إدلب – إياد عبد الجواد
مع موجات النزوح المتكررة في السنوات الماضية إلى الشمال السوري، شهدت مدن وقرى الشمال حركة اقتصادية غير مسبوقة، إذ غصت قرى صغيرة بالمحلات التجارية والمطاعم وغيرها من المحلات الخدمية، بالإضافة إلى حركة إعمار كبيرة نتيجة توافد النازحين إليها.
قرية كفر عروق، الواقعة في قلب جبل باريشا شمال غرب مدينة إدلب، إحدى هذه القرى التي شهدت حركة اقتصادية مع توافد النازحين إليها، الذين شكلوا العامل الأهم الذي دفع السكان لإنعاش أعمالهم الاقتصادية.
أعداد النازحين مشجعة
سامر عبود نازح من قرية معرشمشة، شرق مدينة معرة النعمان، وصاحب مطعم في قرية كفر عروق، تشجع على فتح المطعم قبل ثمانية أشهر في القرية، رغم صغرها نظرًا للعدد الكبير من النازحين الذين استقروا فيها.
وقال سامر لعنب بلدي، إن حركة الإقبال على المطعم جيدة، مشيرًا إلى أنه عند نزوحه من قريته لم يكن لديه أي مورد سوى عدة المطعم التي أخرجها معه.
ويعاني سامر من سلبيات تواجه عمله، كالغلاء “الفاحش”، بحسب تعبيره، وتفاوت الأسعار بسبب عدم استقرار سعر صرف الدولار، الذي أدى إلى عدم استقرار في الأسعار.
توافد النازحون إلى كفر عروق من مناطق عدة، ووصل إليها محمود قطاش من ريف حلب، الذي كان يمتلك في قريته محلًا للحلويات تركه وراءه بعد اقتحام قوات النظام القرية ونزوحه باتجاه إدلب.
لم يعمل محمود بعد وصوله لمدة شهرين، وعند معرفته بأعداد النازحين في القرية والمخيمات المحيطة، تشجع على فتح محل للحلويات.
في حديث لعنب بلدي، قال محمود إن أغلب النازحين في القرية يعيشون تحت خط الفقر نتيجة النزوح والبطالة وعدم اهتمام المنظمات بهم، مشيرًا إلى أن الإقبال على محل الحلويات مرتبط بتوزيع المعونات الإغاثية على النازحين من قبل المنظمات، فعند كل توزيع للإغاثة تزداد الحركة التجارية في الأسواق.
وبحسب تقييم احتياجات الأمم المتحدة للسوريين لعام 2019، فإن 83% منهم تحت خط الفقر.
تنوع سكاني جاذب
العديد من الوافدين إلى القرية بادروا إلى بدء أنشطة تجارية وخدمية تخدم الناس، بحسب ورد الدين الحموي أحد الوافدين إلى المنطقة، الذي قال لعنب بلدي، إنه بعد قدومه لاحظ ضعفًا بتأمين احتياجات ومتطلبات سكان القرية بشكل عام، فشرائح السكان المتنوعة فيها تحتاج إلى جهود كبيرة لتلبية الاحتياجات المعيشية، ولكل منطقة أو مدينة عادات وتقاليد وتنوع في السلع والأطعمة التي تستهلكها.
وأضاف أن تلبية الاحتياجات أمر يتطلب قيام سكان المنطقة ذاتها به، والتنوع الموجود في كفر عروق جذب كثيرين لبدء مشاريعهم وسهل الأمر عليهم، وأدى إلى نجاحهم في شتى المجالات الخدمية والمعيشية. ولا يقتصر الأمر على قرية كفر عروق وإنما يلاحظ ذلك في أسواق أي بلدة من بلدات “الشمال المحرر”، بحسب تعبيره.
وأما محمد زيتون من أبناء القرية، فأكد لعنب بلدي أن الحركة التجارية قبل وصول دفعات النازحين المتتالية إلى القرية والقرى المحيطة كانت شبه معدومة، نظرًا لقلة عدد السكان وعمل أغلبهم بالزراعة وفي مهن البناء.
ومع النزوح، ازداد عدد السكان إلى الضعف، إضافة إلى ازدياد عدد المخيمات المحيطة بالقرية، الأمر الذي أدى إلى حركة تجارية من قبل النازحين، وبدأ السكان يلاحظون افتتاح العديد من المطاعم والمحلات التجارية والصيدليات والعيادات الطبية ومحلات تقدم خدمات وسلعًا مختلفة، مشيرًا إلى أن القرية تشهد أيضًا مع زيادة عدد السكان وارتفاع إيجارات المنازل حركة إعمار “لا بأس بها”.