاية من فيروس “كورونا” سلبًا على القدرة الشرائية للسوريين.
وفي 15 من أيار الحالي، أعلن برنامج الغذاء العالمي، عبر حسابه في “تويتر”، أن 9.3 مليون من السوريين يعانون انعدام الأمن الغذائي، مشيرًا إلى أن الارتفاع القياسي في أسعار المواد الغذائية ثم وباء “كورونا” دفعا بعائلات في سوريا إلى “ما يتجاوز طاقتها”.
وكانت “نقابة الاقتصاديين الأحرار” في إدلب طالبت، في 17 من أيار الحالي، إدارات المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في الشمال السوري، بوقف التعامل مؤقتًا بالليرة السورية، كخطوة أولى ضمن خطة “عاجلة ومتكاملة” للإصلاح الاقتصادي.
–