عنب بلدي – خاص
يعاني نازحو مخيم “الركبان” ظروفًا إنسانية قاسية، ويفتقدون إلى احتياجات أساسية للمعيشة والرعاية الصحية، وازدادت معاناتهم بعد منع روسيا إدخال مساعدات غذائية إلى المخيم بوساطة الأمم المتحدة، ورفض الأردن تقديم أي دعم عبر أراضيه.
فشلت الأمم المتحدة في تمرير شحنة من المساعدات الغذائية إلى نازحي مخيم “الركبان” الواقع على الحدود السورية- الأردنية.
ونظمت هيئة العلاقات العامة والسياسية في مخيم “الركبان” وقفة احتجاجية، في 25 من نيسان الحالي، احتجاجًا على إيقاف المساعدات التي كانت ستقدم لأهالي المخيم ومنطقة “55”.
وفي حديث إلى عنب بلدي، قال رئيس هيئة العلاقات العامة والسياسية في البادية السورية، شكري الشهاب، إن “الضغط الروسي تسبب بإيقاف إدخال المساعدات إلى المخيم”.
وأضاف، “كنا نتفاوض على طريقة العمل لإدخال المساعدات، ولكن تفاجأنا بتوقف المساعدات والانسحاب من أطراف (منطقة الـ55) إلى دمشق، ونتواصل مع ممثلي الأمم المتحدة لإعادتها لكن دون استجابة”.
وكان ممثلو الأمم المتحدة ووجهاء وممثلون عن مخيم “الركبان” اتفقوا على إدخال ألفين و300 حصة إغاثية إلى المخيم مبدئيًا، قبل أن ترفض القوات الروسية إدخال المساعدات، بحسب الهيئة المشرفة على المخيم.
وشملت المفاوضات أيضًا منح مساعدات لمناطق قريبة من المخيم في البادية السورية، كالزرقا والحقل اللتين يقطنهما مدنيون.
وبعد فشل إدخال المحادثات، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ إزاء تدهور الوضع الإنساني في مخيم “الركبان” بسبب نقص المساعدات الغذائية والطبية المقدمة للنازحين.
ارتفاع أسعار المواد الغذائية
يخضع مخيم الركبان إلى حصار خانق، منذ شباط الماضي، ويتراوح عدد النازحين فيه بين ثمانية وتسعة آلاف شخص، بحسب رئيس هيئة العلاقات العامة والسياسية في البادية السورية، شكري الشهاب.
ويعاني قاطنو المخيم من شح في المواد الغذائية، وفي حال توفرت تكون أسعارها مرتفعة جدًا، إذ يبلغ سعر كيلو السكر ألفًا و200 ليرة سورية (قرابة دولار) مقارنة بنحو 500 ليرة في دمشق.
ويصل سعر كيس الطحين الأسمر إلى 40 ألف ليرة، والأبيض 55 ألف ليرة سورية، في حين لا يقل سعر كيلو الخضار بأنواعها عن ألف و600 ليرة سورية.
وتدخل المواد الغذائية إلى المخيم عبر مناطق سيطرة النظام من ريف السويداء الشرقي وريف دمشق، عن طريق بعض المهربين والمستفيدين أو عن طريق ضباط من النظام مقابل مبالغ، بحسب ما ذكره الناشط الإعلامي سعيد سيف، لعنب بلدي.
وأضاف، “حتى لو توفرت المواد الغذائية، فلا قدرة لقاطني المخيم على شرائها، كونهم لا يمتلكون الدخل، ولا يمتهنون أي أعمال صناعية أو تجارية داخل المخيم، التي تكون حكرًا على بعض التجار”.
ويفتقر المخيم إلى توفر العدس والأرز والمواد الأساسية الأخرى المستخدمة في الطهي والخضار والفواكه، وغالبًا ما تكون تلك المواد مخزنة، ولذلك تصل إلى المخيم شبه فاسدة.
موقف الأردن
رفض الأردن تقديم أي مساعدة للنازحين في مخيم “الركبان” عبر أراضيه، بحجة وجوده في أراضٍ سورية ولا علاقة للأردن به، بحسب بيان لوزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي.
ونشر الصفدي البيان عبر حسابه على “تويتر”، بعد محادثات أجراها مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، في 20 من نيسان الحالي.
وقال الصفدي إن “الركبان ليس مسؤولية الأردن، إمكانية تلبية احتياجاته من داخل سوريا متاحة، أولويتنا صحة مواطنينا، نحن نحارب كورونا ولن نخاطر بالسماح بدخول أي شخص من المخيم”.
وعن موقف الأردن، قال رئيس هيئة العلاقات العامة والسياسية في البادية السورية، شكري الشهاب، إن المساعدات عبر الحدود الأردنية متوقفة منذ سنتين، وحاليًا تقتصر على تقديم الماء فقط.
وأغلقت الحكومة الأردنية حدودها، في آذار الماضي، في ظل إجراءاتها الاحترازية لمنع تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وصار من المتعذر وصول قاطني المخيم إلى العيادة الطبية التي تدعمها الأمم المتحدة على الجانب الأردني من الحدود.
معاناة الحوامل
رغم انتهاء معاناة النساء الحوامل في مخيم “الركبان”، لكنها “حالات متجددة”، أي إنه شهريًا قد تصل نساء جدد إلى شهر الولادة، بحسب ما قاله رئيس هيئة العلاقات العامة والسياسية في البادية السورية.
وقال رئيس الهيئة إن ست نساء من اللاتي كن بحاجة إلى ولادة قيصرية غادرن إلى مناطق سيطرة النظام عن طريق “الهلال الأحمر السوري”، مضيفًا، ”للأسف تُركن ليواجهن مصيرًا مجهولًا مقابل إنقاذ حياتهن”.
ووضعت امرأتان حاملتان طفليهما في قاعدة “التنف” المحاذية للمخيم شرقي سوريا، التي تديرها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، في حين ولدت امرأتان طبيعيًا داخل المخيم.
وكانت الحالات الطبية الطارئة وحالات الولادة الحرجة تدخل إلى الأردن عن طريق مفوضية الأمم المتحدة، إلا أن الأردن علّق جميع عمليات الدخول ضمن إجراءاته لمواجهة “كورونا”، كما أغلقت جميع مراكز المفوضية الأممية أبوابها في المخيم.
وتسبب إغلاق النقاط الطبية في المخيم بزيادة المخاوف من تفشي “كورونا” بين النازحين، وقال الناشط الإعلامي سعيد سيف، في حديث سابق لعنب بلدي، “لا نستطيع أن نجزم حول وجود إصابات بالفيروس في المخيم من عدمه، بسبب غياب الأطباء واختبارات الكشف”.