قال وزير الاقتصاد السوري السابق وحاكم مصرف سوريا المركزي الأسبق، أديب ميالة، إن مدخرات رجال الأعمال السوريين في لبنان كانت ستُسخّر لمرحلة إعادة الإعمار في سوريا.
وأشار ميالة خلال مقابلة مطولة مع إذاعة “نينار” المحلية بُثت اليوم، الاثنين 27 من نيسان، إلى “ارتباط وثيق بين الاقتصادين السوري واللبناني على صعيد الأرصدة البنكية والاستثمارات”.
واعتبر ميالة أن الأزمة اللبنانية أثرت بشكل كبير على سوريا من ناحية تجميد الأرصدة السورية في لبنان، خاصة مع التشابك الكبير بين المصارف السورية واللبنانية.
وخلال المقابلة، تحدث ميالة عن الوضع الحالي للاقتصاد السوري وأسباب تراجع قيمة الليرة، ودور روسيا وإيران في دعم الاقتصاد المحلي.
الاقتصاد السوري.. محلك سر
اعتبر ميالة أن الدعم الروسي والإيراني بالدرجة الأولى، والصيني والهندي بالدرجة الثانية، والمساعدات والتسهيلات الاقتصادية، ساعدت النظام على الوقوف في وجه الأزمة الاقتصادية.
في المقابل، تهرب ميالة من الإجابة بشكل صريح عن سؤال وصول الاقتصاد السوري إلى “مرحلة الانهيار لولا روسيا وإيران”، وربط بين “الصمود الاقتصادي والعسكري”، مرجعًا كل ما حصل في سوريا إلى إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، ومعتبرًا أن قطر والسعودية وتركيا “أدوات رخيصة” في أيديهما.
ونفى ميالة أن تكون الاستعانة “بصندوق النقد الدولي” حلًا لأزمات الاقتصاد السوري، إذ اعتبر أن الولايات المتحدة والقوى الكبرى تسيطر بشكل مباشر عليه، وبالتالي فالصندوق لا يريد الدفع بإلغاء العقوبات.
وربط ميالة كل الأزمات الحالية التي يمر بها الاقتصاد بالعقوبات المفروضة على النظام السوري، كما أن انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار سببه توقف عجلة الإنتاج بسبب الحرب، فلا للإخفاقات الحكومية ولا للنظام علاقة في هذا الأمر.
وعن فرق سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية بين السوق السوداء والمصرف المركزي، قال ميالة إن الأمر يعود إلى تقاطعات العرض والطلب على الدولار.
وعن الحلول الاقتصادية المتاحة، أجاب أنها “ستوجد بشكل آلي” عندما تنتهي الحرب، ومن هذه الحلول إلغاء صفر أو صفرين من العملة.
كما أكد ميالة أن ارتفاع قيمة العملة يحتاج إلى موارد بالقطع الأجنبي وصادرات كبيرة وناتج قومي ضخم، وعندما تتحقق هذه الشروط يتحسن الاقتصاد.
وبرأي ميالة فإن دوران عجلة الإنتاج وعودة الحركة الاقتصادية كما كانت بما يسهم برفع قيمة الليرة السورية، يجب أن تعتمد على تخفيف وإلغاء كل القيود التي وضعتها الحكومة بسبب الحرب وبعد رفع العقوبات.
الأزمة اللبنانية تؤثر على إعادة الإعمار
وقال ميالة في لقائه، إن الأزمة اللبنانية “وليدة تراكمات وسياسات قديمة” أدت إلى أزمة مديونية الدولة بشكل كبير جدًا.
وتساءل ميالة، “هل لدى مصرف لبنان كتلة من النقد الأجنبي تعادل هذه المديونية؟ لا. وبالتالي هناك أزمة ثقة عالمية في لبنان الذي توقف عن دفع سندات مستحقة عالميًا”.
وهذا ما أدى، بحسب ميالة، إلى فقدان الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني، كما أشار إلى أن الأموال اللبنانية الموجودة في الخارج ليست ملك المصرف، لذا لا يحق له التصرف بها لحل أزمته.
وأوضح ميالة أن الحل في لبنان هو زيادة رؤوس أموال المصارف، وبالتالي زيادة السيولة، وعندها يستطيع أي مصرف سداد طلبات المودعين.
والحل الثاني الذي اقترحه، هو شراء أثرياء لبنان حصصًا في المصارف، وبالتالي أيضًا زيادة السيولة، مع عجز الحكومة اللبنانية عن اتخاذ أي إجراء لغياب أي سيولة.
من هو أديب ميالة
من مواليد درعا عام 1955، حاصل على درجة الإجازة في الاقتصاد من جامعة دمشق عام 1981، إضافة إلى درجة الدبلوم والدكتوراه في الاقتصاد اختصاص علاقات دولية عام 1991 من جامعة “آكس أون بروفانس” في فرنسا.
كما حصل على دبلوم دراسات معقمة في النقود والمصارف والتمويل، ودبلوم دراسات معمقة في الاقتصاد الكلي التطبيقي من الجامعة نفسها.
وتولى منصب حاكم مصرف سوري المركزي لمدة 11 عامًا، منذ 2005، قبل أن يعيّن دريد درغام بدلًا عنه في 2016، ويعيّن هو وزيرًا للاقتصاد لمدة عام واحد قبل إعفائه من قبل رئيس النظام، بشار الأسد.
وعقب إقالته، طالب سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي بمحاكمته كونه مسؤولًا عن تدهور الليرة السورية وخاصة خلال سنوات الحرب الماضية، إذ وصل سعر الصرف في أثناء حكمه للمصرف إلى 550 ليرة، وسط وعود متكررة من ميالة بتحسين السعر.
لكن ميالة تهجم على سياسات حاكم المصرف الجديد بعد إقالته، واعتبر أن قراراته “ارتجالية وتدل على عدم المعرفة بالشيء”.
–