عنب بلدي – خاص
تحت ضغط التهديد باستخدام “فيتو” مشترك روسي- صيني، أعلن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في جلسته التي عُقدت في 10 من كانون الثاني الماضي، تجديد الإجراءات المتعلقة بأربعة معابر حدودية، تستخدمها وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق في شمالي وجنوبي سوريا، لتشمل الإجراءات تقليل نقاط تسليم المساعدات من أربع إلى نقطتين.
يستمر استخدام معبري “باب السلامة” و”باب الهوى” الحدوديين مع تركيا لمدة ستة أشهر، حتى تاريخ 10 من تموز المقبل، وأوقف عمل معبري “الرمثا” جنوبي سوريا، الذي يصلها بالأردن، و”اليعربية” في الشمال، الواصل بين مناطق الشمال الشرقي السوري بمدينة ربيعة العراقية.
روسيا تنتصر لحكومة النظام
التهديد باستخدام حق “الفيتو” من قبل روسيا دفع العديد من السياسيين والدبلوماسيين الغربيين لانتقاد روسيا، واعتبرت وكالة الأنباء الأمريكية “أسوشيتد برس” في تقرير لها التهديد الروسي “نصرًا لروسيا ولحليفتها المقربة من سوريا”.
وعبّرت سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة، كارين بيرس، عن شعورها “بخيبة أمل شديدة”، قائلة إنه بسبب قرار روسيا “لعب السياسة” لم يُترك أي خيار لمجلس الأمن سوى الموافقة على قرار لا يلبي حاجة الشعب السوري، مؤكدة أن المساعدة “ليست أداة سياسية يمكن المساومة عليها، ويجب أن تستند فقط إلى الحاجة الإنسانية”.
كما اتهمت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، روسيا “بدعم منتصر” لحكومة النظام السوري “لتجويع معارضتها”، وحذرت من “معاناة السوريين دون داعٍ، وموتهم نتيجة لهذا القرار”، مشيرة إلى أن “عجز” المجلس عن إبقاء معبر “اليعربية” مفتوحًا إلى سوريا، أدى إلى فقدان 40% من اللوازم الطبية في شمال غربي سوريا وشمال شرقها، مؤكدة أن “النظام بدعم من حلفائه، لا يسمح للمساعدات بالوصول إلى المناطق التي لا يسيطر عليها”.
لكن سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، قال في وقت سابق، إن المساعدة عبر الحدود تهدف إلى أن تكون استجابة مؤقتة لـ”الصراع السوري” وإن الوضع على الأرض قد تغير، مشيرًا إلى أن معبر “الرمثا” مع الأردن “لم يُستخدم لفترة طويلة” وأن حجم المساعدات “ضئيل” عبر معبر “اليعربية”، لذلك فإن ما تحتاجه سوريا من المعابر اليوم هو “المعابر مع تركيا فقط”.
بينما أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA) دعمه لأربعة ملايين سوري من خلال إيصال المساعدات عبر الحدود، 1.3 مليون منهم في الشمال الشرقي. ووفقًا للأمم المتحدة، فإن 40% من جميع الإمدادات الطبية والجراحية والصحية إلى جانب إمدادات المياه والصرف الصحي، تصل إلى مناطق الشمال الشرقي عبر معبر “اليعربية”.
مجلس الأمن كان قد سمح في جلسته، التي عُقدت في 14 من تموز 2014، للوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها باستخدام المعابر الأربعة لضمان وصول المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى اللوازم الطبية والجراحية، وأكد على ضرورة استخدامها بشكل “كفء” لأغراض العمليات الإنسانية للأمم المتحدة.
“الصحة العالمية” تسحب مناشدتها بعد تقديمها
قرار المجلس بسحب الإذن بمواصلة عمل معبر “اليعربية”، دفع العديد من المنظمات العالمية والحقوقية إلى مطالبته بإعادته لإيصال المساعدات واللوازم الطبية في ظل تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وإعلان الهيئات الصحية التابعة لـ”الإدارة الذاتية لشمالي وشرقي سوريا” تسجيل إصابات بالفيروس.
منظمة الصحة العالمية ناشدت عبر مسودة مذكرة أرسلتها إلى مجلس الأمن، واطلع عليها 15 من أعضائه، بالسماح باستخدام معبر “اليعربية”، قائلة إن المنظمات الإغاثية تطلب السماح باستخدامه “بشكل عاجل” لإمداد مساعدات لمواجهة تفشي جائحة “كورونا” في شمال شرقي سوريا.
إلا أن المنظمة عاودت إرسال مذكرة محدثة، في 28 من نيسان الماضي، حذفت منها مناشدتها بإعادة فتح المعبر، بسبب معارضة روسيا والصين، وأوردت الحاجة إلى “خيارات جديدة” لإيصال المساعدات التي كانت تُسلّم عبر العراق، معتبرة أنه لا يمكن توسيع عمليات الشحن عبر “خطوط الصراع” في البلاد، بما يكفي لتلبية الاحتياجات في شمال شرقي سوريا، بحسب وكالة “رويترز” للأنباء.
وقالت الوكالة، إن المنظمة تخاطر بهذه الخطوة بمزيد من الانتقادات، بأن وكالة الأمم المتحدة تسمح لنفسها التأثر ببعض الدول، التي بدأها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مع إيقافه التمويل الأمريكي عن المنظمة، واتهامه إياها بأنها “تتمحور حول الصين”.
الأمر الذي دفع مدير منظمة “هيومن رايتس ووتش”، لويس شاربونو، لمطالبة منظمة الصحة بـ”التمسك” بمطلب تقديم المساعدات عبر الحدود إلى سوريا، و”حث مجلس الأمن بحزم” على ضمان السماح بإدخال المساعدات الطبية وغيرها من مواد الإغاثة الإنسانية إلى سوريا عبر معبر “اليعربية”.
النظام السوري يقيّد وصول المساعدات
وكانت ” هيومن رايتس ووتش” طالبت الأمم المتحدة وحكومة النظام السوري في بيان صادر عنها، في 28 من نيسان الماضي، برفع القيود التي تمنع وصول الإمدادات والطواقم الطبية إلى مناطق شمال شرقي سوريا، لمواجهة انتشار جائحة فيروس “كورونا”، داعية مجلس الأمن إلى إلغاء قراره القاضي بسحب إذنه بنقل إمدادات المعونة الأممية من العراق إلى مناطق شمال شرقي سوريا، عبر المعبر.
وأشارت إلى أن الفرق الإغاثية غير التابعة للأمم المتحدة، والتي كانت تعتمد سابقًا بشكل كبير على الأمم المتحدة لإمدادات الرعاية الصحية، عاجزة عن تسليم مساعدات كافية من إقليم كردستان العراق إلى شمال شرقي سوريا، إذ يوجد، بحسب المدير المشارك لقسم النزاعات والأزمات في المنظمة، جيري سيمبسون، مليونا شخص “عالقين” في شمال شرقي سوريا، دون الأدوات اللازمة لمواجهة تفشي الجائحة، وهم “بأشد الحاجة إلى الدعم”، في ظل انتشار الفيروس.
كما أشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA) في تقرير له، في 29 من نيسان الماضي، إلى أن الفجوة في الإمدادات الطبية إلى مناطق شمال شرقي سوريا “تتسع”، وأن عمليات إيصال المساعدات من دمشق لم تسد تلك الفجوة “الحرجة”.