خالد العبود والأسدية البوتينية

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

المحللون الاستراتيجيون الذين يدافعون عن نظام الأسد متخرجون من مدرسة نضالية واحدة، ويتلقون توجيهاتهم من مصدر مخابراتي واحد، ويتحدثون لوسائل الإعلام بطريقة واحدة.. إذا كان تلفزيونك، عزيزي القارئ، قادرًا على استقبال ثلاث محطات إخبارية في وقت واحد، وشاهدت ثلاثة مذيعين يوجهون سؤالًا لثلاثة محللين استراتيجيين سوريين، سيدهشك أنهم يعطون الجواب نفسه، ويكاد الفرق بينهم ينحصر في مستوى الركاكة، والمقدرة على دحش عبارات سخيفة في سياق الكلام.

ولكن خالد العبود يختلف عن تركيبة المحللين السوريين، فعلًا لا قولًا، وهو الوحيد الذي ينطبق عليه توصيف الفنان الراحل ناجي جبر (إلو فكاهة ومازية)! ولكي تعرف من أين جاءته الفكاهة والمازية سأذكرك بأنه ليس بعثيًا، بل هو من حزب “الوحدويين الاشتراكيين”، يعني من فلول الأحزاب الناصرية التي دجنها حافظ الأسد، ورَكنها في “الجبهة الوطنية التقدمية”، وجعل أعضاءها يتسابقون فيما بينهم من جهة، ويتسابقون مع البعثيين من جهة أخرى لتقديم أجود أنواع المديح للأسدين، الأب والوريث..

إن هؤلاء الذين ينخرطون في خضم السياسة الأسدية من غير البعثيين يصابون، عادة، بعقدة نفسية، ملخصها أن الواحد منهم مهما مدح، ونافق، وبلف، وكذب، ينظر إليه ضمن هذه التركيبة على أنه، كما يقال في ثكنات الجيش، صنف بْلَوّْ، يعني “صنف واطي”، ولكي يثبت للبعثيين أنه “نخب أول”، ومن العرب العاربة لا المستعربة، يجب عليه أن يبذل جهدًا مضاعفًا، ويرفع من جرعة المزايدة بقدر ما يستطيع، عله يحقق الأرب وينال الرضا، وما أقوله هذا ليس سخرية أو استهزاء بهم، بل إنه عين الحقيقة، ومن لا يصدق فلينظر إلى خارطة مداحي حافظ الأسد، ليرى أن معظمهم ينتمون إلى أحزاب “الجبهة الوطنية التقدمية”! ففي ذات يوم من أوائل التسعينيات حصلت أزمة في “الحزب الشيوعي” سبّبتها الرفيقة وصال بكداش حينما كالت لحافظ الأسد مديحًا غير مسبوق، ولولا تدخلُ الرفيق خالد، بجلالة قدره، للتغطية عليها، لفُصلت من الحزب.. وخلال المهرجانات الخطابية، كما يعلم مجايلونا، بزغ نجم الأستاذ صفوان قدسي، الأمين العام لـ”حزب الاتحاد الاشتراكي”، في مجال الخطابة، والفصاحة، والطلاقة، والثروة اللغوية الغزيرة، والمقدرة على إخراج الحروف التي يمدح بها حافظ الأسد ببراعة.. وكان ثمة عضو في “اتحاد الكتّاب العرب” اسمه كريم شيباني، (من حزب خالد العبود نفسه، ولكنه انشق عنه) ألف كتابًا عابرًا للقارات عنوانه “حافظ الأسد شخصية تاريخية في مرحلة صعبة”، وقد روى بعض المقربين من حافظ أنه هو نفسه اندهش عندما سمع بـ”نظرية الأسدية” التي وضعها كريم شيباني، وتقول: “إشمعنى جماعة عبد الناصر بيسموا أحزابهم (ناصرية)؟ أخي أنا بدي أسمي حزبي (الحزب الأسدي) واللي ما عجبه يضرب راسه بالحيط”!

الشيء نفسه فعله خالد العبود مؤخرًا، إذ “نفض فلاديمير بوتين بنقفة دين إيمان رسالة جابه فيها هوّي ودولته وطائراته والفيتو تبعه كتاف”: “بدك تتطاول على أسيادك يا أبو البتون؟ أي والله والله، إذا أبو البش بيشيل رجل عن رجل لحتى تطير وما تلاقي مين يتلقاك”. وبا. (الوبا هنا للشخصيات الثلاث)!

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة