آليات جديدة لتعليم 500 ألف طالب في الشمال السوري

  • 2020/05/24
  • 11:31 ص

أطفال يقرؤن مجلة طيارة ورق في مخيم معرين 12 من آذار 2020 (منظمة حراس الطفولة)

عنب بلدي – عبد الله الخطيب

يعاني الطلاب في شمال غربي سوريا من عوائق تعليمية ازدادت بعد إغلاق المدارس بسبب جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، واتجاه المعنيين إلى التعليم الإلكتروني (عن بُعد)، في منطقة تفتقر لإمكانيات تطبيقه.

وبعد مضي شهر على تفعيل التجربة، التي قررتها مديرية التربية في إدلب، في 29 من نيسان الماضي، اتضحت مشاكلها بشكل أكبر، لا سيما نقص الإمكانيات المتعلقة بتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة شمال غربي سوريا.

وتبلغ أعداد الطلاب في المنطقة، التي تشمل محافظة إدلب وريف حلب الغربي، بحسب أحدث إحصائية أجراها قسم الرصد في مديرية التربية لعام 2019، 513 ألفًا و604 طلاب وطالبات، منهم 113 ألفًا في ريف حلب.

المنظمات تصل إلى 60% من نسبة الطلاب.. ما المطلوب؟

مديرة قسم التواصل في منظمة “حراس الطفولة”، ليلى حسو، قالت لعنب بلدي إن المنظمة استطاعت تخديم 20 ألفًا 890 طفلًا في مشروعها للتعليم الإلكتروني، وتسعى من أجل الوصول إلى البقية.

وأضافت أن شركاءهم في نفس المشروع من بقية المنظمات يصلون إلى ما نسبته 60% من مجموع الأطفال العام، موضحة أن هذه العملية تحت إشراف مديرية التربية.

وبلغت مخصصات الأمم المتحدة من أجل دعم العملية التعليمية خلال العام الحالي ستة ملايين دولار، وتحاول المنظمات بدورها تنظيم برامجها من أجل الحصول على التمويل وإنقاذ السنة الدراسية للطلاب.

وبحسب بيان لفريق “منسقو استجابة سوريا“، في 22 من أيار الحالي، فإن 81% من نسبة العائدين من مناطق النزوح إلى قراهم وبلداتهم في أرياف حلب وإدلب، الذين بلغ عددهم 277 ألفًا و305 أشخاص من أصل مليون و41 ألفًا و233 نازحًا، هم بحاجة إلى التعليم.

ولتغطية حاجة التعليم هذه، قدّر “منسقو الاستجابة” التمويل اللازم بعشرة ملايين و200 ألف دولار.

الأطفال في مخيم “سنجار كهرباء” قرب مدينة سرمدا شمالي إدلب بلا مدرسة لعامهم الثاني

“واتساب” صف بديل

“تتلقى ابنتاي دروسهما عبر مجموعة أنشأها المدرّس على (واتساب)، وأنا أهتم بتدريسهما ومساعدتهما في الطريقة الجديدة للتعلّم”، بحسب ما قاله طارق العبيد، وهو والد لطفلتين في إدلب، تحدث سابقًا لعنب بلدي عن تجربة ابنتيه ودوره في مساعدتهما للتعلّم “عن بعد”.

وتدرس الطالبتان في المرحلة الابتدائية، إحداهما في الصف الأول والأخرى في الصف الثاني، وتتابعان التعلّم بجدية، وتشعران بالحماسة، وتطلبان من والدهما أن يطلعهما على الدروس الجديدة حتى في أيام العطل، بحسب ما قاله والدهما.

مدير البرامج في منظمة “حراس الطفولة” السورية، مجدي باش إمام، قال لعنب بلدي إن المواد الأساسية التي تُرفع دروسها على مجموعات “واتساب”، وهي بمثابة الصفوف بالنسبة للطلاب، هي الرياضيات، واللغة العربية، والعلوم، واللغة الإنجليزية.

وبالإضافة إليها أُعدت منصة لتقديم المحتوى التعليمي (أونلاين) للأهالي الذين لا يستطيعون متابعة المجموعات أو لديهم ضعف في الإنترنت، إذ يستطيعون الدخول إليها لاحقًا في أي وقت.

مساعٍ لتجاوز التحديات.. هل تنجح؟

أوضح مدير البرامج في منظمة “حراس الطفولة”، مجدي باش إمام، خلال حديثه لعنب بلدي، التحديات المرتبطة بالعملية التعليمية في شمال غربي سوريا، وأولها البنية التحتية، التي لا تتيح توفر الإنترنت لجميع الفئات والجهات (مقدمي الرعاية من الأهالي)، وما زاد الوضع سوءًا موجات النزوح الأخير بفعل العمليات العسكرية.

ولحل هذه العقبة، توزع منظمة “حراس الطفولة” حقائب خاصة بالتعلّم الذاتي، بالإضافة إلى الاعتماد على دور الأهالي في هذه العملية، والسعي إلى تمرير المعلومات عن طريق “لجان الحماية” الموجودة في هذه المناطق، من خلال مجموعات النشر الإعلامية.

التحدي الثاني هو المواد الموجهة للأطفال ذوي الإعاقات أو الذين لديهم صعوبات تعليمية، فالمواد التي تُنشر درجة إفادتها بالنسبة لهم أقل، وهم بحاجة إلى مواد خاصة، بحسب قول إمام باش.

وتتابع فرق المنظمات هذه الشريحة، وتقدم لها جلسات مباشرة عبر الإنترنت، يكون فيها الميسّر موجودًا مع الطفل وعلى الطرف الآخر يكون الداعم النفسي، كما توفر للميسّر حقيبة “تعلّم خاص”، توجد فيها أدوات متناسبة مع الإعاقة.

والتحدي الثالث هو شريحة الأطفال التي لا يمكن الوصول إليها عبر الإنترنت، ولديها احتياجات خاصة، إذ توجد فرق خارجية تشبه فرق الرعاية الصحية، تجري جلسات دورية وتزور الأهالي لتقديم خدمات التعليم أو الدعم النفسي أو المتابعة التي يجب تقديمها للطفل بشكل دوري.

حقائب تعلّم ذاتي.. “أوف لاين”

سعود العيسى طالبة في الصف الرابع بإدلب، تواجه صعوبات كبيرة في تلقي الدروس بسبب ضعف الإنترنت، بينما يعاني طلاب آخرون من عدم امتلاك هاتف محمول، كالطالب في الصف الثالث الابتدائي سليمان الحمادي، الذي قال إنه يتابع الدروس عبر هاتف أبيه، ويستثمر فترة وجوده في المنزل قبل أن يصطحب هاتفه معه عندما يخرج إلى العمل.

وتحدث الطفل أن المعلم يشرح له ولأصدقائه الدرس بشكل جيد، كما لو أنهم موجودون في الصف، لكنه يفضل التعليم في المدرسة.

مدير البرامج في منظمة “حراس الطفولة”، مجدي باش إمام، أوضح لعنب بلدي أنه بالنسبة للأطفال الذين ليست لديهم أو لدى أهاليهم القدرة على الوصول إلى الإنترنت، فقد حُددت معايير ضعف لرصد هذه الفئة، وتُقدم لهم حقائب “تعلّم ذاتي”، توجد فيها أحيانًا بطاقة إنترنت، تمكّن الأهالي من التواصل عبر الإنترنت مباشرة.

وفي بعض الحالات، التي يكون فيها وضع الأطفال أسوأ، تحوي هذه الحقائب مواد ورقية، من تمارين، وكتب، ودليل خاص بالتعلّم الذاتي، يساعد الأهالي على تنفيذ هذه الأنشطة مع أطفالهم، بوجود متابعة أقل من المدرّس، بحسب إمام باش.

وبالحالة الأخيرة هذه، يمكن للأهالي التواصل مع المدرّسين في الأسبوع مرة واحدة، لكي يأخذوا المواد الورقية الجديدة الخاصة بهم، أو يتابعوا مع المدرّس ما حققوه بوتيرة أقل من التواصل اليومي.

مقالات متعلقة

منظمات مجتمع مدني

المزيد من منظمات مجتمع مدني