الرئيس الأول لسوريا، صبحي بركات، كان من أصول تركية ولم يتقن العربية، واضطر لتقديم استقالته، في 21 من كانون الأول 1925، بعد تفجر الثورة السورية في عهده.
فأمر المفوض السامي الفرنسي بتشكيل حكومة برئاسة الفرنسي بيير أليب، في شباط 1926، لكنها استقالت بعد شهرين فقط.
بعدها، عيّن المفوض السامي الرئيس الثاني لسوريا، أحمد نامي، الملقب بـ”الداماد”، وهو لقب يناله كل من يصاهر السلاطين العثمانيين، إذ تزوج من عائشة بنت السلطان العثماني عبد الحميد الثاني.
ينحدر نامي المولود عام 1878 من أصول شركسية، واستقرت عشيرته في سوريا أواخر القرن الثامن عشر، وكان والده فخري بك رئيس بلدية مدينة بيروت عاصمة لبنان حاليًا.
https://www.enabbaladi.net/archives/383820
ثلاث حكومات في عهده
شكّل نامي ثلاث حكومات في عهده، ترأس خلالها رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة، وحاول في أثناء تشكيل الحكومة الثالثة الفصل بين الرئاستين، إلا أن جميع من طلب منهم إسناد رئاسة الحكومة لهم اعتذروا.
كانت الحكومة الأولى تتألف من ستة وزراء، منهم ثلاثة محسوبون على التيار الوطني والآخرون من “المعتدلين” (المحابين لفرنسا)، بحسب ما ذكره السياسي السوري أكرم الحوراني في مذكراته (صفحة 45- 47).
لكن فرنسا اعتقلت الوزراء الوطنيين، وهم حسني برازي وفارس الخوري ولطفي الحفار، دون مبرر، بعد ستة أسابيع فقط من تشكيل الحكومة.
هدد نامي إثرها بالاستقالة، ما دفع الفرنسيين إلى تبرير الاعتقال بأن الوزراء الثلاثة دعموا الثوار وحضوهم على متابعة “الأعمال العدائية ضد فرنسا”، ونفتهم فرنسا إلى الحسكة شمال شرقي سوريا.
شكّل بعدها الرئيس السوري حكومته الثانية التي لم تستمر سوى أربعة أشهر، بسبب الخلاف الذي نتج داخلها بعد تعليق وزارة الداخلية برئاسة واثق العظم مشاركتها، ما أدى إلى تفجير الحكومة من الداخل، بحسب ما ذكره الوزير والمؤرخ السوري يوسف الحكيم في كتابه، “سوريا والانتداب الفرنسي” (صفحة 180).
وبعد استقالة المفوض السامي الفرنسي، دي جوفنيل، وتعيين هنري بونسو بدلًا منه، طلب الأخير من الرئيس نامي تشكيل حكومته الثالثة.
رفض فرنسي وتعليق ملفات أدى إلى استقالة نامي
حاول أحمد نامي تسريع العمل لإجراء انتخابات لجمعية تأسيسية تضع دستورًا للبلاد، لكن المفوض السامي رفض بسبب تخوفه من فوز الكتلة الوطنية في الانتخابات، وطلب ثلاثة أشهر مهلة للتباحث، وأجّل القضية لأجل غير مسمى.
وحاول أيضًا إعادة ضم دولة “جبل العلويين” (اللاذقية) إلى الاتحاد السوري كما فعل في بداية رئاسته عندما أعاد ضم لواء إسكندرون مع إعطائه الاستقلال المالي، لكنه فشل.
وبعد تجميد الملفات الكبرى من قبل الفرنسيين، لوّح “الداماد” بالاستقالة، وطلب من المفوض السامي بداية عام 1928 الدعوة لانتخابات جمعية تأسيسية وإصدار عفو عام، وفقًا لاتفاق نامي مع المفوض السابق عام 1926.
وفي شباط 1928 استقالت الحكومة ردًا على مماطلة فرنسا في تنفيذ وعودها واتفاقياتها المبرمة من جهة، ودعمها معارضي الرئيس نامي من جهة أخرى.
وفشلت بعدها المفاوضات بين فرنسا وممثلي الكتلة الوطنية (إبراهيم هنانو والأتاسي)، لرفض المفوض السامي الدعوة لانتخابات جمعية تأسيسية ثم توحيد سوريا.
وشهدت دمشق وحلب مظاهرات منددة بالانتداب ردًا على ذلك، وقدم الرئيس الثاني لسوريا أحمد نامي استقالته ورفعها إلى المفوض السامي، الذي قبلها وكلّف تاج الدين الحسني بتشكيل الحكومة منتصف شباط 1928.
درس نامي في صغره على يد أساتذة خصوصيين ثم أوفده والده إلى اسطنبول ودرس في الكلية الحربية، وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى انتقل للعيش في سويسرا، ثم إلى فرنسا، التي وطد علاقته مع قياداتها.
وتوفي عام 1963، ودفن في مقبرة العائلة ببيروت، ولم يمارس أي نشاط سياسي بعد استقالته عام 1928، إلا أنه اسمه كان حاضرًا في عدة مناسبات سياسية كأبرز المرشحين لشغل منصب الرئاسة.
–