الكاظمي بين خمس عواصم.. أين ترسو سفينة العراق
قالت صحيفة “The Guardian” البريطانية، إن رئيس وزراء العراق الجديد، مصطفى الكاظمي، التقى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في العاصمة اللبنانية بيروت.
وأكدت الصحيفة إن لقاء الكاظمي بنصرالله، أواخر شهر شباط الماضي، “لعب دورًا كبيرًا في حصول الكاظمي على منصب رئيس الوزراء”، واصفةً خطوة تعيينه بـ”غير التقليدية”.
الكاظمي في بيروت
واعتبرت الصحيفة، في تقرير نشرته اليوم الأحد 10 من أيار، أن مصير العراق تقرر هذه المرة في عاصمة جديدة، في الإشارة إلى بيروت، مضيفةً أن الكاظمي حصل على تأييد جزئي من قبل نصرالله.
وربطت الصحيفة بين تعيين الكاظمي ومقتل قاسم سليماني مطلع العام الحالي 2020، باستهداف أمريكي في العاصمة العراقية بغداد.
وتولى مصطفى الكاظمي إدارة المخابرات العراقية قبل ترشيحه ليشغل منصب رئاسة الوزراء.
وحصل مصطفى الكاظمي على دعم الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، بصفته “خارج قبضة إيران”، بحسب “The Guardian”.
وسبق أن اتهمت كتائب “حزب الله” في العراق، الكاظمي “بتسهيل عملية اغتيال سليماني”، وهو ما دفعه للتأكيد لـ “حزب الله” أن لا علاقة له، بحسب الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكتائب لم تمنع الكاظمي من الوصول إلى المنصب لكن الاتفاق كان بأنها ستواصل الحديث ضده، وأنه يواجه الكثير من الضغوط في الداخل العراقي.
الكاظمي بين سفارتين
مع حصوله على ثقة البرلمان العراقي، في 7 من أيار الحالي، التقى الكاظمي بشكل منفصل مع سفيري إيران والولايات المتحدة الأمريكية، مع أزمات داخلية عدة يواجهها رجل العراق الجديد.
وبانتظار الكاظمي ملفات تتعلق بالأزمة الاقتصادية ونقص الخدمات، والصراع الأمريكي الإيراني في العراق، وهي ملفات أدت إلى مظاهرات عارمة شهدتها شوارع المدن العراقية منذ الثلث الأخير من العام الماضي 2019.
لم تخرج التصريحات الرسمية عن المعتاد، إذ قالت الحكومة العراقية في بيان لها إن اللقاء مع السفير الأمريكي، ماثيو تولر، ناقش ضرورة التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والأمنية.
والملفت أن بيان الحكومة أكد أن العراق “لن يكون ساحة لتصفية الحسابات”، وهو تصريح خرج على لسان الكاظمي نفسه عشية نيله ثقة البرلمان العراقي.
وأكد الأخير بعد لقائه السفير الإيراني، إيرج مسجدي، أن العراق حريص على إقامة أفضل العلاقات مع إيران ودول الجوار.
أعمال بين السفارتين
ومن المفترض أن تعمل الحكومة العراقية الجديدة على إعادة التفاوض بشأن الإعفاءات الأمريكية التي تسمح للعراق بشراء الطاقة الإيرانية مع تجنب عقوبات واشنطن، التي أعلنت الأخيرة تمديدها مدة 120 يومًا.
وسيدفع العراق الذي يحظى بدعم حليفين عدوين، الولايات المتحدة وإيران، غالبًا ثمن هذا الصراع، خاصة بعد اغتيال الولايات المتحدة سليماني، ومعه نائب قائد قوات “الحشد الشعبي” العراقي، أبو مهدي المهندس.
وسيرث الكاظمي ميزانية للعام 2020 لم يُصوّت عليها إطلاقًا، ومع الانهيار الكبير للنفط، مصدر الدخل الوحيد في البلاد، ستكون الحكومة الجديدة، حكومة تقشف.
ويُتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للعراق بنسبة 9.7% العام الحالي، وقد تتضاعف أيضًا معدلات الفقر، بحسب توقعات “البنك الدولي”، ما يجعل ذلك أسوأ أداء سنوي للبلاد منذ الإطاحة بصدام حسين في العام 2003.
وليس العراق بمنأى بعد عن خطر تنظيم “الدولة الإسلامية”، الذي يحتفظ بخلايا في عدد المناطق لا تزال تنفذ ضرباتها بين فترة وأخرى.
أنقرة والرياض على الخط
مع التوترات الكبيرة في العراق، وتحوله بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 إلى ساحة للصراعات والتجاذبات الإقليمية والدولية، لم تفوت تركيا والسعودية الدخول على خط الحكومة العراقية الجديدة.
وأرسل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس، السبت 9 من أيار، برسالة “تهنئة ودعم” للكاظمي، وأعرب خلالها عن “ثقته التامة بنجاح الحكومة”.
ومن جهتها، قالت وكالة “الأناضول” التركية شبه الحكومية إن الكاظمي “استفتح قرارته بمغازلة الحراك”، وذلك بعد قراره بإطلاق سراح المتظاهرين الموقوفينن والتحقيق في أعمال العنف.
أما قناة “العربية” السعودية، والمقربة من سلطات المملكة، فأعادت عبر موقعها الرسمي نشر مقال قديم كتبه الكاظمي في صحيفة “المونيتور” الأمريكية.
وبحسب “العربية”، اعتبر الكاظمي في مقاله المنشور في عام 2015، أن “العلاقات العراقية السعودية هي مفتاح رئيسي لمشاكل وحلول الأزمات في الشرق الأوسط”، وأن العلاقات بينهما ليست خيارًا بل واجبًا استراتيجيًا على البلدين.
ركائز القوة.. علاقات مع الدول والحكومات
ويملك الكاظمي ثلاث ركائز قوة في العراق، أولاها علاقة متينة مع الولايات المتحدة، عززها في التعاون خلال مرحلة قتال تنظيم “الدولة الإسلامية”، وصولًا إلى القضاء على زعيمه “أبو بكر البغدادي”.
أما الركيزة الثانية فهي بث الروح وتجديد خط التواصل مع إيران، التي استثمرت ذلك بوضع ثقتها في الكاظمي كشخصية قادرة على نزع فتيل الأزمة في البلاد.
والركيزة الثالثة هي علاقة أكثر من جيدة مع الجارة السعودية، خاصة أن هناك علاقة صداقة تربط الكاظمي بولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بحسب مصادر سياسية، نقلت عنها “فرانس برس“.
من هو الكاظمي
ينتسب الكاظمي وهو من مواليد عام 1967 إلى عشيرة الغريب، حيث نزحت أسرته من الشطرة ذي قار، إلى كرخ بغداد (الكاظمية).
والده عبد اللطيف مشتت الغريباوي، سكن بغداد قادمًا من الشطرة عام 1963، وآخر عمل له هو مشرف فني في مطار بغداد، كما كانت له انتماءات سياسية وحزبية.
وحاز الكاظمي درجة بكالوريوس في القانون، وهو متزوج من ابنة مهدي العلاق، القيادي في حزب “الدعوة”، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وخلق خلال وجوده كرئيس للمخابرات روابط عدة مع عشرات الدول والأجهزة التي تعمل ضمن “التحالف الدولي” الذي تقوده الولايات المتحدة.
درس الكاظمي في بداياته القانون بالعراق، وكان صحفيًا وناشطًا مناهضًا للرئيس العراقي السابق، صدام حسين، من أوروبا التي لجأ إليها هربًا من النظام حينها.
بعد سقوط نظام صدام حسين في العام 2003 على يد القوات الأمريكية، عاد الكاظمي إلى العراق ليشارك في تأسيس شبكة “الإعلام العراقي”.
وجاء ذلك تزامنًا مع دوره كمدير تنفيذي لـ”مؤسسة الذاكرة العراقية”، وهي منظمة أُسست لغرض توثيق جرائم نظام حزب “البعث” العراقي.
عمل كاتب عمود ومديرًا لتحرير قسم العراق في موقع “المونيتور” الدولي، وألّف العديد من الكتب أبرزها “مسألة العراق” و”المصالحة بين الماضي والمستقبل”.
وشغل رئاسة تحرير مجلة “الأسبوعية” المملوكة آنذاك للرئيس العراقي، برهم صالح.
وفي حزيران عام 2016، عيّنه رئيس الوزراء آنذاك، حيدر العبادي، في رئاسة جهاز المخابرات العراقي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :