جريدة عنب بلدي – العدد 35 – الأحد – 21-10-2012
تقوم الدول عادة بالاحتفاظ بمبالغ كبيرة على شكل أرصدة نقدية بالعملة الأجنبية، وتختلف الأسباب من دولة إلى أخرى. ويعتمد حجم هذه الاحتياطيات على عدة عوامل مثل نظام سعر الصرف المطبق، درجة انفتاح الاقتصاد الوطني أمام التجارة الخارجية، ومستوى الدين بالعملة الأجنبية.
فيما يلي بعض الأسباب التي تدفع الدول للاحتفاظ برصيد من الاحتياطي النقدي:
• اعتماد الدولة سياسة أسعار الصرف الثابتة.
• دفع ثمن المشتريات الحكومية من السلع الأجنبية بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات المستقبلية.
• سداد الديون الخارجية للدولة ولسداد خدمة الدين.
• تأمين مصدر ثقة وعامل أمان بالنسبة للمقرضين.
• تشكيل مصدر لتوليد دخل للدولة وهناك بعض الدول تعتبر هذا من ضمن أولوياتها.
إن العلاقات الاقتصادية الخارجية لأي دولة تقوم على الاستيراد والتصدير، ولا استيراد دون عملات أجنبية لاسيما الدولار. كما أن دعم سعر صرف العملة المحلية يحتاج إلى رصيد من الاحتياطي النقدي لدى المصرف المركزي للتدخل في السوق حفاظًا على قيمة العملة المحلية.
قامت الحكومة السورية على مدى عشرات السنين بمحاولة تجميع ومراكمة وزيادة الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية لدى البنك المركزي بما يشكل عامل استقرار سياسي واقتصادي للدولة. كما تعتبر السياحة وتصدير المنتجات المحلية وبيع وتصدير النفط بالإضافة إلى تحويلات المغتربين المصدرَ الرئيسي لتكوين الاحتياطي الأجنبي. ونلاحظ من خلال المخطط البياني ارتفاع حجم الاحتياطي النقدي خلال الفترة المدروسة بين عامي 2002 -2010. وكان رصيد سوريا من العملات الأجنبية قبيل انطلاق الثرة السورية يقدر بـ 18 مليار دولار، ولكن بعد بدء الثورة السورية في 15 مارس 2011 توقف المصرف المركزي عن إصدار أية بيانات أو مؤشرات عن حجم الاحتياطي النقدي الذي يُقدّر بأنه لم يبقَ منه سوى بضعة مليارات، رغم تكرار التصريحات الرسمية بأن الاحتياطي لا يزال على مستواه السابق!!
ماذا يعني استنزاف الاحتياطي النقدي؟
تتبع سوريا نظام أسعار الصرف الثابتة لقيمة الليرة تجاه الدولار واليورو والين الياباني، مما يتطلب من المصرف المركزي التدخل في السوق للحفاظ على سعر صرف الليرة التي فقدت ما يقارب 50% من قيمتها تجاه العملات الاخرى. فخسارة الاحتياطي تعني مزيدًا من التدهور في القوة الشرائية لليرة وصولًا إلى مرحلة الإنهيار الكامل.
تمويل الاستيراد يحتاج إلى وجود رصيد نقدي أجنبي لدى الحكومة لتلبية الطلب على الدولار واليورو. فخسارة الاحتياطي تعني توقف عمليات الاستيراد وتراجعها بشكل كبير، إلى جانب عامل عدم الاستقرار الداخلي وانعدام الدخل في سوريا.
إن التحدي الأكبر للحكومة الجديدة بعد سقوط النظام على الصعيد الاقتصادي يتمثل في استلام موازنة حكومية عاجزة ورصيد نقدي ربما يساوي الصفر. فلن تستطيع تلك الحكومة حينها تمويل عمليات الاستيراد ودعم سعر صرف الليرة السورية لتستعيد قيمتها ورصيدها الاحتياطي الأجنبي يساوي الصفر. وكم تحتاج الحكومة من السنوات لتجميع احتياطي نقدي جديد يسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي في سوريا.