سقط الجسر المعلّق وانهارت معه ذكريات ثمانين عامًا لأبناء مدينة دير الزور شرقي سوريا، مع سقوط قذائف لقوات النظام، في 2 من أيار 2013، أضرت بدعامته الثالثة، لكن المعلّق التي طالما تلاعبت مياه الفرات تحته أبى إلا أن يعانقها بعد انهياره.
لم تستهدفه مدفعية قوات النظام السوري في يوم سقوطه فحسب، إذ تعرض لعدة قذائف سابقة أدت إلى تضرره وانقطاع بعض الكابلات الحديدية التي تحمله، وميلانه.
وشهد المعلّق مظاهرات لأبناء المدينة ضد النظام السوري ومرت فوقه العديد منها، في تحدٍّ لأجهزة الأمن، حيث يجاوره فرع الأمن السياسي ومنزل المحافظ.
ذكريات متظاهري دير الزور الذين ثاروا على النظام السوري مع بقية مدن سوريا، امتزجت مع تاريخهم في مقارعة القوات الفرنسية خلال فترة الاحتلال الفرنسي لسوريا بين عامي 1920 و1946.
والثاني هو التاريخ الذي أفشل فيه محمد علي أبو محمود، وهو أحد أبناء المدينة، محاولة الفرنسيين نسف الجسر قبل انسحابهم وقطع الفتيل المتفجر، وحافظ على أحد أشهر معالم المدينة، وفق الحادثة التي يتناقلها أهالي دير الزور.
لكن أحدًا لم يستطع منع قذائف النظام التي استهدفته خوفًا من سيطرة مقاتلي “الجيش الحر” بسبب أهميته الاستراتيجية، فانهار جسم الجسر بشكل كامل، وبقيت بعض دعاماته.
لم يكن له مثيل إلا في فرنسا
بُني الجسر عام 1925 من قبل “الشركة الفرنسية للبناء والتعهدات”، بإشراف المهندس الفرنسي مسيو فيفو، على مدى ست سنوات، بطراز حديث في ذلك الوقت، ولم يكن له نظير إلا جسر معلّق واحد في جنوبي فرنسا.
وكان أبناء المدينة الرافد الأساسي للعمل، وتوفي عدد منهم خلال البناء، خاصة في مرحلة إنشاء الأعمدة الإسمنتية.
يستند الجسر على أربع قواعد ينبثق عنها أربع ركائز بطول 25 مترًا لكل ركيزة، كما يبلغ طوله 476 مترًا وعرضه أربعة أمتار، وارتفاعه 36 مترًا، وأُنير لأول مرة في أربعينيات القرن الماضي، ليغدو مقصدًا لأهالي المدينة وزوارها، إذ أُضيف إليه جمال انعكاس بريقه على مياه الفرات.
وحتى عام 1980، بقي الجسر المعلّق المعبر الوحيد الواصل بين الريف والمدينة، إذ أنشأ النظام جسرًا موازيًا له سُمي بجسر السياسية، ولا يبعد عن المعلّق سوى مسافة قصيرة.
خوف من السير عليه
تخوّف أهالي المدينة من السير على الجسر بداية إنشائه، بسبب كثرة اهتزازه خاصة مع عبور السيارات عليه، ما دفع المهندس الفرنسي إلى المغامرة، ليثبت للأهالي سلامة الجسر، وركب في قارب مع عائلته وتوقف تحت الجسر تمامًا، وطلب أن تسير ثماني سيارات دفعة واحدة فوق الجسر المعلّق، فمرت السيارات بأمان وتيقّن الأهالي من أمان الجسر.
وبقيت السيارات تسير على الجسر حتى إنشاء جسر السياسة الموازي له عام 1980، ومُنعت بعد ذلك للحفاظ عليه.
–