هل تنفّذ روسيا عملًا عسكريًا يستهدف طريق حلب- اللاذقية؟
عنب بلدي – روزنة
لا يزال مصير تسيير الدوريات المشتركة بين روسيا وتركيا على طريق حلب- اللاذقية الدولي (M4) مجهولًا، في ظل عدم تمكّن روسيا من تسيير دورياتها مع تركيا.
ويقضي اتفاق “موسكو” الموقّع، في 5 من آذار الماضي، بين روسيا وتركيا، بتسيير دوريات مشتركة بين قريتي الترنبة شرق إدلب وعين حور بريف إدلب الجنوبي الغربي، بدءًا من 15 من آذار الماضي.
وواجهت الدوريات المشتركة على الطريق الدولي رفضًا من قبل ناشطين وعسكريين اعتصموا على الطريق، ومنعوا مرور القوات الروسية.
واستطلع برنامج “صدى الشارع“، المذاع عبر راديو “روزنة”، آراء عدد من المتابعين حول احتمالية عمل عسكري روسي يستهدف جنوب طريق حلب- اللاذقية الدولي، كما استضاف اختصاصيين لمناقشة الموضوع.
وطرح البرنامج على المستمعين السؤال التالي: “هل تتوقع عملًا عسكريًا روسيًا يستهدف جنوب طريق حلب- اللاذقية؟ ولماذا؟”، واستقبل تعليقاتهم حوله.
اتفاق “موسكو”
تسيّر تركيا دوريات بشكل منفرد في الوقت الحالي، ما يعني عمليًا إفساح المجال أمام روسيا للقول، إن أهم بنود اتفاق “موسكو” الأخير حول إدلب لم يُنفّذ.
ويقتصر تسيير الدوريات المشتركة بين الروس والأتراك على مسافات مختصرة، وكان أحدثها الدورية الرابعة بين قرية الترنبة وبلدة النيرب جنوب شرقي إدلب، في 15 من نيسان الحالي.
واتهمت وزارة الدفاع الروسية ما أسمتها “المجموعات الإرهابية” بعرقلة الاتفاق، واتخاذ المدنيين “دروعًا بشرية”، لمنع مرور الدوريات.
وقالت إنها منحت تركيا وقتًا إضافيًا من أجل “تصفية الإرهابيين، وتوفير الظروف الآمنة لتسيير الدوريات على طريق (M4)”.
وينص اتفاق “موسكو” على تسيير دوريات مشتركة على طول طريق “M4″، فضلًا عن إنشاء ممر آمن في محيط الطريق بعمق ستة كيلومترات شمالًا وجنوبًا، وهو ما يفتح باب الاحتمالات أمام تصعيد عسكري في المناطق المحيطة بالطريق، وتحديدًا جنوب الطريق.
وجاء الاتفاق على خلفية التصعيد الأخير الذي شهدته إدلب، وبلغ ذروته بعد مقتل جنود أتراك أواخر شباط الماضي، إثر قصف لقوات النظام على منطقة “خفض التصعيد”.
الموقف الروسي
في اتصال هاتفي مع برنامج “صدى الشارع”، قال الكاتب والباحث زكريا ملاحفجي، “لا أعتقد أن يحصل تصعيد دولي، علمًا أن النظام السوري يحشد قواته مع ميليشيات إيرانية في هذه المنطقة”.
وأضاف، “تزامن حشد القوات مع زيارة وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إلى دمشق، إذ سلط الإعلام الضوء على زيارته بشكل كبير، وكثير من المعلومات تحدثت أن زيارته كانت رسالة واضحة للنظام لمنع أي تصعيد في هذه المنطقة”.
وأوضح الباحث سبب استبعاده حصول تصعيد دولي، بأن روسيا الآن في مرحلة تفاهمات مع تركيا، بالتزامن مع إنشاء نقاط مراقبة جديدة.
وأنشأ الجيش التركي نقطة مراقبة عسكرية جديدة في قرية الكفير جنوب جسر الشغور، أي شمال طريق “M4″، معززًا وجوده في المنطقة، وهذا يعطي “إشارة واضحة إلى أن النظام يرغب بالتصعيد”، وفقًا للباحث زكريا ملاحفجي.
وأردف، “روسيا ليست بصدد التصعيد في الوقت الحالي، فهناك تفاهمات ومصالح، لذلك لن يحدث تصعيد على المدى القريب، خاصة أن فيروس (كورونا المستجد) ينتشر بالعالم، والتصعيد غير المدروس ستكون عواقبه كارثية”.
أما الكاتب والمحلل السياسي طه عودة أوغلو، فرأى أن روسيا حاولت إبراز نجاحها في سوريا، لكنها حاليًا محاصرة من قبل دول أوروبية.
الموقف التركي
عززت تركيا وجودها العسكري في المنطقة خلال الأيام الماضية، وأنشأت ثلاث نقاط مراقبة جديدة في كل من قرى بداما والناجية والزعينية بريف جسر الشغور الغربي.
واستقدم الجيش التركي خمسة أرتال، ضمت آليات ثقيلة ودبابات ومعدات لوجستية وجرافات.
وبلغ عدد نقاط المراقبة في الشمال السوري 46 نقطة.
وارتفع عدد الآليات التي دخلت إدلب منذ اتفاق وقف إطلاق النار، في 5 من آذار الماضي، إلى أكثر من ألف و500 آلية.
وقال الكاتب والمحلل السياسي طه عودة أوغلو، إن حملة قوات النظام والروس والميليشيات الإيرانية على المنطقة دفعت تركيا للبدء بعملية “درع الربيع”، وجاءت العملية بعد مقتل عدد كبير من الجنود الأتراك.
وأضاف، “تركيا تعلم أن الاتفاق المبرم بين أنقرة وموسكو لن يصمد طويلًا، وتعي أن النظام لن يصبر على عدم خرق الهدنة”.
وتابع، “على الرغم من الهدوء النسبي في الأسابيع الماضية، حصلت خروقات كبيرة من قبل قوات النظام، وكانت هناك تعزيزات وحشود كبيرة من الميليشيات الإيرانية”.
وبيّن أن تركيا تحاول قدر الإمكان الوصول إلى نهاية الطريق مع روسيا، فيما بتعلق بتنفيذ الاتفاق، وفيما يتعلق بالطرق الدولية “M4″ و”M5”.
وثبّت الجيش التركي نقطتين جديدتين مطلع الأسبوع الحالي في جسر الشغور غرب إدلب، في إطار عمليات الانتشار في محيط طريق إدلب- اللاذقية.
وتمركزت القوات التركية في قريتي المسيفرة وتل خطاب قرب الحدود الإدارية مع محافظة حماة جنوبي جسر الشغور.
عرقلة الاتفاق
يُعتبر وجود تنظيمات على امتداد طريق حلب- اللاذقية الدولي أمرًا “إشكاليًا”، لا سيما أنها تسيطر على مناطق قريبة من الطريق الدولي.
وحول إمكانية استخدام تركيا نفوذها، ومنع تمدد الروس لمناطق أخرى بحجة التنظيمات، قال الكاتب والباحث زكريا ملاحفجي، إن هناك تنظيمين إشكاليين هما “حراس الدين” و”التركستان”، وهما مجموعات ليست كبيرة.
وصعّد “حراس الدين” من لهجته حول الوجود التركي حاليًا في الأوتوستراد الدولي، ولكن الأمور “تتجه نحو إبعاده من المنطقة، بدفع من قوى سورية، وطبيعة حال الوجود التركي”.
وبيّن الباحث أن تركيا ليس من استراتيجيها الاصطدام المباشر، بل ستحاول إبعاد هؤلاء المقاتلين بشكل ناعم وبمساعدة القوى السورية الموجودة، وقد يكون عبر تفاهمات أو أي طريقة أخرى.
وفي بداية نيسان الحالي، تصاعدت الاستفزازات التي تعوق تسيير الدوريات المشتركة، وفق ما نص عليه اتفاق “موسكو” الموقّع بين تركيا وروسيا.
وتعرّض جسر الكفير الغربي الواقع على الطريق الدولي إلى تفجير، ما أسفر عن تدمير جزء منه وخروجه عن الخدمة.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير، الذي يهدف إلى إعاقة حركة الدوريات المقرر تسييرها على الطريق.
وسبق أن تعرض الطريق الدولي للتخريب، تزامنًا مع تسيير روسيا وتركيا دوريات مشتركة على الطريق وفقًا لاتفاق “موسكو”.
ويعدّ هذا التفجير الثاني الذي يستهدف فيه مجهولون الجسور الواقعة على الطريق الدولي، بعد تفجير بلدة محمبل قبل أيام عدة.
مستقبل “M4”
انتقدت عدة جهات عسكرية وسياسية سورية معارضة منع تسيير الدوريات المشتركة، لأنه سيكون ذريعة للقوات الروسية لاستمرار عملياتها العسكرية، وبالتالي العودة إلى قصف المناطق المدنية، ومزيد من التهجير دون أي رادع دولي.
وقال الكاتب والمحلل السياسي طه عودة أوغلو، إن أي حل في سوريا سيكون حلًا سياسيًا تحت مظلة الأمم المتحدة.
وأضاف أن كلا الطرفين (روسيا وتركيا) بحاجة للآخر في المرحلة الحالية، إضافة إلى الحضور الأمريكي الكبير على الساحة الدولية.
وعن مستقبل المناطق المحيطة بالطريق الدولي “M4″، توقع أن تشهد الفترة المقبلة وضعًا مختلفًا في إدلب فيما يتعلق بفصائل مسلحة تعتبرها روسيا “إرهابية”.
وتحدث عودة أوغلو أن اجتماع أنقرة قبل أسابيع ناقش وجود الفصائل المسلحة، لإزالة “الذريعة التي تتحجج بها روسيا، بوجود جماعات مسلحة تنفذ عمليات إرهابية في قاعدة حميميم الروسية”.
أما بالنسبة لتركيا، فمن المهم حل أزمة النازحين في الداخل (إدلب)، وهذه النقطة التي تحاول أنقرة إيجاد حل لها خلال الأيام المقبلة، وفقًا للمحلل السياسي.
وأظهرت نتائج الاستطلاع الذي أجراه برنامج “صدى الشارع”، على “فيس بوك”، أن 58% من المشاركين توقعوا عملًا عسكريًا روسيًا على جنوب طريق حلب- اللاذقية الدولي (M4)، بينما رأى 42% أنه من غير المتوقع حدوث عمل عسكري.
أُعدت هذه المادة ضمن اتفاقية التعاون بين صحيفة عنب بلدي وراديو روزنة.
أُعدت هذه المادة ضمن اتفاقية التعاون بين صحيفة عنب بلدي وراديو روزنة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :