نداءات ودعوات متكررة يطالب النظام السوري الولايات المتحدة الأمريكية خلالها رفع العقوبات الاقتصادية عنه، وذلك على ألسنة مسؤوليه أو حلفائه، واضعًا مكافحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19)، والوضع الصحي حجة لهذه المطالبات، وآخرها كان استنجاده بائتلاف أمريكي يدعى “العقوبات تقتل”.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) اليوم، الأحد 10 من أيار، تصريحات لمندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، قال فيها إن الإدارة الأمريكية لم تعد تكتفي بدعم “المجموعات الإرهابية” في سوريا وغيرها من الدول، “بل باتت تعتمد الإرهاب الاقتصادي والصحي والسياسي”.
وجاء ذلك خلال ندوة عقدها ائتلاف “العقوبات تقتل” الأمريكي، أمس، السبت 9 من أيار، شدد فيها الجعفري أن الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب تعوق القدرة على توفير الحاجات الأساسية ومواجهة جائحة “كورونا”.
واعتبر أن الأزمة الحالية المرتبطة بانتشار “كورونا”، طرحت تحديات جديدة وغير مسبوقة على سوريا، في مقدمتها توفير البنى التحتية والمكونات اللازمة للقطاع الصحي لتوفير الوقاية والفحوصات والعلاج وتوفير المواد الطبية والغذائية والخدمية الأساسية.
إضافة إلى السعي لتمكين الاقتصاد السوري والقطاعين العام والخاص من القدرة على دعم وتمويل الخطط والإجراءات اللازمة لضمان احتواء انتشار هذا الفيروس وخاصة في مجالات التعقيم والعزل وإغلاق الأماكن والمرافق العامة والخاصة.
أهداف واضحة وأخرى مخفية..
أسباب إصرار النظام على مطالبه برفع الحظر رغم عقمها
الكاتب والباحث السوري زكريا ملاحفجي أوضح، لعنب بلدي، الأسباب والدوافع الظاهرة والمخفية جراء تتبع النظام السوري لهذا السلوك الإعلامي، المطالب برفع العقوبات الاقتصادية.
وقال ملاحفجي إن هذه الدعوات من النظام السوري وحلفائه هي محاولة لاستغلال ظرف جائحة “كورونا” من أجل رفع الحظر عن أمواله المجمدة أو عن دعمه، لكنها لن تغير من الأمر شيئًا، وهي مطالبات عقيمة دون فائدة.
وعن الهدف المخفي لهذا السلوك، قال ملاحفجي إنه لإظهار النظام بشكلة الإنساني المظلوم اقتصاديًا وسياسيًا أمام المجتمع الدولي والمحلي.
ففي بداية انتشار الفيروس تكتم النظام السوري وإعلامه عن الحالات المصابة بفيروس “كورونا”، ثم أعلن عنها، ثم أصبح ينشر هذه دعوات رفع القيود الغربية لتصدير قضية الحجر على أمواله بينما يحاول السيطرة على الجائحة.
ويسعى النظام السوري للعزف على هذا الوتر، بحسب ملاحفجي، لا سيما أن جائحة “كورونا” هي مسألة “أمن دولي”، ولا ترتبط بمنطقة جغرافية ما أو شخصية معينة.
ورغم معرفة النظام السوري المسبقة بأنه هذه الدعوات لن تؤتِ اؤكلها، فإنه لا يدخر جهدًا، ولو كان دون نتيجة حتمية، إلا ويستثمره، فإذا لم يستفد منها خارجيًا على المستوى الدولي، يستفيد من هذه الرواية محليًا، بحسب ملاحفجي.
وتكون الفائدة في الداخل من خلال هذه الدعوات برسائل تفيد أن ما يحدث للشعب السوري هو بسبب هذه العقوبات، ليعلل الفقر والضيق المادي والضعف الاقتصادي والصحي.
أمريكا تستثني المساعدات الإنسانية من عقوباتها.. والجعفري يُفندها
مدّدت الولايات المتحدة الأمريكية العقوبات الاقتصادية على النظام السوري عامًا آخر، بحسب بيان نُشر على قاعدة البيانات الإلكترونية في السجل الفيدرالي الأمريكي، في 8 من أيار الحالي، بمصادقة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عليه.
وفرضت الولايات المتحدة الأمريكية، خلال السنوات الماضية، عقوبات على مسؤولين في النظام السوري، ورجال أعمال موالين له، وشملت حظر الأصول المالية لبعض الأشخاص والكيانات القانونية الخاضعة للولاية القضائية الأمريكية، وحظر تصدير فئات معينة من السلع والخدمات إلى سوريا.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إنها تدعم جميع الدول والمواطنين حول العالم في جهود مكافحة فيروس “كورونا”، مبدية التزام واشنطن بضمان استمرار تدفق المساعدات اللازمة من خلال ما وصفته بـ”القنوات الشرعية التي تتسم بالشفافية”.
بدوره نفى الجعفري ما وصفها بالمزاعم الأمريكية الأخيرة حول وجود إعفاءات واستثناءات من جانبها، تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية، وبالتعاملات التجارية مع سوريا لتوفير المواد الطبية والغذائية.
وذلك بقوله إن “ما يسمى إعفاءات أمريكية كانت ولا تزال تخضع لاعتبارات مسيسة تؤدي إلى إيصال هذه المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها المجموعات الإرهابية المسلحة فقط، والتي تستولي عليها بدورها وتمنع وصولها إلى المستحقين الحقيقيين، بهدف دعم هذه المجموعات الإرهابية وإطالة أمد الحرب”.
ولم يستفد المصرف المركزي السوري منذ سنوات من الأموال السورية المجمدة في الخارج، بهدف تمويل استيراد المواد المتعلقة بتأمين الاحتياجات الأساسية للشعب في الداخل، بحسب الجعفري.
والسبب هو عدم استجابة المصارف الدولية والأجنبية لأوامر الدفع الصادرة عن المصرف المركزي، ولم يحصل النظام السوري على أي رد لاتصالاته مع هذه المصارف سواء من خلال نظام المراسلات المصرفية أو عبر القنوات الدبلوماسية.
في حين اعتبر الكاتب والباحث السوري زكريا ملاحفجي، خلال حديثه لعنب بلدي، أن الأمريكان تحدثوا بوضوح تام عن استثنائهم المواد الطبية والغذائية من تطبيق قانون “سيزر” (قيصر) الذي سيفعل في حزيران المقبل.
وفي نفس الشهر ستنتهي المهلة المعطاة من قبل الأمريكان إلى الإيرانيين، لذا ستكون وتيرة العقوبات متصاعدة أيضًا، والمحتمل أن تكون بحجم أكبر من الحالية، بحسب ملاحفجي.
ما ائتلاف “العقوبات تقتل“
بحسب “سانا” أطلق ائتلاف “العقوبات تقتل” (Sanctions Kill)، وثيقة بعنوان “تعهد بمقاومة العقوبات والحرب الأمريكية” بعد انتهاء الندوة، لتكون مفتوحة لتوقيع الأمريكيين.
وتضمنت إشارة إلى استخدام الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، جائحة “كورونا” لتكثيف الجهود التي تهدف إلى تغيير الأنظمة السياسية في البلدان المستهدفة ،من خلال التدخل العسكري وتطبيق العقوبات غير الشرعية.
وتعهدت الوثيقة بمعارضة العمل العسكري وجيوش “المرتزقة” والعقوبات الاقتصادية المستمرة على 39 دولة من قبل الولايات المتحدة والسعي من أجل العمل الجماعي لمقاومة هذه التهديدات، بحسب “سانا”.
وسيُعد الائتلاف رسالة حول معارضة العقوبات الاقتصادية لتوجه إلى ترامب، وحشد التواقيع عليها.
ويضم ائتلاف “العقوبات تقتل” مجموعة منظمات أهلية وإنسانية أمريكية مهتمة بالشأن العالمي وبمعارضة السياسات الخارجية الأمريكية، القائمة على التدخل في شؤون الدول من خلال العدوان العسكري وفرض العقوبات أحادية الجانب، كما يعرف عن نفسه.