من تركيا إلى سوريا..
حركة تهريب في الشمال تتجاوز إجراءات منع انتشار “كورونا”
عنب بلدي – ريف إدلب
لم يمنع إغلاق المعابر مع تركيا، كإجراء وقائي لمنع انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، حركة التهريب بين الأراضي التركية ومناطق سيطرة فصائل المعارضة في الشمال السوري.
بل استمر النشاط “غير الشرعي” على الحدود، بوساطة مهربين بين البلدين، يتقاضون مبالغ لقاء عمليات التهريب بعيدًا عن أعين “الجندرما” (حرس الحدود) التركية، ودون ضوابط من الجانب السوري.
بحثت عنب بلدي في طرق التهريب الحالية، وأسباب لجوء الأشخاص للتهريب رغم إغلاق الحدود، وما إجراءات السلطات للحد من الظاهرة خوفًا من انتقال الفيروس إلى الجانب السوري من تركيا.
إذ وصلت أعداد المصابين بفيروس “كورونا” في تركيا، حتى إعداد التقرير، إلى 122 ألفًا و392، توفي منهم ثلاثة آلاف و258، في حين تعافى 53 ألفًا و808 أشخاص.
بينما لم تسجل مناطق شمال غربي وشرقي سوريا في محافظتي إدلب وحلب وأريافهما أي إصابة حتى الآن. |
من تركيا إلى سوريا
بركات اليوسف، هو مدني دخل تهريبًا إلى الأراضي السورية من بلدة هتيا التركية، إلى محافظة إدلب شمالي سوريا، تحدث لعنب بلدي عن تجربته في طريق التهريب؟
خرج بركات من سوريا إلى تركيا بعد فتح الأخيرة أبوابها باتجاه أوروبا أمام السوريين منذ نحو شهرين، تاركًا خلفه عائلته في إدلب، وباحثًا عن حياة أفضل، وعند فشله بالعبور من الجانب اليوناني أراد العودة إلى عائلته، فهو لا يملك عملًا في تركيا ولا وثيقة إقامة مؤقتة (كمليك).
وقال إن الخروج من تركيا إلى سوريا ليس أمرًا سهلًا، مضيفًا، “حاولت أن أسلّم نفسي للجندرما التركية من أجل تسفيري إلى سوريا ولم يفعلوا ذلك، وكأن لديهم تعليمات بعدم خروج أو دخول أي شخص من وإلى تركيا”.
وشرح بركات لعنب بلدي الطريقة التي عاد بها، والتي تمثلت بإيصاله إلى نقطة حدودية عند قرية هتيا من الجانب التركي من قبل المهرب، الذي نصحه أن يدّعي أنه يريد الدخول إلى تركيا من سوريا، كي يقبض عليه الجنود الأتراك ويعيدوه إلى سوريا.
الضابط التركي المسؤول في المنطقة رفض في البداية إرسال بركات إلى سوريا، ثم سمح له بالعودة.
ودفع بركات لقاء هذه العملية 100 دولار أمريكي (130 ألف ليرة سورية تقريبًا)، ما اعتبره أقل من المطلوب لو كان الشخص يريد دخول تركيا من سوريا، وذكر أن هذا المبلغ يُدفع للمهرب لخدمة الإرشاد إلى نقطة حيث يمكن للأتراك أن يرسلوا الأشخاص إلى سوريا، إضافة إلى تكلفة إحضار الشخص الذي يريد العبور ونقله بالسيارة من مكان إقامته.
بحسب بركات فإن منطقة هتيا تمتلئ بالسوريين المقيمين في تركيا منذ سنوات، والذين يريدون العودة إلى سوريا عن طريق كسر بطاقات الحماية المؤقتة الخاصة بهم، وذلك خوفًا من الإصابة بفيروس “كورونا”، ولتراجع فرص العمل إثر الإجراءات التركية المتخذة لمنع انتشار الفيروس.
وأشار إلى أن الأتراك على علم بالأمر وبالطريقة، ولا يرسلون الشخص إلى الجانب السوري إلا في حالات معينة، أو بحسب الضابط المسؤول.
المعابر “تحت السيطرة”.. من أين يمر طريق التهريب؟
تواصلت عنب بلدي مع مسؤول “إدارة المعابر” في إدلب التابع لـ “حكومة الإنقاذ”، سعيد الأحمد، للوقوف على الأمر، ومعرفة دور المعابر في ضبط حركة التهريب، ليؤكد أن المعابر التي يشرفون عليها تحت السيطرة، وتُطبّق فيها الإجراءات الوقائية بشكل مشدد.
ويوضع المرحّلون من تركيا، وفق الأحمد، بحجر صحي مبدئي لمدة 14 يومًا بغية التأكد من سلامتهم وعدم حملهم للفيروس، أما فيما يتعلق بموضوع التهريب، فالجانبان، السوري في “المناطق المحررة” والتركي لديهما إجراءات مشددة جدًا بهذا الصدد.
ونفى الأحمد ما يقال عن دخول بعض السوريين من تركيا إلى الشمال السوري، “فهؤلاء إما كانوا في مناطق درع الفرات الواقعة تحت سيطرة الأتراك (ريف حلب الشمالي) ودخلوا بطريقة التهريب، أو أنهم أطباء ودخلوا تركيا وعادوا”.
وأكد خروج هذه الفئات ودخولها عبر معبر “باب السلامة” المفتوح في ريف حلب، فكل يومين أو ثلاثة يدخل الأطباء ليعودوا مرة أخرى، بحسب الأحمد.
وقال الأحمد، “إن حالات التهريب التي ينتشر الكلام عنها هنا وهناك لا يمكن وقوعها من منطقة إدلب”، بسبب التدابير المشددة المتخذة من حراسة، وتفتيش، ورقابة، ومتابعة في المناطق الحدودية.
وفيما يخص معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا في ريف إدلب، فإن الاجراءات الصحية للدخول والخروج “لا لبس فيها أبدًا لكلا الطرفين”.
أما مناطق ريف حلب الشمالي، فيقول الأحمد إنه يمكن الدخول إليها بقطع الحدود بطرق ملتوية، ومن هناك يمكن أن يحصل تهريب.
ولم يتسنّ لعنب بلدي التواصل مع الجهات المعنية بضبط الحدود في ريف حلب الشمالي، لكن الحالات التي رصدتها تركزت في ريف إدلب.
تدابير وقائية في المعابر ولكن.. ما رأي “الترصد الوبائي”؟
مدير مخبر مركز “الترصد الوبائي” بإدلب، محمد شهم مكي، أكد لعنب بلدي أنه من الممكن أن يدخل الأشخاص إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة بشكل غير رسمي عن طريق التهريب، وغالبًا ما يكون دخولهم بشكل رسمي عن طريق معبر “باب الهوى”.
والتأثير السلبي الذي يمكن أن يحدثه الداخلون إلى سوريا من تركيا بشكل غير رسمي، من ناحية إمكانية نقلهم فيروس “كورونا”، هو الخطورة المتمثلة بأن لا يطبق عليهم الحجر الصحي لمدة 14 يومًا، وبالتالي قد يكونون حاملين للفيروس وينقلونه دون ظهور أعراضه عليهم، وبالتالي ينشرون المرض في الداخل السوري.
أما العائدون من تركيا والداخلون من معبر “باب الهوى” بشكل رسمي، فإنهم يحجرون فيه لمدة 14 يومًا كما هو مفترض، لكن بحسب مكي، أحيانًا يكون هناك خلل بخصوص هذا الحجر ولا يطبق بالشكل الصحيح.
نتائج سلبية
تحدث مدير مخبر مركز “الترصد الوبائي” عن عدد التحاليل الخاصة بالكشف عن فيروس “كورونا” التي أٌجريت لديهم في المركز حتى إعداد هذا التقرير، والتي وصلت إلى 293 تحليلًا، وخرجت كلها بنتائج سلبية.
وتقتصر فحوصات الكشف في مناطق سيطرة المعارضة على جهاز واحد في مخبر “الترصد الوبائي”، رغم وجود نحو أربعة ملايين شخص في المنطقة.
وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارك لوكوك، في 29 من نيسان الماضي، إن قدرة الاختبار لا تزال محدودة للغاية في سوريا مع وجود مركز واحد في إدلب، وذلك خلال كلمته في مجلس الأمن بشأن الحالة الإنسانية في سوريا.
بينما بلغ عدد المصابين بالفيروس في مناطق “الإدارة الذاتية” ثلاثة أشخاص، بحسب ما أعلنته “هيئة الصحة” التابعة لها.
ووصل عدد حالات الإصابة بالفيروس في مناطق سيطرة النظام إلى 43 حالة، توفيت منها ثلاث حالات، وشُفيت 21 حالة، وفق وزارة الصحة في حكومة النظام.
وكانت السلطات في شمال غربي سوريا أغلقت جميع المعابر الواصلة مع مناطق سيطرة النظام السوري، إلى أن تمكنت “هيئة تحرير الشام” من فتح معبر معارة النعسان- ميزناز مؤخرًا، رغم معارضة الأهالي.
أُعدت هذه المادة بالتعاون مع مراسل عنب بلدي يوسف غريبي
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :