“أما استحيت يا عزرائيل؟ ألم تنظر في عينيه قبل أن تمد يدك إلى روحه الصغيرة؟ ماذا ستقول لأمه؟ ماذا ستقول لأبيه وأصدقائه حين يسألون عنه؟.. البارحة مات فارس، الطائرة الأمريكية أنهت أسطورته التي ما خلتها أبدًا تنتهي.. وداعًا يا ملاكي الصغير وداعًا يا حبيبي”.
لم تسعف الكلمات يوسف الخضر، ابن مدينة الحسكة في الجزيرة السورية، خلال نعي شقيقه الصغير فارس الذي “اغتالته” طائرات الـ F16 الأمريكية أو ربما المسيرة من دون طيار، كما روى أقاربه في صفحات التواصل الاجتماعي.
نزح فارس إلى لبنان هربًا من مشهد الموت اليومي في بلاده، واختار زرع الابتسامة عند مرتادي شارع الحمرا الشهير وسط بيروت، يبيعهم الورود الحمراء.. يمازحهم ويمازحوه.. يحصل على النقود.. يبتسم ويرحل، لكن صوره التذكارية ضجت بـ “بروفايلات” اللبنانيين قبل السوريين أسىً وفقدًا.
غادر الطفل ذو الـ 12 ربيعًا بيروت مؤخرًا بحسب وسائل إعلام لبنانية، متوجهًا إلى مدينته الحسكة رغبةً في دخول المدرسة هناك، قبل أن يقتله التحالف بغارة أخطأت “داعش” وأصابته كما أصابت مئات الأطفال والنساء في سوريا.
لا معلومات دقيقة حول حيثيات الغارة الأمريكية “اللعينة”، التي قتلت فارس في مدينة الحسكة في التاسع من تموز الجاري، بحسب ما قال شقيقه يوسف.
الناشطة اللبنانية نوال مدللي، التي التقطت صورًا لها مع فارس قبل رحيله، قالت في صفتحها الشخصية عبر الفيسبوك، “أكتب يوميًا عن مشاهدات لأطفال شارع الحمرا ولم أستطع أن أكتب عن فارس بعد سماع خبر موته.. لا أريد أن أصدق هذا الخبر، نفقد الشخص وتبقى الصورة في المخيلة وفي ألبومات الصور.. لك كل الورد يا فارس”.
من بائع ورود في الحمرا إلى “شهيد” على يد طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة؛ طويت صفحة الطفل فارس الخضر بينما لا يزال مئات الأطفال يفترشون شوارع لبنان وتركيا والأردن ومصر وغيرها من دول اللجوء، دون إرادة دولية لإنقاذهم من “مخالب” الحرب التي أورثتهم الشقاء والموت.