أسماء رشدي
تشتكي أم أحمد من طفلها ذي الخمس سنوات، الذي لا يتوقف عن ملء جدران غرفة نومه الأربعة بالخربشات، ورمي الكتب وإفراغ خزانات الملابس، وسكب العصير في كل مرة يشرب بها. وكلما ضربته أمه بسبب أفعاله تلك ازداد تمسكًا بها والعودة إليها في غفلة منها.
قبل أن يكون لدينا أطفال، عادةً ما تكون بيوتنا مرتبة وكل شيء في مكانه المناسب، إلا أن ذلك يتغير تمامًا بعد أن نصبح آباء. ولكن فهم كيف يختبر الأطفال العالم من حولهم يمكن أن يساعد في الحد من الإحباط الذي قد نمر به خلال تنظيف البقع والفوضى الذي يتسبب بها الطفل طيلة النهار.
فتعلم كيف تعمل الأشياء هو جزء من عملية نمو الأطفال حتى، وإن تعرضت للتلف، فإنهم يفعلون ذلك عن جهل بقيمة الأشياء أو آثارها. وكنتيجة لذلك نرى أنهم يقومون برمي وإسقاط الأشياء على الأرض مثل الأكواب والصحون أو حتى طعامهم وذلك لكي يروا ما الذي يمكن أن يحدث؛ إنهم يمزقون الأوراق لمعرفة كيف يبدو صوتها. وحتى إن تعمد الطفل مثلا سكب بعض السوائل على الأرض فليس ذلك دليلًا على حب للأذى، بل إن افتقاده إلى معرفة شكل السائل حينما يسكب وحينما ينتشر على الأرض وحينما يسيل هو الذي يدفعه إلى ذلك السلوك. حتى إن الأطفال الصغار في عمر السنتين قد يجربون ويستمتعون بفرك الطعام على الحيطان وذلك لمعرفة ما إذا كانت سوف تلزق على الحائط أو سوف تسقط على الأرض.
كل ذلك يعتبر جزءًا طبيعيًا من التطور، وإشارة قوية على أن طفلك ينمو ويطور رغبته وتعطشه للتعلم. هو يحاول أن يكتشف نظريات متل الجاذبية، السبب والنتيجة، والعلاقات المكانية. لذلك حاول أن توجه فضوله من خلال أن تجد له دور مساعد في الأعمال المنزلية؛ مثل وضع الجوارب في الغسالة أو المكان المخصص لها بعد طيها، حيث يساعد ذلك طفلك على الاستمرار في عملية اكتشافه للأشياء من حوله بدون نشر الفوضى بكل مكان، أو السماح له بنقل الملاعق وبعض الأواني غير القابلة للكسر إلى مكان الطعام سوف يسمح له بإدراك العلاقات المكانية من حوله. كما أن بعض الأحرف والأرقام المغناطيسية على البراد مفيدة في تعليمه الأصوات وكيفية العد وكيف تعمل الأشياء المغناطيسية. إن استخدام الحبال والسماح له بتعليق رسوماته الفنية يشجعه على مواصلة مواهبه الفنية، وبنفس الوقت تتخلص من تراكم أوراقه ولوحاته في أرجاء المنزل.
ابتعد عن عقاب طفلك عند إحداث الفوضى فأنت بذلك قد تقتل روح الإبداع داخله، وإنما يمكنك أن تعلمه كيفية تنظيف ما صنعه بدلًا من الصراخ عليه.
فمرحلة الفوضى الطفولية، والتخريب والمشاغبة سمة سلوكية لابد أن يعيشها الطفل خلال مرحلة من عمره. إلا أن تلك الفوضى في معظم الأحيان تعتبر دليلًا على رغبته في اكتشاف العالم وتجريب الأشياء من حوله. وفي أحيانًا أخرى قد تكون الفوضى العارمة التي يحدثها الطفل أداة لجذب انتباه الأهل لمعاناته من مشكلة عاطفية مع والديه، أو أن السبب الإفراط في التدليل الذي يجعل الطفل يعتقد أن كل شيء مسموح ولا يوجد شيء ممنوع.