تنوعت الأساليب التي انتهجتها وسائل إعلام حكومية وموالية للنظام السوري خلال الأسابيع الماضية، للتغطية على حملة إعلامية روسية غير مسبوقة، ضد رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وأركان حكمه.
ودأبت وسائل إعلام النظام خلال الفترة الماضية على طمس التقارير الروسية التي تنتقد الأسد، منتهجة أساليب مختلفة، ترتكز على تحريفها أو نفيها عبر مصادر مجهولة أو حتى مهاجمتها.
كما تحركت مجموعة من السياسيين والإعلاميين الموالين للنظام لصد الحملة الروسية، والتعبير عن دعمهم للأسد.
بيان للدفاع عن الأسد
طالب سياسيون وإعلاميون سوريون وعرب مؤيدون للنظام السوري، الإعلام الروسي بالتوقف عن توجيه الانتقادات للأسد، وذلك في أحدث حلقة من ردود الفعل على انتقادات وجهتها وسائل إعلام روسية للأسد والدائرة المقربة منه، خلال الأسابيع الماضية.
جاء ذلك في بيان من 300 إعلامي وسياسي إلى وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إضافة إلى رئيس لجنة العلاقات العامة في مجلس الدوما، ورئيس لجنة المعلومات في مجلس الدوما، وإدارة قناة “روسيا اليوم” الناطقة باللغة العربية.
ولم تعلّق الخارجية الروسية ولا إدارة قناة “روسيا اليوم” على ذلك البيان حتى ساعة إعداد التقرير، رغم أن القناة حذفت مؤخرًا حلقة من برنامج تلفزيوني انتقد فساد مقربين من الأسد.
وبحسب البيان، فإن ما نُشر وبُث على بعض المواقع والمنابر الرسمية الروسية، أدى إلى تأليب قطاع واسع من الشارعين العربي والروسي، وإثارة توترات وردود ومهاترات.
وانتقد الموقعون على البيان ما وصفوه بـ”الإساءات والافتراءات الموثّقة” التي وردت على عدد من وسائل الإعلام الروسية في الآونة الأخيرة، وسببت “امتعاضًا وتجييشًا” في الشارع السوري، جراء استهداف شخص الرئيس بشار الأسد، والإساءة إليه، لا سيما ما جاء في حلقتين من برنامج “قصارى القول” على “روسيا اليوم”، استضاف فيهما مقدم البرنامج فراس طلاس ابن وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس.
مصادر مجهولة
لجأ موقع “الوطن أونلاين” المقرّب من النظام إلى مصادر مجهولة، وغير ذات صلة، لنفي أي خلافات بين حكومة الأسد وروسيا.
ونشر الموقع، في 8 من أيار الحالي، تقريرًا تحت عنوان “مصدر دبلوماسي لـ(الوطن): كل ما يشاع أو ينشر عن خلافات روسية سورية لا أساس له من الصحة”.
وينفى المصدر الدبلوماسي، الذي طالب بعدم الكشف عن هويته، بحسب الموقع الإخباري، ما يشاع حول تدخلات روسية في الشأن الداخلي السوري.
غير أن الموقع لم يبين أسباب اعتماده لنفي تلك الخلافات على تصريحات من دبلوماسي عربي في شأن سوري روسي، خلافًا للأعراف الإعلامية المعتادة في مثل هذه القضايا.
تحريف
حرّفت وسائل إعلام سورية حكومية، في نيسان الماضي، تصريحات مسؤول روسي، للتغطية على الحملة الإعلامية الروسية الأخيرة ضد الفساد في عائلة رئيس النظام، بشار الأسد، والمقربين منها.
ونشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) وصحيفة “الثورة” الحكومية مقالًا، في 22 من نيسان الماضي، روجتا خلاله إلى أن “المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أفاد بأن موقع وكالة الأنباء الفيدرالية الروسية، التي انتقدت الأسد، تعرض مرتين لهجمات إلكترونية من “متطرفين تابعين للنظام التركي”.
“عنب بلدي” تحققت آنذاك مما جاء في مقال “سانا” والوسائل الإعلامية الأخرى، وتبين أن بيسكوف كان يتحدث عما نشرته صحيفة “نوفايا غازيتا” الروسية، حول ضلوع القوات الروسية ومقاتلي الشركة الأمنية الخاصة “فاغنر” في تعذيب مقاتل من تنظيم “الدولة” في سوريا، وليس عن تقرير وكالة الأنباء الفيدرالية، التي اتهمت الأسد بأنه شخص “ضعيف، لا يستطيع الحكم بشكل جيد في بلد نخره الفساد”
هجوم مضاد
مع تعالي الأصوات المنتقدة لرأس النظام السوري بشار الأسد وحكومته، من قبل وسائل الإعلام الروسية، والتقارير الإعلامية التي تحدثت عن اقتراب تخلي روسيا عن نظام الأسد واستعدادها لتنحيته، نشر عضو مجلس الشعب خالد العبود، الذي يظهر على محطات التلفزيون السورية والعربية بصفة محلل سياسي، منشورًا مطولًا عبر صفحته على “فيس بوك” تحت عنوان “ماذا لو غضب الأسد من بوتين”.
وهاجم العبود في ذلك المنشور الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قائلًا إنه “لم يعد بمقدوره أن يمليَ شيئًا على الأسد”، ملمحًا إلى استعداد النظام لمواجه القوات الروسية عسكريًا، في حال انقلبت ضده، فضلًا عن طرد تلك القوات من نافذتها على البحر المتوسط.
كما زعم العبود أن بوتين “يدرك أن الرئيس الأسد أعدّ بنية تحتية لعلاقات سورية– إيرانية أقوى بكثير من العلاقات السورية– الروسية، وأنشأ عليها خرائط عسكرية وسياسية واقتصادية متينة جدًا، يمكن لها أن تحجّم الدور الروسي”.
حملة انتقادات روسية
وكانت وسائل إعلام روسية نشرت، خلال نيسان الماضي، عدة مقالات، تتحدث عن الفساد المستشري داخل حكومة النظام السوري، إضافة للتشكيك بشعبية رئيسه، بشار الأسد.
واعتبر “مجلس الشؤون الدولية الروسي” في تقرير أن “حماية الأسد أصبحت عبئًا” على روسيا، متوقعًا أن تتوصل موسكو وأنقرة وطهران إلى توافق على الإطاحة به، وإقرار وقف إطلاق النار، مقابل تشكيل حكومة انتقالية، تضم المعارضة وأعضاء من النظام و”الإدارة الذاتية”.
وهاجمت “وكالة الأنباء الفيدرالية الروسية” النظام السوري، ووصفت رئيسه بشار الأسد، بأنه “ضعيف، ولا يتحكم في الوضع في البلاد”.
كما سلطت صحيفة “براڤدا” الضوء على الدائرة الضيقة للعائلة الحاكمة وخاصة ماهر الأسد، كما استهدفت ابني خال الأسد، رامي وحافظ مخلوف، إلى جانب رجال أعمال، ورئيس حكومة النظام، عماد خميس، ووصفتهم بـ”عشيرة الأسد”.
–